الإيدز.. أهم جوانب الفحص والوقاية

أكثر الأمراض فتكا بجسم الإنسان وأعلاها تكلفة علاجية في العالم

TT

اختتمت الأسبوع الماضي بمدينة الرياض فعاليات المؤتمر السنوي الطبي الدولي الثاني للإيدز بمشاركة 240 طبيبا وباحثا من المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ودول أخرى، فيما دعي 12 متحدثا من داخل المملكة وخارجها (أميركا وكندا وفرنسا).

أوضحت لـ«صحتك» الدكتورة سناء مصطفى عباس فلمبان، مديرة برنامج الإيدز بوزارة الصحة، المشرفة على قسم المناعة بالوزارة، رئيسة اللجنة المنظمة للمؤتمر، أن هذا المؤتمر هو ختام لجملة فعاليات وأنشطة نفذتها وزارة الصحة في كافة مناطق المملكة واستمرت شهرا كاملا تضمنت فعاليات للتوعية والتثقيف بمرض الإيدز، ودعم المصابين بالإيدز ونشر الوعي الصحي، وفعاليات لها صلة بمراكز الفحص والمشورة وتقديم المعلومات التي يحتاجها أفراد المجتمع، وكذا إجراء الفحص الطبي السريع للمراجعين لمعرفة وضعهم الصحي.

وأضافت أن التوجيهات التي تلي الفحص الطبي تتمثل في أنه إذا كان الشخص سليما فيتم إرشاده إلى كيفية المحافظة على نفسه من نقل العدوى، أما إذا كان مصابا فيتم إرشاده إلى كيفية حماية شريكه الآخر، إضافة إلى شرح آلية تحويله إلى مراكز المعالجة وقياس نسبة المناعة لديه ونسبة الفيروس في الدم وبالتالي إدراجه ضمن الحالات التي تتم متابعتها.

* الإيدز في الشرق الأوسط

* يشكل مرض الإيدز مشكلة عالمية، صحية واجتماعية ونفسية واقتصادية، لأنه أكثر الأمراض فتكا بجسم الإنسان وأعلاها تكلفة علاجية في العالم.

وتشير التقديرات إلى أن عدوى الإيدز أصابت 60 مليون نسمة في العالم، منذ اكتشافه في عام 1981 ووفاة 20 مليونا من المصابين، وفقا لأرقام منظمة الصحة العالمية.

ويفيد برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز بأن خدمات الوقاية الأساسية من فيروس الإيدز لا تتاح إلا لخُمس الأشخاص المصابين، ولم يكن عدد المستفيدين من خدمات العلاج في منتصف عام 2006 يتجاوز 24 في المائة من مجموع المرضى.

وفي إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تشير أحدث تقارير برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالإيدز إلى وجود 460 ألف شخص متعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية حتى نهاية عام 2009، بعد أن كان عدد الحالات 180 ألف حالة فقط في عام 2001.

وتقدر الزيادة في عدد الإصابات الجديدة بين 36 ألف حالة عام 2001 إلى 75 ألفا في 2009، وقد ارتفع عدد الوفيات بسبب المرض من 8 آلاف حالة تقريبا في 2001 إلى 23 ألف حالة في 2009، وهذا يعكس ارتفاع نسب الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) في دول إقليم شرق المتوسط بما يتطلب المزيد من الإجراءات من قبل المنظمات والمؤسسات المعنية لتقليل معدلات الإصابة وخفض نسب الانتشار من خلال الكشف المبكر، ومكافحة الوصمة المرتبطة بالمرض.

وبالنسبة للمنطقة العربية فلا توجد أرقام دقيقة حول انتشار مرض الإيدز بسبب سوء الإحصاءات.

