لبنان: مرض الانسداد الرئوي المزمن يفتك بأبنائه المدخنين

الدراسات الطبية تظهر ارتفاعا مقلقا في عدد المصابين به

TT

في بلد تصل فيه نسبة المدخنين إلى 60 في المائة، بينما يودي التدخين بحياة 3500 شخص هذا العام حسب منظمة الصحة العالمية، أظهرت أول دراسة لبنانية حول مرض الانسداد الرئوي المزمن التي أعلن عن نتائجها في اليوم العالمي لفحص قياس التنفس، أن 9 في المائة من سكان لبنان الذين تتجاوز أعمارهم 40 سنة يعانون من أمراض رئوية مزمنة، تشمل التهاب الشعب الهوائية والانسداد الرئوي، و14 في المائة من هؤلاء هم من المدخنين الحاليين أو السابقين، و80 في المائة منهم غير مدركين لإصابتهم بالمرض.

أرقام وحقائق تظهر الواقع الصحي في لبنان الذي تثبت الدراسات تدهوره يوما بعد يوم، لا سيما أن هذه الدائرة تتوسع لتشمل أمراضا عدة سببها الأساسي هو التدخين، ومن شأنها كلها أن تصب في خانة واحدة وهي الإصابة بالأمراض المزمنة والوفاة.

وفي هذا السياق يقول فؤاد جويدي، مدير شركة الأدوية الدولية «بورنغير إنغلهايم» في لبنان التي مولت هذه الدراسة، إن «نسبة التدخين عالية في لبنان، فهي أكبر بثلاث مرات من المعدل العالمي للتدخين، وذلك يعود إلى أسباب عدة أهمها غياب القوانين الرادعة وانخفاض سعر التبغ وغياب التوعية الكافية».

وعن هذه النتائج، فقد أشارت الرئيسة السابقة للجمعية اللبنانية للأمراض الصدرية الدكتورة ميرنا واكد، المشرفة الأساسية على الدراسة التي شملت 1728 شخصا، إلى أن «مرض الانسداد الرئوي المزمن يرتبط بشكل شبه كامل بالتدخين، ويسد تدريجيا القصبات الهوائية إلى درجة الاختناق في مراحل متقدمة، وهو أمر مميت، مع العلم بأنه من أكثر الأمراض التي يمكن تجنبها إذا تم تشخيصه مبكرا، وإن خضع المريض للعلاجات اللازمة».

دراسة مقارنة

* وفي مقارنة قامت بها الدكتورة واكد، التي ترأس قسم الأمراض الصدرية والعناية الفائقة في مستشفى القديس جاورجيوس في بيروت، والدكتور جورج خياط، رئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الصدرية، والدكتورة باسكال سلامة، الأستاذة في علم الأوبئة في الجامعة اللبنانية، عن النتائج المتوافرة من اختبارات قياس التنفس التي أجريت بين أكتوبر (تشرين الأول) 2009 وسبتمبر (أيلول) 2010، تبين وجود ارتفاع مقلق في نسبة انتشار المرض في المناطق اللبنانية، وهي: 14.2% في البقاع و10.6% في الجنوب و9.2% في بيروت و9.1% في جبل لبنان و6% في الشمال.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه من بين الأشخاص المصابين بمرض الانسداد الرئوي المزمن، هناك ما يقارب 67.9% من مدخني السجائر الحاليين أو السابقين و9.1% من مدخني النرجيلة الحاليين أو السابقين، في حين أن هناك 6.3% ممن لم يدخنوا أبدا من قبل. وتعتبر سلامة أن 80 في المائة من المصابين بهذا المرض سيصلون إلى نتيجة إيجابية إذا أقدموا على تغيير نمط حياتهم وخضعوا للعلاج المبكر في حال كانوا على بينة من حالتهم وتقيدوا بالإرشادات الطبية اللازمة.

ويقول جويدي إن 90 في المائة من أسباب الإصابة بالانسداد الرئوي المزمن تعود إلى التدخين، ومن ضمنه التدخين السلبي.

وتمنى خياط أن تحفز هذه الدراسة التي أعلنت نتائجها في اليوم العالمي لفحص قياس التنفس، الذي يصادف يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول)، المدخنين والمدخنين السابقين على إجراء الاختبار بغض النظر عما إذا يعانون أو لا يعانون من الأعراض.

الانسداد الرئوي

* ويعاني مريض الانسداد الرئوي المزمن عادة من السعال المتكرر وإنتاج البلغم في مراحله المبكرة، وضيق في التنفس خلال المشي حتى مسافة قصيرة أو القيام بمهام يومية بسيطة في الحالات المتقدمة. ويظهر المرض عادة عند المدخنين أو المدخنين السابقين الذين تزيد أعمارهم على 40 سنة. وفي هذا الإطار فقد أظهرت دراسة أميركية جديدة أنه يجب على هؤلاء الأشخاص الخضوع للاختبار الخاص بهذا المرض لا سيما قياس التنفس، بغض النظر عما إذا كانوا يعانون أو لا يعانون من الأعراض.

وقياس القدرة على التنفس هو اختبار الوظائف الصدرية الأكثر شيوعا الذي يقيس وظائف الرئة، وتحديدا كمية تدفق وسرعة الهواء الذي يمكن استنشاقه وإخراجه.

وليس بعيدا عن الواقع اللبناني أيضا، أظهرت دراسات منظمة الصحة العالمية أنه في حال لم ينخفض استهلاك التبغ، سيصبح مرض الانسداد الرئوي المزمن المسبب الثالث للوفاة في العالم بحلول عام 2020، علما بأنه يشكل حاليا المسبب الخامس.

أما عن الخطوات التي ستبنى على أساس نتائج هذه الدراسة التي نفذت بفضل منحة غير محدودة قدمتها «بورنغير إنغلهايم»، التي بدأت بنشر التوعية حول هذا المرض في لبنان في عام 2004 من خلال الحملات المختلفة التي تنطوي على المجتمع الطبي ووزارة الصحة العامة، فيلفت جويدي النظر إلى النشاطات الصحية السابقة التي قامت بها الشركة بالتعاون مع وزارة الصحة اللبنانية وجمعية أطباء الصدر، والتي تركزت على تقديم فحوصات مجانية وتوعية المجتمعات اللبنانية عبر وسائل عدة.