فيتامين «دي».. والوقاية من أمراض الجهاز التنفسي

يعزز مناعة الجسم ويحمي من العدوى

TT

من المعروف أن فيتامين «دي» D يلعب دورا بالغ الأثر في تكوين العظام والمحافظة على كثافتها عند الأطفال والرضع، وذلك عبر تفعيل آلية امتصاص الكالسيوم وترسيبه بالعظام. ولكن دراسات حديثة كشفت عن دور مختلف لفيتامين «دي» في حماية الجهاز التنفسي.

وقد أشارت نتائج دراسة أميركية حديثة توصل إليها البروفسور كارلوس كامارغو، الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد، في مطلع العام الحالي إلى أن نقص مستويات فيتامين «دي» في الجسم يتسبب في زيادة فرص الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي وحدوث أعراض الصفير «Wheezing»، وهو العرض الأشهر بالنسبة لمعظم لأمراض الصدرية خاصة الأزمة الربوية، غير أنه من المهم التأكيد على أن نقص فيتامين «دي» ليس سببا مباشرا للأزمات الربوية. ومن المعروف أن الالتهاب الرئوي يعد أهم الأسباب لحجز الأطفال بالمستشفيات حول العالم.

* فيتامين «دي» والجهاز التنفسي

* ويقوم الجسم بتكوين فيتامين «دي» بمساعدة أشعة الشمس عبر تفاعلات معينة، ولذلك ينصح بتعريض الأطفال للشمس في بداية اليوم. وفي دراسة سابقة قام بها الدكتور كارلوس، توصل مع فريقه إلى أن الأطفال الذين كانت أمهاتهم تتناول كميات كافية من فيتامين «دي» أثناء الحمل كانوا أقل عرضة للإصابة بالأمراض التنفسية. أما الدراسة الحالية، فكانت موجهة نحو قياس الكميات الفعلية من فيتامين «دي» الموجودة بدم الرضيع، وبيان نسب الإصابة لاحقا بأمراض الجهاز التنفسي، خاصة الأزمات الربوية.

وفى الدراسة التي أجريت على 1000 طفل، تم أخذ عينات من الحبل السري لهم لقياس نسبة فيتامين «دي» في الدم، وتم سؤال الأمهات في ما بعد عما إذا كان هؤلاء الأطفال قد تعرضوا لعدوى الجهاز التنفسي أو اختبروا عرض الصفير بعد 3 أشهر من أخذ العينات، ثم سنويا لحين بلوغ الطفل 5 سنوات.

وأظهرت الدراسة أن نحو 20% من الأطفال في عينة الاختبار، الذين بلغت نسبة فيتامين «دي» في دمائهم أقل من 25 نانومول لكل لتر (nmol/L)، زادت لديهم فرص الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي بنحو ضعف المعدل في الأطفال الذين تخطت القياسات لديهم تركيز 75 نانومول لكل لتر، أو أكثر، في حين أن النسب المثالية للقياسات تكون في حدود 100 نانومول لكل لتر.

ولوحظ في التجربة أن الأطفال ذوي القياسات المنخفضة، كان معظمهم ممن ولدوا في الشتاء، حيث يقل التعرض للشمس، أو لأطفال ممن تعاني أسرهم من تدني المستوى المعيشي، وكذلك الأطفال الذين تعاني أسرهم من تاريخ مرضي سابق من الأزمات الربوية أو أبناء المدخنين.

* تعزيز مقاومة الجسم

* وأوضح الدكتور كارلوس أنه يجب التفريق بين أسباب الأزمات الربوية والعوامل التي تساعد على تفاقمها وزيادتها، وأهمها هي عدوى الجهاز التنفسي. ومن هنا كانت أهمية الدراسة، حيث يزيد فيتامين «دي» من مقاومة الجسم لعدوى الجهاز التنفسي، وبالتالي يقلل من احتمالية تفاقم الأزمة، خاصة في فصل الشتاء الذي يقل فيه فيتامين «دي» نتيجة نقص التعرض لأشعة الشمس، في الوقت ذاته الذي تزداد فيه الأزمات سوءا نتيجة العوامل الجوية. وأعرب كارلوس عن أمله في أن تكون هذه الدراسة بداية لاكتشاف علاج جديد يساعد مرضى الأزمة على اجتيازها.

وفى السياق نفسه، أشارت دراسة إنجليزية نشرت في الأسبوع الأول من يناير (كنون الثاني) الحالي إلى أن فيتامين «دي» يسرع من استجابة الجسم للمضادات الحيوية في علاج مرض الدرن الرئوي T.B عن طريق زيادة المناعة، وهي الدراسة التي قام بها فريق طبي من جامعة Barts And The London على 146 مريضا بالسل، تم اختيارهم بشكل عشوائي، ممن ينتظمون في تناول العلاج الدوائي في صورة المضادات الحيوية.

وتم تقسيم عينة البحث بحيث يتم إعطاء بعضهم جرعات من فيتامين «دي»، في مقارنة مع البعض الآخر الذي يتناول علاجا وهميا، حيث أظهرت الدراسة سرعة تخلص الجسم من ميكروب السل في ظرف 5 أسابيع لدى المرضى الذين تناولوا فيتامين «دي»، مقابل 6 أسابيع لدى المرض الآخرين. وعلى الرغم من أن الفارق ليس كبيرا بين المجموعتين، فإن المرضى الذين لديهم نمط جيني معين من مستقبلات فيتامين «دي» كانت استجابتهم أسرع كثيرا في التخلص من ميكروب الدرن عند تناول فيتامين «دي» بالتزامن مع العلاج الروتيني بالمضادات الحيوية.

وألقت الدراسة الضوء على الدور البالغ الأهمية لفيتامين «دي» في تقوية المناعة، وأشارت إلى أن علاج الدرن في الماضي كان يتم عن طريق إعطاء جرعات مكثفة من فيتامين «دي» قبل توافر المضادات الحيوية. ورغم عدم إجراء تجارب إكلينيكية كافية عن العلاج بهذه الطريقة، فإن نتيجة هذه الدراسة، التي تربط بين فيتامين «دي» وسرعة الاستجابة للمضادات الحيوية، تعطي أملا جديدا لمرضى الدرن.

كما اهتمت دراسة أخرى نشرت في الأسبوع الأول من العام الحالي في دورية «أمراض الصدر» Chest Journal، بمرضى الالتهاب الخلوي الرئوي Interstitial Lung Disease (أو اختصارا ILD)، نتيجة لأسباب مناعية Autoimmune Disease.. والمرض المناعي هو الذي تهاجم فيه الخلايا المناعية الجسم ذاتيا، نتيجة لخلل في الجهاز المناعي.

ووجدت هذه الدراسة أن هناك ثمة علاقة بين نقصان نسبة فيتامين «دي» في دماء هؤلاء الأشخاص، وبين زيادة فرص الإصابة بالالتهاب الخلوي الرئوي ذي الأسباب المناعية، وأنه كلما نقصت معدلات الفيتامين، نقص الأداء العام في وظائف الرئة. ومن هنا، تجري الآن تجارب إكلينيكية على إعطاء المرضى جرعات متزايدة من فيتامين «دي»، لاكتشاف ما إذا كان يمكن رفع معدلات وظائف الرئة عن طريق علاج طبيعي رخيص السعر وفعال في الوقت ذاته.