* الإيدز في السعودية

* تعتبر المملكة العربية السعودية من أقل الدول ذات الإصابة بالإيدز - وفقا لتوضيح الدكتور زياد بن أحمد ميمش، الوكيل المساعد للطب الوقائي بوزارة الصحة السعودية، حيث بلغ العدد الإجمالي لمرضى الإيدز (خلال الفترة من عام 1984 حتى نهاية عام 2009) 15213 مريضا، بينهم 4019 حالة لسعوديين و11194 حالة لغير السعوديين، ويضاف سنويا من 400 إلى 500 شخص يصابون بالإيدز في المملكة، وهذا يمثل تقريبا ما نسبته 0.1 في المائة إلى 0.2 في المائة من عدد السكان.

وأضاف د. ميمش أن هناك ضرورة ملحة لتطبيق الاستراتيجية التي تمكن القطاع الصحي من الحد من الحالات المستجدة للإصابة بالعدوى والعمل على أن يظل الوباء تحت السيطرة وتطبيق أكثر الطرق الملائمة والفعالة في إطار النظم الصحية الوطنية، وكذلك بذل الجهود لإيصال الخدمة لمستحقيها على الوجه الأكمل.

وقد حرصت وزارة الصحة على أن تعمل بتوسع في تقديم خدمات الوقاية ووضعها في متناول الجميع من خلال عيادات ومراكز الفحص والمشورة وتوفير المعلومات التي من شأنها تعزيز المعلومات لدى أفراد المجتمع بما يمكنهم من حماية أنفسهم وأسرهم من التعرض لأساليب العدوى، كما عمدت إلى توفير جميع أجهزة الفحص المختبري والعقاقير الحديثة التي تحد من تدهور الجهاز المناعي إضافة إلى الاهتمام بالنواحي الاجتماعية والنفسية التي يحتاجها المتعايش مع فيروس الإيدز وأسرته.

ولكن من المهم جدا أن نضع في الحسبان أن نجاح برامج مكافحة الإيدز يجب أن تتم على أساس من الشراكة بين كافة القطاعات المعنية حتى تكون هذه البرامج ذات فعالية وتؤدي إلى الوصول للأهداف المنشودة.

* طرق العدوى

* يقول الدكتور بركات محمد السلامي، رئيس قسم مكافحة العدوى بمستشفى الملك فهد العام بجدة، إن الإيدز هو آفة هذا العصر ولا بد من الحد من انتشاره بين أفراد المجتمع صغاره وكباره، وذلك بإقامة حملات التوعية للتعريف بالمرض وبطرق العدوى، ووسائل الكشف، ووسائل الوقاية، والتحذير من انتشاره بين أفراد المجتمع، خاصة أن طرق انتقاله انحصرت في الجنس المحرم وتعدد المشاركين والشذوذ الجنسي وتعاطي المخدرات بالحقن الملوثة، كما يتعدى الأمر إلى انتقاله إلى الأطفال عند الولادة من أم مصابة أو عن طريق الرضاعة الطبيعية.

وتعتبر المملكة دولة رائدة في السيطرة على هذا المرض بما تقدم من الحملات التوعوية وعيادات الفحص الطوعي ومراكز العلاج وإصدار القوانين المحافظة لسرية هذه الفئة، هذا ما تكشفه البيانات والإحصائيات الوبائية المتعلقة بالوضع المحلي للمرض فهي تبين أن السعودية، تعتبر من الدول ذات الوبائية المنخفضة لعدوى الإيدز، حيث إن عدد الحالات التراكمية المكتشفة بين السعوديين منذ عام 1984 وحتى نهاية عام 2009 بلغ 4019 حالة فقط، وأن إجمالي عدد الحالات المكتشفة في عام 2009 كان 1287 حالة منهم 481 حالة من السعوديين والفئة المستهدفة هي الشباب عموما من 15 إلى 49 عاما تقدم لهم أعلى المستويات من الخدمة المطلوبة مع المحافظة على كرامتهم وحقوقهم رغم ارتفاع تكلفة العلاج للفرد الواحد التي تقارب المائة ألف ريال سنويا.

