توصيات جمعية السكري الأميركية لعام 2011

رعاية مريض السكري في المستشفى منذ لحظة دخوله إلى مغادرته

TT

أكدت إحصائيات منظمة الصحة العالمية إصابة نحو 150 مليون شخص بداء السكري على مستوى العالم، الذي ينتظر أن يتضاعف بحلول عام 2025، كما أكدت أن مرضى السكري يمثلون أكثر من 22 في المائة من إجمالي عدد الحالات التي تستدعي الدخول إلى المستشفيات، حيث تمثل تكلفة الإقامة والعلاج عبئا اقتصاديا على المؤسسات العلاجية والاقتصاد القومي واقتصادات المريض ذاته، بالإضافة إلى العبء الصحي والاجتماعي والنفسي، حيث إن مريض السكري أكثر عرضة لتكرار البقاء على أسرة المستشفيات لفترات طويلة نظرا لطبيعة المرض وتأثيراته على أجهزة الجسم المختلفة.

أسباب التنويم في المستشفى

* إلى ذلك، أكدت توصيات جمعية السكري الأميركية (ADA) في النشرة السنوية الدورية «Diabetes care» لعام2011، على الكثير من مبادئ الرعاية الصحية والاشتراطات الطبية الخاصة بمريض السكري أثناء وجوده في المستشفى. وجاء على رأس قائمة التوصيات أن أهم الأسباب التي تتطلب إدخال مريض السكري إلى المستشفى تتمثل في الإصابات الحديثة بداء السكري بين الأطفال وصغار السن، وهو ما يحتاج إلى مراقبة دقيقة لتطورات الحالة، أو حدوث مضاعفات حادة أو مزمنة، من شأنها تهديد الحالة الصحية العامة للمريض، وتحتاج إلى علاج مكثف، أو تطبيق أساليب علاجية تحتاج إلى متابعة دقيقة، مثل العلاج المكثف بالإنسولين أو مضخة الإنسولين، وكذلك ضعف استجابة الجسم للعلاج، مما يتطلب متابعة دقيقة لتعديل السياسة العلاجية، سواء من حيث الجرعات أو نوعيات الأدوية.

أهمية الملفات الطبية

* تناولت التوصيات أهمية احتواء الملفات الطبية (Medical records) لمريض السكري المحتجز في المستشفى على عدة نقاط أساسية، وذلك لدور هذه الملفات الهام في متابعة الحالة العلاجية للمريض. ومن أهم هذه النقاط تدوين تاريخ الإصابة بالسكري في الملفات الطبية، لجميع المرضى المعروف عنهم إصابتهم بالمرض، وتدوين قياسات مستوى غلوكوز الدم أثناء وجوده للعلاج في المستشفى، مع مراعاة أن تكون نتائج هذه القياسات متاحة لكافة أعضاء الفرق الطبية، وكذلك تدوين الأسباب المؤدية إلى دخول المستشفى، وفترة الإقامة المتوقعة، والتقييم الشامل للنواحي الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية عند دخول ومغادرة المستشفى.

قياسات سكر الدم

* وأشارت التوصيات إلى أهمية القياسات المختلفة لمستوى السكر في الدم، والتوقيتات الضرورية لإجرائها، فذكرت أنه ينبغي إجراء قياس لمستوى «الهيموغلوبين الغلايكوزيلاتي» (HbA1c)، (أو ما يعرف اصطلاحا بـ«الهيموغلوبين السكري») في الدم لجميع مرضى السكري فور دخول المستشفى، في حالة عدم توافر نتائج سابقة للقياس، أو عدم قيام المريض بإجراء هذا الاختبار خلال مدة تتراوح بين شهرين و3 أشهر سابقة.

وينصح أيضا بقياس نسبة «الهيموغلوبين الغلايكوزيلاتي»، (وهو صنف من الهيموغلوبين يمكن عبر استخدامه قياس متوسط مستوى تركيز السكر بالدم في فترات طويلة)، في حالة ارتفاع قياسات غلوكوز الدم (لأكثر من 140 ملليغراما/ ديسيلتر) مع عدم وجود تشخيص سابق بمرض السكري، الذي قد ينتج عن حالات التوتر (Stress hyperglycemia).. وفي حال ارتفاع نسبة القياس عن 6.5 في المائة، يرجح الإصابة بمرض السكري.

