الليلة التي بدأ فيها كبدي.. يدير فيها حياتي

قصة امرأة أصيبت بفيروس كبدي احتار الأطباء في تشخيصه

TT

كانت بداية التعرف على كبدي في الليلة التي حاول فيها قتلي! كنت حينها في منزلي في هاواي، بمفردي، ممددة بعد وجبة عشاء أعددتها مما تبقى من حفل استضفته في منزلي في الليلة السابقة، والتي كانت وجبة من المعكرونة وجبن مانتشيغو وسجق وسلطة خضراء وطبق من الشوكولاتة لتحلية المذاق. كانت تلك وجبتي المفضلة وكانت تلك آخر مرة أتناولها فيها. بدأ الهجوم بطريقة ناعمة في صورة ألم في الجسم، تطور سريعا إلى غثيان وقيء ودوار. وعندما رفعت قميصى وجدت بقعة حمراء منتفخة أسفل ضلوعي. وكلما ازداد حجمها، زادت صعوبة تنفسي. شعرت بالذعر من ذلك واتصلت بزوجي، آدم، الأستاذ بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا، الذي كان يعيش في بوسطن في تلك الفترة، وقد طمأنني سماع صوته لكي أتخذ قراري.

أقلني أحد الأصدقاء إلى غرفة الطوارئ، حيث دخلت في غيبوبة، وعندما استيقظت فيما بعد وجدت نفسي على سرير المستشفى وجسدي المنتفخ موصول بالأنابيب. أعلمني الطبيب في المستشفى أن مستوى إنزيمات AST وALT مرتفع للغاية، وهي إشارات تدل على أن كبدي يعاني من تدهور كبير ويتجه نحو الفشل الكبدي. ولم تتمكن التحاليل من التوصل إلى السبب المباشر لذلك، لكن الأمر تطلب أياما حتى أقنعهم أنني لا أسرف في شرب الكحوليات. حتى تلك الليلة قام كبدي بعمله دون كلل ودون اهتمام مني، يغيب عن بالي كلية. لكن الألم يبطل النسيان. وكما شرح لي الدكتور غريغوري غوريس، رئيس قسم الجهاز الهضمي وطب الكبد في مستشفى مايو كلينك في روتشستر بولاية مينيسوتا في مقابلة معه، أن الكبد يزود الجسم بالمناعة الداخلية، التي تشكل حائط الصد الأول ضد الغزاة، ويمتص المواد المغذية والدهون وينظم عمل العديد من التفاعلات الكيميائية التي تدعم الحياة، ووظيفته حيوية للغاية إلى حد أن الطبيعة وهبته القوة على إعادة التجدد بصورة شاملة خلال أشهر من الإصابة. لكن إذا ما فشل الكبد فإن الزراعة هي الحل الوحيد مخافة الوفاة. كبد مأزوم

* خرجت في اليوم التالي من المستشفى واتصل بي الأطباء للاطمئنان عليّ، وطلبوا مني الحضور إلى المستشفى مرتين أسبوعيا للعثور على سبب المرض. لكني لم أكن آمنة بمفردي، فكان من الممكن أن أصاب بالغيبوبة في أية لحظة. اعتذر زوجي عن ارتباطاته، وهرع ليكون إلى جانبي، ليلازمني لمدة شهرين لأن جسدي وكبريائي ضعفا إلى أبعد الحدود، ناهيك عن أسلوب حياتي القديم من الاكتفاء الذاتي. استغرقت هذه الحياة الجديدة أياما قلائل للتعود عليها. كان الألم شديدا، لكن العديد من العقاقير تعمل فقط عندما يعمل الكبد. تجاهلت في عذاباتي هذه تحذيرات الطبيب وتناولت المسكنات المتبقية لديّ من علاج عصب مؤلم في السن. ورد كبدي على ذلك بتأريق منامي. ثم اضطررت إلى اتباع حمية غذائية خاصة جديدة، من عصيدة الأرز والحساء. ظللت على هذه الحال لمدة ثلاثة أشهر، أرتجف من الرغبة الملحة للسكريات، واللحم والتوابل. بدأت أتوق إلى هذه الأشياء في عصيدتي البيضاء. اختفى نفوري وفقدت 33 رطلا (الرطل = 453 غم) من وزني. في الأسبوع الثاني بدأ كبدي في رفض الروائح والمواد التي نادرا ما كنت ألاحظها. وقد اعتبرت نفسي قنوعة، لكن اتضح أن منزلي هو حقل ألغام كيميائي. وقد نمت لديّ حاسة شم قوية، كانت توجهني وأنا أشير على زوجي آدم بالأشياء التي ينبغي أن تغادر المنزل. أخرج زوجي من المنزل كل المنتجات الكيميائية أو المشتقات النفطية أو الأطعمة المحفوظة سواء من المنزل أو دورة المياه. بطبيعة الحال، لم يكن بمقدورنا القيام بأي شيء حيال الغازات المعدنية التي تهب من بركان كيلايوي. كان كبدي بحاجة إلى استنشاق الهواء النقي، ولم يكن ليقبل التفاوض. فيروس الكبد «إي»

* ظل السبب وراء الإصابة بداء الكبد لغزا، على الرغم من جهود ستة من الأطباء في هاواي وكاليفورنيا، الذين طرقوا كل السبل الممكنة لبيان سبب الإصابة، لكن أيا منها لم يفسر الأعراض التي أصابتني. وفي النهاية توصل أحد أخصائيي الأمراض المعدية إلى تشخيص حالتي بأنني مصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي «إي» hepatitis E. ينتشر الفيروس في شمال البرازيل، وينتقل إلى الأفراد من خلال المياه الملوثة أو الحيوانات. تذكرت أنني قبل شهرين من الإصابة، وخلال زيارتي لغابات الأمازون المطيرة، قام طفل محلي بوضع إحدى حيوانات الدب الكسلان على ذراعي، عطس في وجهي. على الرغم من أن فيروس إي الكبدي هو المتهم المحتمل فإنني لا أعرف على سبيل التأكيد لأنه لا توجد اختبارات سريرية تؤكد ذلك. لكن ذلك لا يهم كبدي.

استسلمت لمطالب كبدي وتحولت إلى العلاج بالإبر الصينية لقتل الألم ومساعدتي في القدرة على النوم، وتعلمت الأكل على طريقة الناسكين القدامى، وأن أغفو وأتأمل. أجريت اختبارات للدم لإنزيمات AST و ALT بصورة سنوية. وتبعت حواسي وتركت هاواي، وانتقلت مع آدم إلى جنوب كاليفورنيا، كنا نقضي الأمسيات على الأريكة، لكن كبدي لم يكن سعيدا. إنها حياة أقل ضررا وأكثر بساطة لكني سأعتاد عليها.

* جنفيف بيورن الكاتبة العلمية في سان دييغو، ولها مدونة إلكترونية حول حاسة الشم، هي thedailysmell.com