* الجانب العلاجي

* أوضحت الدكتورة سناء فلمبان أنه تم إنشاء 8 مراكز علاجية متخصصة للإيدز بمختلف مناطق المملكة يتم تزويدها بصورة منتظمة بأحدث أنواع الأدوية الخاصة بالإيدز كما تم توفير الأجهزة والمعدات المختبرية المتطورة لاكتشاف المرض ومتابعة الحالات. وقد تم توفير العلاج الحديث لكل المصابين الذين يستلزم وضعهم الصحي البدء في العلاج بنسبة 100 في المائة مع متابعة المخالطين المباشرين لهم بشكل مستمر للتأكد من عدم انتقال العدوى إليهم.

كما تنسق وزارة الصحة السعودية مع الجهات الأخرى ذات الصلة لتوفير الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي المناسب للمصابين وأسرهم من خلال الجمعيات التطوعية العاملة في هذا المجال وكذلك التركيز على تفعيل الدور التربوي لضمان اتباع السلوك الآمن والابتعاد عن السلوكيات المرتبطة بانتقال العدوى بين أفراد المجتمع.

ويتم التركيز على متابعة أنشطة المراقبة الوبائية وبرامج المشورة والفحص الطوعي والتوسع في التوعية الصحية وتعديل السلوكيات الخطرة ومكافحة الأمراض المنقولة جنسيا وتنفيذ برنامج منع انتقال العدوى من الأم للجنين والأطفال والتأكد من سلامة الدم المنقول ومكافحة العدوى في المؤسسات الصحية ومنع وفادة المرض من خلال مراكز العمالة الوافدة وعمل المسوح الدورية المستمرة.

ومن المهم أن يستفيد المرضى من توفر الجانب العلاجي الحديث من خلال المراكز العلاجية المتخصصة للإيدز بمختلف مناطق المملكة التي يتم تزويدها بصورة منتظمة بأحدث أنواع الأدوية الخاصة بالإيدز كما تم توفير الأجهزة والمعدات المختبرية المتطورة لاكتشاف المرض ومتابعة الحالات.

* الوقاية والمكافحة

* تضيف د. سناء فلمبان أن الوكالة المساعدة للطب الوقائي قد وضعت خطة لتكثيف وتفعيل برامج وأنشطة مكافحة الإيدز بشكل عام، التي تشتمل على:

الرصد والمراقبة الوبائية والكشف المبكر عن الإصابة بالإيدز والأمراض المنقولة جنسيا، التي تجعل حاملها أكثر عرضة للإصابة بفيروس الإيدز نظرا للتقرحات والجروح التي من شأنها التسهيل من اختراق فيروس الإيدز للغشاء ودخوله إلى جسد الشريك الآخر.

برامج تقليص الأضرار المصاحبة لاستخدام المخدرات بالوخز للحرص على عدم نقل العدوى إلى الآخرين، تعتبر من البرامج التي تنفذ عالميا نظرا لأهميتها في الحد من انتقال العدوى من المصاب بفيروس الإيدز إلى الآخرين ممن يتشاركون معه في استخدام الإبر المشتركة.

برامج التوعية والتثقيف المرتبطة بطبيعة انتشار العدوى ونمط الوباء والموجهة إلى أفراد المجتمع بشكل عام أو المتعايشين مع فيروس الإيدز، تعتبر من أهم المواضيع التي يجب التركيز عليها لتوضيح ضرورة الفحص المبكر عن الإيدز والبعد عن طرق انتقال العدوى وتوضيح أهمية المحافظة والمداومة على المتابعة الصحية وأخذ العلاج بشكل مستمر حرصا على عدم تدهور الجهاز المناعي وازدياد تكاثر الفيروس في الدم بشكل يجعل المصاب أكثر قابلية لنقل العدوى للآخرين بأي من طرق الإصابة.

تحرص الوزارة بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات الصلة لتوفير الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي المناسب للمصابين وأسرهم من خلال الجمعيات الطوعية العاملة في هذا المجال وكذلك التركيز على تفعيل الدور التربوي لضمان اتباع السلوك الآمن والابتعاد عن السلوكيات المرتبطة بانتقال العدوى بين أفراد المجتمع.