كما ينبغي قياس غلوكوز الدم لأي مريض لا تعرف إصابته بالسكري عند الدخول إلى المستشفى على وجه العموم، وبخاصة في بعض الحالات، مثل تلك التي تستدعي العلاج بجرعات مرتفعة من «الكورتيزون» ومشتقاته أو مثبطات المناعة، أو المرضى المحتاجين إلى تغذية وريدية كاملة (TPN).. وفي حالة التأكد من ارتفاع قياسات غلوكوز الدم، يجب أن يخضع المريض لبروتوكولات العلاج الخاصة بمرضى السكري.

حالة ارتفاع غلوكوز الدم المرتبط بوجود المريض في المستشفى (Hospital – related hyperglycemia) يحدث فيها ارتفاع لقياسات غلوكوز الدم (الصائم أكثر من 126 ملليغراما/ ديسيلتر، أو العشوائي لأكثر من 200 ملليغراما/ ديسيلتر) أثناء الإقامة في المستشفى، وتتراجع القياسات إلى المعدلات الطبيعية عقب مغادرة المريض المستشفى. وقد تحدث تلك الحالة نتيجة عدة عوامل مثل التوتر العصبي، أو التوقف عن تناول العلاجات المخفضة لغلوكوز الدم، أو استخدام علاجات ترفع مستويات الغلوكوز في الدم مثل «الكورتيزون» ومشتقاته، ويجب وضع مثل تلك الحالات في الاعتبار عند تقييم مريض السكري في حال دخوله إلى المستشفى.

أجهزة مراقبة السكري

* وهي أجهزة «Blood glucose meters» يمكن استخدامها كدليل إرشادي لمراقبة مستويات السكر في الدم قبل تناول جرعات الإنسولين، سواء كل 4 إلى 6 ساعات، في حال الحقن تحت الجلد، أو كل نصف الساعة إلى ساعتين، في حالات العلاج بالإنسولين عن طريق الوريد، بشرط التأكد من القياسات باستخدام الأجهزة المختبرية في حالة الحصول على قراءات لا تتناسب مع الحالة الإكلينيكية للمريض.

ويجب الأخذ في الاعتبار أن تلك الأجهزة تتأثر بشكل ملحوظ في حالات ارتفاع أو انخفاض تركيز هيموغلوبين الدم (مثل الأنيميا)، أو في حالات نقص التروية الدموية للأطراف (قصور الأوعية الطرفية في توصيل الدماء بشكل سليم)، أو أثناء استخدام بعض العقاقير العلاجية مثل سكر الـ«مالتوز»، لذلك تسعى بعض الشركات إلى إنتاج أجهزة قياس حديثة للتغلب على هذه الأخطاء في القراءة.

علاجات السكري في المستشفى

* الإنسولين: تشير التوصيات إلى أن حقن الإنسولين بالوريد أو بالمضخة أو تحت الجلد هو الوسيلة المفضلة للعلاج والسيطرة على ارتفاع غلوكوز الدم لدى الغالبية العظمى من الحالات في المستشفى. كما توضح عدم تتوافر أدلة علمية تؤكد فعالية استخدام العقاقير المسماة «أشباه الإنسولين» (Insulin Analogs) أو أقراص معالجة السكري بالفم، بديلا عن الإنسولين في معالجة الحالات الحادة والحرجة.

ويعتمد العلاج على جرعة أساسية للإنسولين «basal dose» لضمان ثبات مستوى غلوكوز الدم، بالإضافة إلى جرعات إنسولين مكملة «Supplemental doses» قبل وبعد تناول الطعام، وفقا للقياسات المتكررة، من أجل الحفاظ على استقرار غلوكوز الدم لدى الغالبية العظمى من المرضى.

كما يجب توخي الحذر في مرحلة الانتقال من العلاج بالإنسولين عن طريق الوريد إلى الحقن تحت الجلد، تجنبا لحدوث ارتفاعات مفاجئة في غلوكوز الدم قد تؤثر على النتائج السريرية للمريض.

* عقاقير معالجة السكري بالفم: أما عقاقير معالجة السكري بالفم (oral hypoglycemics)، فلا ينصح بتناولها للحالات الحادة والحرجة، ويمكن الاستمرار في تناولها لبعض الحالات المستقرة والمتوقع تناولها مع وجبات الطعام بانتظام، كما يمكن البدء في إعطائها أو إعادة تناولها قبل الخروج من المستشفى طبقا لمتطلبات الحالة الصحية للمريض.

ا لمستويات المستهدفة لغلوكوز الدم

* وأثناء فترة الوجود في المستشفى، يجب مراعاة اختلاف المستويات المستهدفة لغلوكوز الدم (Goals for blood glucose levels)، حسب الحالة الصحية لكل مريض، والتطورات الصحية والعلاجية له أثناء الوجود في المستشفى.

* مرضى الحالات الحرجة (Critically ill-patients): وعلى سبيل المثال، فإن الحالات الحرجة المصابة بالسكري تحتاج إلى البدء في العلاج بالإنسولين في حالة ارتفاع قياس غلوكوز الدم لأكثر من 180 ملليغراما/ ديسيلتر. وتحتاج الغالبية العظمى من الحالات إلى المحافظة على قياس غلوكوز الدم بين 140 و180 ملليغراما/ ديسيلتر، وقد تنخفض تلك النسبة إلى 110 - 140 ملليغراما/ ديسيلتر، بشرط توافر الاحتياطات اللازمة لتجنب انخفاضات سكر الدم والمضاعفات.

ويتم علاج الغالبية العظمى من الحالات الحرجة بالإنسولين الوريدي (IV insulin therapy)، لضمان عدم ارتفاع قياسات الغلوكوز عن 180 ملليغراما/ ديسيلتر.

* مرضى الحالات غير الحرجة (Non-critically ill–patients): أما في مرضى الحالات غير الحرجة، فإن القياسات المستهدفة لغلوكوز الدم تعتمد على التقييم الإكلينيكي، والتغيرات الطارئة على قياسات السكر، وشدة المرض، واستخدام علاجات قد تؤثر على مستوى غلوكوز الدم، لذلك فهي تختلف اختلافا كبيرا لكل مريض على حدة، كما تختلف حسب تطورات الحالة الصحية للمريض أثناء العلاج.

ويتم علاج الغالبية العظمى من مرضى الحالات غير الحرجة بالإنسولين للمحافظة على مستوى سكر الغلوكوز قبل الطعام (Pre-meal blood glucose) أقل من 140 ملليغراما/ ديسيلتر، والسكر العشوائي بالدم (Random blood glucose) أقل من 180 ملليغراما/ ديسيلتر.

ويمكن تحقيق مستويات أقل من ذلك في المرضى الذين يتمتعون باستقرار الحالة الصحية، وفي المقابل يمكن تحقيق مستويات أعلى للمرضى الميئوس من شفائهم أو يعانون من مشكلات صحية شديدة متعددة، أو في حالة عدم توافر عناصر الأمان لضمان عدم حدوث انخفاضات في السكري أو مضاعفات.

انخفاض السكري

* وتؤكد التوصيات ضرورة تجنب انخفاض غلوكوز الدم (Hypoglycemia)، وينصح بإعادة تقييم جرعات الإنسولين في حالة انخفاض غلوكوز الدم لمستويات أقل من 100 ملليغراما/ ديسيلتر، كما يجب تعديل نظام العلاج عند انخفاض القياس لأقل من 70 ملليغراما/ ديسيلتر بعد استبعاد الأسباب الأخرى لانخفاض غلوكوز الدم، مثل إهمال تناول وجبة الطعام وخلافه.

وتشير إلى أن الانخفاض البسيط هو أقل من 70 ملليغراما/ ديسيلتر، والمتوسط هو من 40 - 69 ملليغراما/ ديسيلتر، أما الشديد فهو أقل من 40 ملليغراما/ ديسيلتر؛ ويجب تجنب حدوثه للوقاية من حدوث تداعيات صحية قصيرة المدى تؤثر على النتائج السريرية للمريض أو مضاعفات صحية طويلة المدى.

بعد مغادرة المستشفى

* يتم وضع خطة للعلاج والمتابعة بعد مغادرة المستشفى لجميع مرضى السكري، بالإضافة إلى أولئك من غير المعروف عنهم إصابتهم بالمرض وأصيبوا بارتفاع غلوكوز الدم أثناء تلقي العلاج في المستشفى. كما يتم منح المريض بطاقة متابعة صحية تتضمن التشخيص والمضاعفات والعلاج لتسهيل مهمة فريق العمل الطبي عند كل زيارة للمريض إلى المستشفى.

ويتم تزويد مرضى السكري، أو من ثبتت إصابتهم بالسكري أثناء الوجود في المستشفى، ببطاقة صغيرة يطلق عليها «بطاقة الإنقاذ» أو «بطاقة الهوية الصحية لمريض السكري».. التي تتضمن معلومات عن حالته الصحية ونوع العلاج، بالإضافة إلى بياناته الشخصية، وذلك لإتاحة الفرصة للمحيطين به لاستخدامها في حالات الطوارئ أو عند الغياب عن الوعي.

* استشاري الجهاز الهضمي والكبد والتغذية العلاجية - كلية الطب - جامعة القاهرة