جراحـة استبـــدال المفاصل.. تزداد بين الشباب

مع تصميم مفاصل مطـــورة للركبة والورك

TT

كان ألم بيلي بولي لا يوصف إلى حد أنه لم يتمكن معه من متابعة القيام بالتمارين الرياضية - وازداد وزنه 40 رطلا (الرطل 453 غراما تقريبا) - ليتحول إلى مجرد العرج حول سجن مقاطعة تشارلز كاونتي.

ويقول حارس السجن البالغ من العمر 37 عاما: «لم يكن الأمر جيدا أمام السجناء».

عندما وصل الأمر إلى الحد الذي استدعى فيه قيام بيلي بالاستعانة بوالده، 72 عاما، ليعقد له حذاءه كل صباح، عمد إلى استشارة طبيب، لتظهر أشعة إكس تراكما لخلايا ميتة حول عظام الورك، فقد تدهورت منطقة أعلى عظام الفخذ نتيجة لاختلال تدفق الدم إلى العظم، (ربما كان ذلك عائدا لكسر في الرجل تعافى منه بعد حادث دراجة في سن الثامنة عشرة). وقد استبعد الطبيب تسبب الحقن السترويدية أو العلاجات الأخرى في هذه الحالة.

* استبدال الورك

* لذا، عمد بولي مثله مثل المرضى من الشباب الذين تشهد أعدادهم تزايدا واضحا، إلى إجراء جراحة لاستبدال مفصلي عظم الحوض (الورك) الصيف الماضي. ومنذ إجراء العملية لم تعاوده الآلام التي استمرت معه خمس سنوات، ثم عمد بعد الانتهاء من العلاج التأهيلي إلى إنشاء صالة العاب رياضية في مرأب السيارة في منزله. قال: «يبدو أنني سأتمكن من القيام بالمزيد من التمارين حول المنزل مرة أخرى».

وعلى الرغم من اعتبارها في السابق الملاذ الأخير بالنسبة للكبار فإن الحصول على مفصل جديد للورك أصبح خيارا شائعا لدى الشباب الذين يعانون من ألم يحد من نشاطهم ويعيق نومهم ويتسبب في فقدهم لوظائفهم.

* عمليات جراحية

* وقد شهد عام 2008 إجراء أكثر من 277 ألف عملية تغيير مفصل، حسب التقديرات التي جمعتها الأكاديمية الأميركية لجراحي العظام، حيث شهدت هذه العمليات زيادة تقدر بنسبة 78 في المائة عن عام 1998. وعلى الرغم من إجراء هذه العملية لأفراد من كبار السن تخطوا حاجز الـ65 عاما فإن نسبة المرضى بين سن 46 و64 الذين خضعوا لهذا النوع من العمليات ارتفع من 27 في المائة في عام 1998 إلى 40 في المائة في عام 2008.

وتقول ماري أوكونور، جراحة العظام في مستشفى «مايو كلينك» في جاكسونفيل بولاية فلوريدا: «الشباب أقل رغبة في العجز البدني من كبار السن، لأنهم ببساطة يرغبون في الحفاظ على حيويتهم ونشاطهم، ولا يرغبون في سماع أن عليهم استعمال عصا أو أنهم لن يستطيعوا المشي أو لعب الغولف أو القيام بالأنشطة الأخرى التي يرغبون في القيام بها».

* مخاطر وفوائد

* المخاطر التي يمكن أن يواجهها المرضى الشباب في سبيل حرية الحركة هو احتمالية حاجة الأجزاء المستبدلة إلى إصلاح أو استبدال، وهو إجراء يعرف بالاستبدال. ويتوقع أن تستمر غالبية المفاصل البديلة ما بين 15 إلى 20 عاما، حسب المعهد الوطني لالتهاب المفاصل والعضلات والعظام وأمراض الجلد، ومن ثم فإن المرضى الشباب يحتمل خضوعهم لعمليات استبدال مفصل جديدة، التي يقول الخبراء إنها ستكون أكثر صعوبة من الأولى.

وتقول أوكونور: «إذا كنت بحاجة إلى مفصل جديد، ستكون العملية أكثر صعوبة، وعادة عندما تفشل، يكون الفشل ناتجا عن تراخي الأجزاء، ومن ثم ينبغي استبدالها من حين لآخر وهناك مخاطر حدوث مضاعفات».

فيما يشير جيمس غراتر مدير مركز استبدال المفاصل بمستشفى جامعة جورج واشنطن إلى أن هناك دائما احتمالية لحدوث صعوبات في الجراحة مثل التجلطات الدموية والعدوى وهذه عادة ما تكون أكثر صعوبة بالنسبة للمرضى كبار السن.

ويقول غراتر، الذي يقوم بهذا النوع من العمليات منذ أكثر من 30 عاما: «دائما ما أقول للمرضى إن عليهم التعايش مع مفاصلهم الجديدة قدر الإمكان إلى أن يشعروا بألم يستمر طوال الوقت أو ألم يوقظهم خلال الليل. لا عندما يشعرون بالألم بعد السير لمسافة نصف ميل بل عندما يشعرون بالألم مع كل خطوة».

وحسب المعهد الوطني لالتهاب المفاصل والعضلات والعظام وأمراض الجلد اعتاد الأطباء إخبار المرضى بأن عليهم تأجيل العمليات حتى بلوغ الستين لأن الأفراد كبار السن دائما ما يكونون أقل نشاطا ويضعون ضغوطا أقل على المفاصل المستبدلة، لكن التكنولوجيا الجديدة أثمرت ظهور مفاصل أكثر قوة وتحملا واليوم تقول الوكالة إن الحالة الصحة والبدنية للمرضى أكثر أهمية من السن في اتخاذ القرار بشان الجراحة.

* جودة الأعضاء البديلة

* ويفضل العديد من الأطباء الذين أجريت معهم لقاءات بشأن هذه الموضوع مفاصل كرات البوليثيلين لاستبدال مفاصل الورك. وأشاروا إلى أن المادة التي زرعت في السابق في المرضى في التسعينات أكثر قوة وتستمر فترة أطول من الأجزاء البلاستيكية أو الأجزاء السيراميك التي ظهرت مؤخرا التي شكا بعض المرضى من أنها تحدث الأصوات احتكاك عند المشي.

ويقول كيفن فريكا، جراح العظام في مستشفى أندرسون لجراحة العظام في أرلينغتون: «لدينا الآن بيانات لـ12 عاما بشأن الأجزاء البلاستيكية الجديدة التي هي أقل بخمس إلى ثماني مرات من الأجزاء القديمة. ينبغي علينا أن نعتمد على أجزاء تستمر 15 إلى 20 عاما وربما أطول».

من الورك إلى الركبة لم تتوقف بعض التطورات التكنولوجية فذكر مركز ديبوي لجراحة العظام أن مفصلا للورك تم تركيبه لـ93 ألف مريض حول العالم بعد تقارير عن فشله في 13 في المائة من الحالات خلال خمس سنوات. وتراجع وكالة الدواء والغذاء المفصل الذي كان هدفا للعديد من الدعاوى القضائية.

وتقول ليندا بيرغثولد، محللة الرعاية الصحية المقيمة في سانتا كروز بولاية كاليفورنيا: «دائما ما يتساءل المريض عن عدد العمليات التي أجراها الطبيب وما هو سجل المستشفى في مثل هذه العمليات، وعدد علميات الاستبدال التي أجرتها المستشفى. كما تحدوهم الرغبة أيضا في السؤال عن العمر الزمني للبديل وكيفية اختياره، والكثير من الأسئلة الأخرى المتوقعة».

يؤكد ماثيو باركر أن القرار النهائي بشأن الخضوع للجراحة يعود للمريض لا للطبيب. وباركر طبيب في المقاطعة ويمارس سباق الدراجات للمسافات الطويلة وقد استبدل مفصلي الورك قبل بلوغه الخامسة والخمسين. ويشير إلى أنه غير قلق بشأن جراحة الاستبدال وأن الحفاظ على اللياقة البدنية والحياة دون ألم أكثر أهمية. ويقول: «إذا قمت بتأجيل الجراحة حتى تصبح مقعدا فإن الخيارات في حياتك ستكون محدودة، ولذا ستكون قد خسرت الكثير. إنها حياة مختلفة تماما؛ أنا أرغب في أن أصحو على زقزقة العصافير ومشاهدة شروق الشمس».

* مفاصل الركبة

* من ناحية أخرى أصبح استبدال مفاصل الركبة - الأكثر شعبية من استبدال مفاصل الورك - أكثر انتشارا بين الأفراد بين سن 46 و64 عاما، حسب إحصاءات اتحاد جراحة العظام. ويرجع العامل الرئيس وراء هذه الزيادة إلى ارتفاع عدد المرضى الشباب الذين يعانون من التهابات في المفاصل، إحدى الفواتير المتأخرة التي ينبغي سدادها لمحبي الرياضة. فيشير العديد من الجراحين في منطقة واشنطن إلى أنهم يرون الكثير من المرضى في منتصف أعمارهم يعانون من مشكلات الورك والركبة المرتبطة بالتهاب المفاصل.

هذا التوجه واضح في العلاج الطبيعي للعمود الفقري والرياضي في منطقة كيه ستريت حيث يعالج روبرت غيلاندر اختصاصي العلاج الطبيعي الذي يعالج الكثير من المرضى الذين تجاوزوا الأربعين والخمسين من أعمارهم وبعضهم من لاعبي الماراثون وراكبي الدراجات ولاعبي سباقات الترياثلون من جراحات استبدال الركبة والورك.

ويقول غيلاندرز: «أصبح الأفراد أكثر نشاطا عن ذي قبل. وأحيانا يكون هذا جيدا وأحيانا يكون سيئا. وعندما تفكر في الميكانيكية التي يعمل بها الورك خلال ركوب الدراجة لمسافة 100 ميل سترى أنه يتحمل الكثير من الضغط ولذا نرى الكثير من الإصابات المؤلمة».

على الرغم من ذلك يقول بيلي بولي إنه سعيد للغاية بشأن حياته الجديدة التي تخلو من الألم، وإن أي تفكير بشأن عملية استبدال ثانية سيكون أمامها الكثير من الوقت. وبعد قضائه عدة أشهر في العلاج الطبيعي عاد أوائل ديسمبر (كانون الأول) إلى عمله في السجن.

ويقول بولي: «إذا ما حدث قتال في هذه الناحية من السجن يجب أن أكون على استعداد للجري. ربما لا أستطيع القيام بذلك الآن لكني أعمل على ذلك».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط» ?? ?? ?? ?? اسم المترجم: نبيه صالح