«هرم النشاط البدني».. الصعود إلى قمة الرشاقة والصحة

يضم مستويات متفاوتة من التمارين الرياضية

TT

تركز الدراسات الغذائية في العالم على تنمية وتنشيط الوعي لتناول الأغذية الصحية بهدف خفض المعدل العالمي المتزايد لانتشار الأمراض المرتبطة بالتغذية غير الصحية، ومن بينها السمنة وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الدهون في الدم واعتلال وظائف الكبد والإمساك والتهاب المفاصل وضعف الذاكرة والسرطان وغيرها من أمراض المدنية الحديثة.

لذلك حاول العلماء إيجاد وسيلة مبسطة توضح بسهولة قواعد التغذية الصحية. واتفقت المؤتمرات العلمية على أن «الهرم» هو أفضل شكل يمكن استخدامه كدليل غذائي ناجح لنشر قواعد التغذية الصحية في أنحاء العالم.

وهكذا أصبح «الهرم» هو لغة العالم في القرن الجديد لفهم وتطبيق التغذية الصحية، وقد ظهر حتى الآن أكثر من 15 هرما للتغذية الصحية في مناطق مختلفة من العالم، منها أهرامات خاصة بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وآسيا وأميركا اللاتينية، بالإضافة إلى بعض الدول مثل الولايات المتحدة والمكسيك والفلبين وبعض المناطق في العالم التي يتمتع سكانها بصحة جيدة وطول العمر، مثل الهرم الخاص بسكان جزيرة كريت في اليونان وجزيرة أوكيناوا في اليابان، كذلك ظهر هرم للتغذية النباتية، وهرم للمطبخ الصحي، وهرم يتحدث إلى الأطفال عن تغذيتهم الصحية، وآخر يوضح لكل طفل أنواع المشروبات الصحية.. كما ظهر أيضا العمود اليوناني والمعبد الصيني لنشر ثقافة وقواعد الوجبة الصحية في هذه المناطق من العالم.

* هرم النشاط البدني

* ولقد أظهرت أهرامات التغذية بعض أسرار الوجبات الغذائية التي كانت سائدة في الحضارات القديمة عبر التاريخ، وكان لها أفضل تأثير على صحة وسلامة ورشاقة جسم الإنسان، وكان من المثير اتفاقها جميعا على أهمية ممارسة النشاط البدني اليومي كعامل أساسي للاستفادة من أي وجبة صحية في تحقيق الصحة والرشاقة. ونتيجة لهذا، قام معهد البحوث والتعليم الأميركي بإعداد هرم خاص بنظم الأنشطة البدنية اليومية يتكون من أربعة مستويات من الأنشطة، تتفاوت بينها في ثلاثة عوامل نقدمها في ما يلي:

* معدل أداء النشاط البدني: يقل معدل أداء النشاط البدني من القاعدة التي تحتل المساحة الأكبر إلى القمة التي تمثل أقل مساحة في الهرم، وهذا يعني أن النشاط البدني الموجود في المستوى الأول الذي يمثل قاعدة الهرم يجب ممارسته بأعلى معدل أداء في الأسبوع (يوميا)، ويقل هذا المعدل ليصل إلى 3 - 5 مرات أسبوعيا لأنشطة المستوى الثاني من الهرم، ثم يقل معدل أداء النشاط البدني ليصل إلى 2 - 3 مرات أسبوعيا لأنشطة المستوى الثالث من تركيب الهرم.

* المدة الزمنية لأداء النشاط البدني: تنخفض المدة الزمنية لأداء النشاط البدني كلما تم الارتفاع في طبقات الهرم من قاعدته إلى قمته، وهذا يعني زيادة المدة الزمنية في أداء أنشطة قاعدة الهرم عن بقية طبقاته، ثم تقل المدة الزمنية لتصبح 20 دقيقة على الأقل في أداء أنشطة المستوى الثاني لطبقات الهرم وهكذا.

* قوة وشدة النشاط البدني: تزداد قوة وشدة الأداء البدني كلما تم الارتفاع في مستويات الهرم من القاعدة إلى المستويين الثاني والثالث، لذلك ينخفض معدل الأداء والمدة الزمنية المطلوبة كلما تم الارتفاع في مستويات الهرم.. فأنشطة المستوى الأول تمارس يوميا بسبب ضعف قوتها وانخفاض شدتها، بينما تمارس أنشطة المستوى الثاني بمعدل أقل لزيادة قوتها وشدتها على أنشطة المستوى الأول.

* بين القاعدة والقمة

* وفي المستوى الأول (قاعدة الهرم) تجرى أنشطة بدنية مطلوب ممارستها يوميا:

- المشي مع استخدام الطرق الأطول مسافة.

- استخدام السلالم بدلا من المصعد.

- ترك السيارة الخاصة أو مغادرة وسيلة الانتقال العامة في موقع يبعد (بقدر الإمكان) عن المكان المقصود الوصول إليه لزيادة معدل المشي.

- ممارسة أعمال المعيشة اليومية باستخدام الوسائل اليدوية، كلما أمكن ذلك.

- كثرة الحركة مع ممارسة أعمال متنوعة خلال اليوم، تتطلب مزيدا من الحركة.

* المستوى الثاني

* هناك أنشطة بدنية تتطلب ممارستها بمعدل 3- - 5 مرات أسبوعيا، بشرط أن لا تقل مدة أداء النشاط البدني في المرة الواحدة عن 20 دقيقة:

- نزهة طويلة سيرا على الأقدام بسرعة 4 كيلومترات في الساعة، يستهلك خلالها الجسم نحو 220 سعر حراري.

- المشي السريع بسرعة 6 كيلومترات في الساعة، يستهلك خلاله الجسم نحو 350 سعر حراري.

- هرولة بسرعة 8 كيلومترات في الساعة، يستهلك خلالها الجسم نحو 480 سعر حراري.

- ممارسة رياضة التنس لمدة ساعة، يستهلك خلالها الجسم نحو 480 سعر حراري.

- ممارسة السباحة أو كرة القدم أو السلة أو تمارين الآيروبيك لمدة ساعة، يستهلك خلالها الجسم نحو 625 سعر حراري.

- ركوب الدراجة بسرعة 14 كيلومترا في الساعة، يستهلك خلالها الجسم نحو 480 سعر حراري.

- ركوب الدراجة بسرعة 20 كيلومترا في الساعة، يستهلك خلالها الجسم نحو 700 سعر حراري.

* المستوى الثالث

* وهنا تطلب ممارسة أنشطة بدنية بمعدل 2 - 3 مرات في الأسبوع:

- رياضة الجري بسرعة نحو 11 كيلومترا في الساعة، يستهلك خلالها الجسم نحو 625 سعر حراري.

- رياضة كرة اليد أو الكرة الطائرة.

- رياضة الراكيت.

- رياضة اليوغا.

- تمارين رياضية لمرونة وقوة الجسم، مثل تمارين الضغط على الأرض وتمرينات لعضلات الذراعين والكتفين عن طريق الانبطاح على الأرض ومحاولة الارتفاع عنها مرة بعد مرة استنادا إلى اليدين وأصابع القدمين، وغيره من تمرينات الجمباز والألعاب الرياضية (الجمينزيوم) التي يستهلك خلالها الجسم نحو 300 سعر حراري.

والملاحظ أن أنشطة المستوى الثالث تتضمن بعض التمرينات التي يقل فيها استهلاك طاقة الجسم، مقارنة بأنشطة المستوى الثاني، مثل تمارين المرونة والقوة (الجمباز وألعاب الجمينزيوم) التي تستهلك نحو 300 سعر حراري في الساعة، لأن ممارسة هذه الأنشطة لا يهدف أصلا إلى مجرد استهلاك مزيد من طاقة الجسم، بل إلى تحقيق مرونة وقوة العضلات التي تعتبر الماكينة التي تقوم بحرق السعرات الحرارية.. وبالتالي فهي أنشطة ترفع كفاءة أداء العضلات من أجل المحافظة على رشاقة الجسم.

* قمة الهرم

* المستوى الرابع يمثل قمة الهرم، أي أقل مساحة في تركيبه، وبالتالي فهو يحتوي على أساليب المعيشة التي يجب الإقلال من ممارستها يوميا، لأنها ذات نشاط بدني منخفض جدا.. وتتعارض كثرة القيام بها مع هدف الهرم من زيادة أداء النشاط البدني للجسم المطلوب للصحة والرشاقة.

ومن أمثلة الممارسات اليومية التي يجب الإقلال منها قدر الإمكان، استمرار الجلوس لأكثر من نصف ساعة متواصلة ومشاهدة التلفزيون وممارسة ألعاب الكومبيوتر، حيث إن الجسم لا يستهلك خلالها أكثر من 110 سعر حراري في الساعة.

إن ظهور هرم خاص بالنشاط البدني، مع وجود أهرامات التغذية الصحية لكل مناطق العالم، يوضح ضرورة التكامل المطلوب تحقيقه يوميا بين الحركة والتغذية ضمانا لصحة ورشاقة الجسم، مع التأكيد على أهمية ممارسة النشاط البدني الذي يدعو إليه الهرم وعدم التوقف عنه نهائيا، بحيث يصبح النشاط البدني من بين الأساليب المعتادة في المعيشة اليومية، شأنه في ذلك شأن الغذاء الصحي، ومن أمثلة هذا التكامل:

- الهرم الغذائي لدول منطقة البحر الأبيض المتوسط، الذي يضع النشاط البدني الدائم ضمن القواعد الأساسية لتكوين وجباته الصحية.

- العمود الغذائي اليوناني، الذي يضع النشاط البدني في قواعده الأساسية التي تهدف إلى التساوي بين الطاقة المتناولة من الوجبات الغذائية والطاقة التي يستهلكها الجسم.

- الهرم الغذائي لقارة آسيا، ويشترط ارتباط تناول وجباته الغذائية الصحية بضرورة ممارسة النشاط البدني الدائم يوميا حتى تتحقق فائدة الغذاء الصحي للجسم.

- الهرم الغذائي لأميركا اللاتينية، وأول طبقة في تكوينه تدعو إلى ممارسة النشاط البدني، وذلك قبل أن يقدم هذا الهرم تفاصيل غذائية عن كمية ونوعية مكونات وجباته الصحية.

- هرم التغذية النباتية، وتقوم قاعدته الأساسية على الدعوة لممارسة النشاط البدني للاستفادة من نظم التغذية النباتية في تحقيق الرشاقة.

* أبسط التمارين تعزز صحة العضلات والعظام

* تذكر دائما أنك تمتلك 620 عضلة في جسمك تحرك وتقود 206 قطع من العظام، وأن هذه المنظومة صممت من أجل الحركة والنشاط. وإذا لم تستخدم عضلاتك بالشكل الأمثل الذي خلقت من أجله، فسوف يعانى جسدك من العطب. فلنصعد سويا وبالتدريج طبقات هرم النشاط البدني، ولنبدأ خلال أولى طبقاته بممارسة أبسط أنشطته، مثل المشي واستخدام السلالم بدلا من المصاعد والاستغناء عن استخدام الريموت كنترول في تشغيل التلفزيون وغيره من الأجهزة المنزلية الأخرى، لزيادة فرصة الحركة داخل المنزل مع القيام بكل ما هو متاح من أعمال يدوية تساعد على مزيد من النشاط البدني، ثم نتابع طبقات الهرم المتتالية ونمارس كل أنشطتها بالتدريج بما يتوافق مع الحالة الصحية والبدنية لكل فرد، ليتمتع الجسم بفوائد أفضل وأضمن نظام غذائي للرشاقة والصحة.

* استشاري الجهاز الهضمي والكبد والتغذية العلاجية في كلية الطب بجامعة القاهرة