وبالتالي يتوقع أن يتزايد عدد الأشخاص الذي يقبلون على طلب الفحص الطبي والمشورة، علما بأن وزارة الصحة تعمل على التوصل إلى الحالات من خلال المسوح الطبية في الكثير من المجالات، إضافة إلى متابعة أنشطة المراقبة الوبائية وبرامج المشورة والفحص الطوعي والتوسع في التوعية الصحية وتعديل السلوكيات الخطرة ومكافحة الأمراض المنقولة جنسيا وتنفيذ برنامج منع انتقال العدوى من الأم للجنين والأطفال والتأكد من سلامة الدم المنقول ومكافحة العدوى في المؤسسات الصحية ومنع وفادة المرض من خلال مراكز العمالة الوافدة.

* مؤتمر طبي

* شارك في المؤتمر السنوي الطبي الدولي الثاني للإيدز عدد من الأطباء والمتخصصين والباحثين في مجال الطب من أميركا وأوروبا والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية ومن الجامعة الأميركية في بيروت ومن جمعية مكافحة الإيدز في بيروت، إضافة إلى عدد من الأطباء المتخصصين المحليين من مختلف مناطق المملكة، ومستشفيات وزارة الصحة والحرس الوطني، والمستشفيات العسكرية، ومستشفى قوى الأمن، ومستشفى الملك فيصل التخصصي، وجميع الأطباء المتخصصين في هذا المرض ومتابعته.

ويتمثل الهدف من عقد مؤتمر سنوي طبي دولي للإيدز في الاستفادة من الخبرات العالمية والمستجدات الحديثة فيما يخص القضايا المتعلقة بمرض الإيدز سواء في البرامج الحديثة أو منع انتقال العدوى من الأم المصابة إلى الطفل ونوعية العلاجات، ومتى يتم تحول العلاج من الخط الأول إلى الخط الثاني، وطرق مكافحة العدوى داخل المنشآت الصحية، وكيفية منع الوخز الملوث بالإيدز الذي قد تتعرض له الفئات العمرية، وموضوع الاستراتيجيات الحديثة لمنظمة الصحة العالمية، والإيدز لدى الأطفال، وما يخص الحالات النفسية والعصبية المصاحبة لمرض الإيدز.

وسيكون لهذا المؤتمر دور مهم في التخطيط الاستراتيجي للفترة المقبلة، وتحديد المناطق التي يفترض التركيز عليها، وإمكانية تعديل الاستراتيجيات بحيث تتناسب مع مسار المرض.

* «مثلما أتمتع بحقوقي فأنا أحترم حقوق الآخرين»

* تقول الدكتورة سناء فلمبان بصفتها رئيس مجلس الجمعية السعودية الخيرية لمكافحة الإيدز، إنه بتقديم الدعم العلاجي، فقد ضمن هؤلاء المرضى حقوقهم الاجتماعية والعلمية والعملية وما عليهم إلا احترام حقوق الآخرين بعدم نقل العدوى إلى الأصحاء بأي وسيلة كانت تحقيقا لشعار «مثلما أتمتع بحقوقي فأنا أحترم حقوق الآخرين».

إن ما تقوم به الجمعيات السعودية الخيرية لمرضى الإيدز من إنشاء عيادات المشورة والفحص الطوعي والعيادات التخصصية وبرامج التوعوية المختلفة ما هو إلا دليل على سياسة صحية متكاملة رغم التقرير الدولي الذي نشره البرنامج المشترك لمكافحة مرض الإيدز (UNAIDS) التابع للأمم المتحدة، الذي يظهر الزيادة المفرطة في نسبة الانتشار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي شمل معظم الدول العربية والإسلامية، مما يتوجب معها القيام باستراتيجيات توعوية ونشر ثقافة المرض بين أفراد المجتمع لكي لا ينتشر ويعشش في هذه البلاد، ويمكن إيقافه فقط بالتمسك الأخلاقي ومحاربة السلوكيات السيئة.