«عوامات العين».. مشكلة شائعة قد تؤدي إلى انفصال الشبكية

تظهر نتيجة هرم العين.. ورصد علاماتها مهم لدرء تدهور البصر

TT

س: عمري 55 سنة، ولا أعاني من مشكلات في العين، ولكني أستخدم نظارات للقراءة فقط. لاحظت حديثا أنني أرى أجساما سوداء تدور حولي في اتجاهات عشوائية. ولم ألاحظ في عيني أي علامات للاحمرار أو هطول الدمع منها، كما لم أشعر بأية آلام فيهما، ولكني قلق من أنني قد أكون مصابا بمرض في العين. بماذا تنصح؟

ج: الإجابة المختصرة هي أن الأعراض التي ذكرتها تفترض وجود مشكلة شائعة، إلا أنها غير مهمة من الناحية الطبية، تسمى الأجسام العائمة (الطوافات أو العوامات) في العين. ولكن الإجابة الطويلة على سؤالك ستكون مفيدة، ما دام إهمال الظهور المفاجئ لكميات كبيرة من عوامات العين floaters، وكذلك الومضات flashes، قد يؤدي إلى الإضرار ببصرك.

هرم العين

* تمتلئ حجرة كبيرة تقع في المنطقة الخلفية للعين يشابه تركيبها تركيبة الهلام (الجل)، بمادة غنية بالبروتين تسمى الجسم الزجاجي (البلوري) vitreous. وفي مرحلة الشباب يكون الجسم الزجاجي صافيا تماما وشفافا، مما يسمح للضوء بالعبور نحو المنطقة الخلفية للعين، حيث تقع الشبكية التي تجمع الطاقة الضوئية وتحولها إلى إشارات عصبية يقوم الدماغ بتفسيرها، وتكوينها على شكل صور.

وتتغير العين - مثلها مثل كل أعضاء الجسم - مع تقدم العمر، ولهذا فقد شعرت بالحاجة لارتداء نظارات للقراءة. وعندما يهرم الجسم الزجاجي، تتراكم فيه شظايا تتألف من تجمعات صغيرة جدا من الخلايا، وخيوط رفيعة من البروتين، وعقد صغيرة جدا من هلام الجسم الزجاجي نفسه.

وتحلق هذه الشظايا - بكل ما في الكلمة من معنى - عبر الجسم الزجاجي الذي كان شفافا في ما قبل، الأمر الذي يحجب بشكل مؤقت جزءا من الضوء مانعا إياه من الوصول إلى الشبكية.

وفي الواقع، فإن الشظايا تلقي بظلالها الصغيرة على الشبكية، ويرى الإنسان هذه الظلال على شكل نقاط أو خيوط صغيرة تتحرك عبر مجال رؤيته.

عوامات العين

* وغالبا ما تنساب عوامات العين البريئة نحو خطوط تقع خارج مجال الرؤية، ولذا، فإن أكثر الناس ترى تلك العوامات بشكل متقطع. إلا أن العوامات تصبح أكثر بروزا وأكثر إزعاجا عندما ينظر الإنسان إلى لوحة بيضاء براقة. ولا توجد وسيلة لتخليص عينيك من العوامات، إلا أن بمقدورك تقليل الإزعاج الذي تسببه، بالنظر إلى أعلى وأسفل وإلى اليمين واليسار.

إن رؤية هذه البقع مسألة واحدة، إلا أن رصد العلامات على وجود مشكلات حقيقية في العين مسألة أخرى. ولذا، فإن عليك أن تعرف أن شيخوخة الجسم الزجاجي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى التسبب في متاعب حقيقية. وهذا راجع إلى أن هرم الجسم الزجاجي يؤدي إلى ضموره. وعندما يحدث هذا الضمور فإنه قد يشد الشبكية نحوه، الأمر الذي ينشط الخلايا المستقبلة للضوء ويؤدي إلى توليد ومضات قصيرة من الضوء.

كما يمكن للجسم الزجاجي أثناء ضموره أيضا شد الشبكية بقوة بحيث يتسبب في حدوث نزف صغير فيها، محررا بعض خلايا الدم التي تصبح جزءا من الأجسام العائمة.

انفصال الشبكية

* إن الومضات القصيرة والعوامات الصغيرة ليست سوى بقايا تذكرنا بأننا لم نعد في مرحلة الشباب. إلا أن الومضات الأقوى أو شلالات الأجسام العائمة تشير إلى أن الجسم الزجاجي قد أخذ في شد الشبكية بقوة تكفي لشقها أو فصل جزء من أنسجتها الحساسة.

وقد تظهر حالة انفصال الشبكية retinal detachment - إضافة إلى توليدها ومضات الضوء والعوامات الكبيرة - على شكل هبوط ستارة تحجب مجال الرؤية في عين واحدة، أو - وهذا هو الأكثر خطورة - الفقدان المفاجئ للرؤية المركزية الحادة التي تتيح التمعن في الأشياء بشكل تفصيلي، في عين واحدة.

ويمكن إصلاح تشقق الشبكية وانفصالها، غالبا بتوظيف الليزر laser photocoagulation أو وسائل التجميد cryopexy، إلا أنه يجب تنفيذ هذه الوسائل التي «تقوم بلحم الموقع» بسرعة، غالبا خلال الساعات الـ24 التالية للتشخيص. ولهذا تعتبر حالة انفصال الشبكية حالة تتطلب الإسعاف السريع.

ولا يوجد أي سبب لأن تشغل نفسك بمشكلة وجود الأجسام العائمة البريئة، إلا أن عليك أن تكون يقظا لرصد أية علامات لتدهور الرؤية تثير قلقك. وحتى إن كنت خاليا من أية أعراض مقلقة، عليك أن تتوجه لفحص بصرك، والاعتناء بصحة عينيك.

* طبيب، رئيس تحرير رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا».