الأكل البطيء.. والإحساس بالامتلاء

TT

ينصح الكثير من كتب الحمية الغذائية الناس بمضغ الطعام ببطء بحيث يمكنهم الإحساس بالامتلاء عند تناول كميات أقل من الطعام، مقارنة بكمياته عند التهام الطعام بسرعة. إلا أن تناول الطعام ببطء لا يؤدي مفعوله دوما. ومع هذا فإن أدى مفعوله حقا فإن أسباب ذلك تعود إلى إيعازات المخ على حد سواء مع شعور البطن.

عرف العلماء منذ زمن أن المعدة الممتلئة لا تشكل إلا جزءا من الأسباب التي تثير أحاسيس الرضا بعد تناول وجبة الطعام. إذ إن على المخ أن يتسلم أيضا سلسلة من الإشارات الواردة إليه من الهرمونات الهضمية التي يفرزها الجهاز الهضمي.

وما إن تأخذ المعدة في الامتلاء بالطعام والشراب حتى تنشط «مستقبلات التمدد» (stretch receptors) الموجودة داخلها. وهذه المستقبلات هي التي ترسل إشاراتها مباشرة إلى المخ عبر العصب الحائر (vagus nerve) الذي يربط بين الأحشاء وجذع الدماغ. ويبدأ إفراز الإشارات الهرمونية حال دخول الطعام المهضوم جزئيا إلى الأمعاء الدقيقة.

وهرمون «كولسيستوكينين» cholecystokinin - CCK)) هو أحد أمثلة هذه الهرمونات التي تفرزها الأمعاء استجابة للغذاء المتناول خلال وجبة الطعام. أما «اللبتين» (leptin) فهو هرمون آخر تولده الخلايا الدهنية، وهو إشارة تتواصل مع الدماغ حول الاحتياجات البعيدة المدى للجسم وحول الشبع، وفقا لتقييم مخزونات الجسم من الطاقة.

وتفترض بعض الأبحاث أن هرمون «اللبتين» يقوي إشارات هرمون «كولسيستوكينين» لتعزيز الإحساس بالشبع. وتفترض أبحاث أخرى أن «اللبتين» يتفاعل أيضا مع الناقل العصبي «دوبامين» (dopamine) داخل المخ لتوليد إحساس بالمتعة بعد الأكل. وتشير هذه النظرية إلى أن تناول الطعام بسرعة لا يتيح للهرمونات الوقت الكافي للتفاعل في ما بينها.

وكما يشهد أي شخص فإن تناول الطعام ببطء بهدف إنقاص الوزن ليس مسألة سهلة، إذ إن الأشخاص السمينين مثلا قد يعانون من وجود حالة «مقاومة اللبتين» (leptin resistance)، الأمر الذي يعني أنهم يكونون أقل استجابة للإحساس بالشبع أو الشعور بالمتعة من تأثير هذا الهرمون.

كما أن الناس يكونون حساسين أيضا لتأثيرات الوسط المحيط بهم - مثل الروائح الجذابة للشوكولاته أو الكعك المحلى أو مشاهدة همبرغر لذيذ - التي يمكنها أن تحفز رغبات الأكل.

والشهية موضوع معقد، كما أن الحمية الغذائية تمثل تحديا للإنسان. ومع هذا فإن الأشخاص الذين يحاولون إنقاص وزنهم قد يكون عليهم البدء بمضغ الطعام ببطء أكثر، وبهذه الطريقة فإنهم سيتيحون لأنفسهم وقتا أطول للإحساس بالمتعة وبالشبع.

المراجع:

Blevins JE, et al. «Hypothalamic - Brainstem Circuits Controlling Eating,» Forum of Nutrition (2010): Vol. 63, pp. 133–40.

Leinninger GM, et al. «Leptin Acts via Leptin Receptor - Expressing Lateral Hypothalamic Neurons to Modulate the Mesolimbic Dopamine System and Suppress Feeding,» Cell Metabolism (Aug. 2009): Vol. 10, No. 2, pp. 89–98.

* رسالة «هارفارد» للصحة العقلية، خدمات «تريبيون ميديا».