أقل من 14% فقط من الألمان يعيــشون بشكل صحي

لا علاقة للثقافة والمستوى الاجتماعي بالتغذية

TT

التغذية الصحية والعيش السليم لا علاقة لهما بالمستوى الاجتماعي والتحصيل العلمي؛ إذ ظهر أن حملة الشهادات الجامعية والعليا، وأفراد النخب، هم على رأس قائمة أكثر الألمان إهمالا لتغذيتهم وحياتهم، وفقا لدراسة أجراها البروفسور انجو فروبوزة، المختص في مجال التغذية الصحية من جامعة كولون الرياضية خلال دراساته العلمية الأخيرة.

وأشار فروبوزة إلى أن أفراد هذه الفئات الاجتماعية المتقدمة هم أكثر أفراد المجتمع استهلاكا للكحول والسجائر، ناهيك بانتشار القلق واضطراب النوم والبدانة بينهم. ويعيش العمال والحاصلون على شهادات المدارس الإعدادية صحيا أفضل بكثير من الأكاديميين، بل إنهم أكثر عناية بالتغذية، وبممارسة الرياضة والحفاظ على الوزن من غيرهم.

وواقع الحال أن انخفاض نسبة الألمان الذين يعيشون ويتغذون بشكل صحي، على الرغم من الوعي الاجتماعي والصحي المرتفعين، يمنح شيئا من الأمل للمجتمعات المتخلفة نسبيا، خاصة في بلدان العالم الثالث التي تحاول اللحاق بركب الأمم المتقدمة. فالرفاه الاجتماعي والتقدم الصناعي لا يعني بالضرورة العيش بشكل سليم على الرغم من تطور الطب والصحة العامة والخدمات المتعلقة بها.

غذاء غير صحي

* وتشير دراسة واسعة، أجرتها جامعة كولون الطبية، وهي أهم المؤسسات الرياضية في ألمانيا، بالتعاون مع اتحاد شركات التأمين الصحي الألماني، إلى أن 13.9% فقط من الألمان يعيشون بشكل سليم ويتناولون غذاءهم بشكل صحي حسب معايير منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة. وكانت معايير الغذاء والتدخين والكحول والرياضة والنوم أهم المؤشرات التي اعتمدت في التقييم. وقد شملت الدراسة 2500 شخص، من النساء والرجال، ومن مختلف المشارب الاجتماعية والمستوى التعليمي ومن شرق وغرب ألمانيا.

واتضح أيضا أن الألمانيات يعشن حياة أصح (نسبة 17.9%) من الرجال الألمان لأنهن يأكلن أقل، ويدخنّ أقل، ويتعاطين الكحول أقل بكثير. وتنخفض نسبة الذكور الألمان الذين يعيشون بشكل سليم إلى 7.9%، ولهذا فإن النساء الألمانيات يعشن دائما 7 - 10 سنوات أكثر من أزواجهن.

والمقلق، حسب رأي فروبوزة، هو أن إهمال شروط العيش الصحي لا تقتصر على المسنين كما تكشف الدراسة ذلك؛ إذ إن الاهتمام بالتغذية الصحية والرياضة لا يختلف كثيرا بين الألمان من عمر أقل من 40 سنة عنه لدى الأكبر سنا، وهذا على الرغم من أن الوعي الغذائي بين الشباب أكبر عادة، منه لدى الشيوخ. وأشار فروبوزة إلى أن معظم الشباب الذين شملتهم الدراسة اختاروا الرد التالي على السؤال المتعلق بأهمية «موازنة الغذاء»: «المهم بالنسبة لنا أن نتلذذ بالأكل بغض النظر عن محتوياته».

الأمر الآخر الذي تكشفه الدراسة هو أن العاملين الجغرافي والتاريخي لا يلعبان دورا مهمّا في التغذية، وتساوى الألمان الغربيون والشرقيون تقريبا في ضعف اهتمامهم بالعيش السليم والتغذية الصحية. كانت ولاية سكسونيا - انهالت الشرقية في أسفل لائحة الولايات المهتمة بالتغذية الصحية (7.9%) لكن ولايتي رينانيا البلاتينية والزار سبقتاها محققتين نسبة 9.4% فقط. وإذا كانت نسبة غير المدخنين ترتفع في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا إلى 71% فإن نسبة الذين يتعاطون الكحول بكثرة ترتفع بينهم إلى 17.4%.

وعموما، كانت ولايتا نورد راين فيستفالن وبرلين، اللتان يصنفهما فروبوزة ضمن «ولايات النقانق»، في الثلث الأخير من قائمة أفضل سكان الولايات التي تعيش «صحيا». كانت ولايتا بريمن وسكسونيا السفلى في المقدمة بنسبة 19.5%، تليهما ولاية سكسونيا الشرقية بنسبة 17.2% ثم بافاريا 16.5% وهيسن 14.7%.

قلة ممارسة الرياضة

* وإذ يعرف الألمان مدى تعلق حياتهم الصحية بالحركة والرياضة، فإنهم لا يمنحون هذا الجانب أهمية كبيرة؛ إذ لا يمارس الرياضة والحركة بشكل منتظم غير نسبة 40% منهم، وتتخلف هنا ولاية هامبورغ بنسبة 50%، لا يمارسون أي نوع من الرياضة والحركة مقابل 57% من سكان ولاية الراين الشمالي فيستفاليا يستخدمون الدراجات الهوائية يوميا. ويربط فروبوزة هذه الحقيقة بواقع أن سكان هامبورغ هم أكثر سكان ألمانيا ولعا بقيادة السيارات، كما أن عدد السيارات في هذه الولاية الشمالية قياسا بعدد السكان هي الأعلى بين الولايات. فالسيارات في ألمانيا من أهم مسببات «الكسل» حسب تعبير البروفسور.

نصائح صحية

* وفي نهاية الدراسة قدم الخبراء الألمان نصائحهم وإرشاداتهم إلى مواطنيهم «الكسالى» كالآتي: - على صعيد الحركة، لا بد للشخص من ممارسة الحركة «المعتدلة القوة» خمس مرات في الأسبوع ولمدة 30 دقيقة كل مرة. وأن تقسم هذه الحركة إلى 3 دفعات أمد كل منها 10 دقائق. وهذا حد أدنى يحافظ على صحة الإنسان، ويقيه كثيرا من أمراض القلب والدورة الدموية، لكنه لن يجعله لائقا بدنيا بشكل كامل ولا يعينه في خفض الوزن.

- على مستوى التغذية، ينبغي التحول إلى الغذاء الموزون الذي يجمع كل العناصر المهمة لصحة الإنسان. مع الإكثار من أكل الخضراوات والفواكه والسمك وتقليل تناول اللحوم الحمراء والمكسرات ورقائق البطاطا (المقرمشات) والحلويات، ومن الأحسن تقسيم الأكل اليومي إلى 5 وجبات. وهذا من جديد هو الحد الأدنى للحياة السليمة حسب معايير الأمم المتحدة. - وينصح الخبراء طبعا بالتوقف عن التدخين بالكامل، وتقليل تعاطي الكحول.

- المهم أيضا هنا مكافحة التوتر والشد النفسي الناجمين عن شدة العمل والعلاقات الاجتماعية، لأن التوتر يسبب فرط الأكل والبدانة، حسب معظم الدراسات الحديثة. وأفضل سبل معالجة التوتر هي ممارسة الرياضة، والتأمل، والاستماع إلى الموسيقى، واللقاء بالأصدقاء، والتجوال في الطبيعة، وما شابه.