محطات صحية

د. عبير مبارك

TT

الاسترخاء لخفض ضغط الدم

* ارتفاع ضغط الدم أحد الأمراض المزمنة، والمنتشرة بشكل عالمي على نطاق واسع. وخطورة ارتفاع ضغط الدم تتمثل في المضاعفات والتداعيات التي تنشأ من ارتفاع قوة وتدفق الدم عبر الشرايين المغذية لأعضاء الجسم كافة، التي من أهمها القلب والدماغ والكلى والعينين والأطراف وغيرها. ولذا تتطلب حالة ارتفاع ضغط الدم العمل على خفضه لإبقاء مقدار الدم ضمن المعدلات الآمنة لسلامة الجسم وأعضائه.

وأولى خطوات العلاج تتمثل في التشخيص الدقيق والصحيح لوجود مشكلة ارتفاع ضغط الدم. ولأن قراءات ضغط الدم تتضمن أرقاما لعنصرين، علينا معرفة ما معنى كل منهما وما هو الطبيعي والمرضي منهما. ويُقاس ضغط الدم بوحدات «مليمتر زئبق». ولذا تكون قراءة القياس مثلا 120/ 80 مليمتر زئبق.

والرقم الأول 120، أو الرقم العالي، في قياس ضغط الدم يُدعى «ضغط الدم الانقباضي». أي مقدار الضغط عند انقباض القلب وضخه للدم من خلال الشرايين. ويوضع هذا الرقم في البسط. أما الرقم الثاني 80، أو المنخفض، في قياس ضغط الدم فيُدعى «ضغط الدم الانبساطي». أي مقدار ضغط تدفق الدم خلال الشرايين في فترة راحة القلب وعدم انقباضه.

ويُقسم الأطباء أنواع مراحل قراءات ضغط الدم إلى:

* مرحلة «ضغط الدم الطبيعي» normal. وهو ما يكون أقل من 120 للضغط الانقباضي، وأقل من 80 للضغط الانبساطي.

* مرحلة «ما قبل ارتفاع ضغط الدم» prehypertension. وهو ما يكون بين 120 و139 للضغط الانقباضي. وما بين 80 و89 للضغط الانبساطي.

* مرحلة «ضغط الدم المرتفع»، أي المرضي. وهو ما يكون 140 أو أعلى للضغط الانقباضي. وما يكون 90 أو أعلى للضغط الانبساطي.

ويُعالج ارتفاع ضغط الدم بتناول الأدوية عادة. ولكن هناك وسيلتين أخريين ثابتتي الفائدة لجهة المساهمة في خفض ضغط الدم المرتفع.

- الوسيلة الأولى تتطلب خفض وزن الجسم للوصول لمعدلات طبيعية فيه، كما تتطلب تقليل تناول الملح، والحرص على تناول الخضار والفواكه الغنية بمعدن البوتاسيوم، وممارسة الرياضة البدنية من نوع تمارين «إيروبيك الهوائية» كالهرولة والسباحة.

- الوسيلة الثانية، والتي قلما يلتفت إلى جدواها كثير من مرضى ارتفاع ضغط الدم، هي وسيلة «الاسترخاء النفسي».

الباحثون في «معهد بنسون - هنري لطب التفكير والجسم» في جامعة هارفارد الأميركية، يُقدمون بشكل مبسط خطوات القيام بهذه الوسيلة لخفض الدم وخفض عدد نبضات القلب في الدقيقة وتقليل عدد مرات التنفس فيها. وهي:

* اختيار كلمات أو صلوات، وتركيز الانتباه الذهني عليها والانشغال الفكري بمعانيها ومدلولاتها.

* الجلوس أثناء ذلك بكل ارتياح، مع غمض العينين منعا للانشغال الفكري بأي أمور أخرى سوى تلك الكلمات أو الصلوات.

* ترك عضلات الجسم كله كي تسترخي، بدءا من عضلات الساقين والفخذين والحوض والبطن والكتفين والرقبة والوجه. وذلك خلال الاسترخاء النفسي والبدني.

* القيام بأخذ شهيق النفس ببطء وهدوء عبر فتحتي الأنف. ثم إخراج هواء الزفير ببطء أيضا مع الترديد أثناء هذا لتلك العبارات، فيما بين الشخص ونفسه.

* الاستمرار في تكرار إجراء هذا لمدة ما بين 10 إلى 20 دقيقة.

* ثم بعد الفراغ، الجلوس، وفتح العينين بعدها.

* الحرص على أداء هذه الجلسات مرة أو مرتين في كل يوم.

النعناع والجهاز الهضمي

* يستخدم النعناع كمادة تُعطي المأكولات أو المشروبات نكهة زكية. كما يُضاف إلى أنواع شتى من المستحضرات الطبية وغير الطبية التي يتم تناولها، أو يتم استخدامها بالفم، مثل معجون الأسنان أو غسول الفم، أو التي تُوضع على الجلد كالمراهم أو الزيوت.

ويتم استخراج زيت النعناع من نبات فلفل النعناع peppermint، والمركب الفعال المسؤول عن الرائحة الزكية فيه هو مادة «منيثول». ولهذه المادة تأثيرات إيجابية في تخفيف الاحتقان وآلام شد وتوتر العضلات، ويتم استخدامها منذ القدم لتلك الغايات.

وفي الجهاز الهضمي، يقوم النعناع بالعمل على استرخاء الخلايا العضلية الموجودة في قناة الجهاز الهضمي، أي في المريء والمعدة والأمعاء. ولذا يرتاح المُصابون بالقولون العصبي والمعانون من تقلصات مغص الأمعاء، عند تناولهم للنعناع أو زيت النعناع، وتقل لديهم الغازات وانتفاخ البطن وآلام البطن.

ولأنه لا يوجد شيء في المستحضرات الطبية أو الأعشاب العلاجية، إلا وله إيجابيات وسلبيات، فإن هناك بعض الآثار الجانبية لتناول النعناع أو زيت النعناع على الجهاز الهضمي. ومصدر تلك الآثار الجانبية السلبية هو نفس مصدر الآثار الإيجابية العلاجية.

وهذا يعني أن زيت النعناع، أو النعناع، إضافة إلى أنه يُساعد على ارتخاء عضلات قناة الأمعاء، فهو أيضا يُؤدي إلى ارتخاء عضلات أخرى في أجزاء الجهاز الهضمي، ومن أهمها ارتخاء العضلة العاصرة الموجودة بين المريء والمعدة، التي يجب أن تكون منقبضة في غالب الوقت. ولذا قد يُعاني من تناول النعناع، أو زيت النعناع، أولئك الأشخاص الذين لديهم حالة «ارتجاع أحماض المعدة إلى المريء». أو الذين لديهم أيضا فتق في الحجاب الحاجز ما بين البطن والصدر.

وعبر آليات معقدة، يتضرر أيضا من النعناع، أولئك الذين لديهم حصاة في المرارة أو التهابات فيها. ويجب الحذر من كثرة تناول زيت النعناع من قبل الذين لديهم ضعف في عمل الكلى.

وتشير الدراسات الطبية إلى أن تناول مستحضرات زيت النعناع، يتعارض مع تناول أدوية خفض الكولسترول، وخاصة عقار «زوكور». وكذا مع تناول عقار «أميتريبتولين» لعلاج الاكتئاب. وهذا التعارض لا يعني عدم تناول القليل من أوراق النعناع أثناء أكل السلطات أو تناول بضعة أقداح من الشاي الممزوج بأوراق النعناع.

الهرمونات الأنثوية والقلب

* هناك بين القلب وبين الهرمونات الجنسية علاقة وثيقة، لدى الرجال ولدى النساء. وهذه العلاقة تطال حالة القلب وعموم الأوعية الدموية، الأوردة والشرايين، عند الصحة وعند المرض.

ومعلوم أن المبيض وغيره يقوم لدى الأنثى بإنتاج الهرمونات الأنثوية «الطبيعية». أي هرمون أستروجين وهرمون بروجيسترون. ويؤمن وجود هذين الهرمونين لدى النساء دون الرجال، وطوال الفترة من البلوغ إلى فترة سن اليأس من الحيض، حماية قلوب النساء وأوعيتهن الدموية. وهو ما لا يتوفر للرجال. أي إنهما يحفظان مرونة الشرايين وتدني احتمالات ترسب الكولسترول فيهم.

ولذا تقل احتمالات إصابة النساء في تلك الفترة من العمر، بأمراض شرايين القلب، مقارنة بالرجال - وبالتالي يتأخر لمدة عشر سنوات تقريبا، ظهور أمراض شرايين القلب لدى النساء مقارنة بالرجال. وعلى سبيل المثال، يُقال في طب القلب إن الإصابة «المبكرة» بأمراض شرايين القلب هي ما تحصل قبل سن 55 سنة لدى الرجال، وقبل سن 65 سنة لدى النساء.

هذا بالنسبة للهرمونات الأنثوية «الطبيعية» التي يُفرزها جسم المرأة. أما تناول المرأة لهرمونات أنثوية «غير طبيعية» كما في حبوب منع الحمل، فله تأثيرات مختلفة على القلب والأوعية الدموية لدى المرأة. ويُلاحظ طبيا أن تناول الهرمونات الأنثوية «غير الطبيعية» له علاقة باحتمالات ارتفاع الإصابة بجلطات الأوردة، وأيضا انسداد الأوعية الدموية في الرئة. وله أيضا علاقة بارتفاع الإصابات بالنوبة القلبية، خاصة إذا تم تناول حبوب منع الحمل من قبل المرأة التي تجاوزت سن 35 وسنة وكانت تُدخن.

كما أن تناول الهرمونات الأنثوية «غير الطبيعية» من قبل المرأة التي بلغت سن اليأس من الحيض، يُؤدي إلى ارتفاع احتمالات الإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية.

* استشاري بقسم الباطنية في المستشفى العسكري بالرياض [email protected]