دراسات معمقة حول كيفية حدوث مرض الصرع

العلماء يرصدون نشاطا خلويا منفردا قبل حدوث النوبة

TT

تمكن العلماء للمرة الأولى من تسجيل نشاط مئات الخلايا في المخ البشري خلال نوبة صرع. ويأتي البحث، الذي نشر هذا الأسبوع في مجلة «نيتشر نيوروساينس»، جزءا من حركة متنامية لتوظيف التكنولوجيا الحديثة لدراسة عمليات المخ على مستوى الخلية المفردة، التي كانت حتى وقت قريب عملية مستحيلة يصعب القيام بها في الإنسان.

نوبات الصرع في نوبات الصرع، يتحول نشاط الخلية العصبية المنتظم في المعتاد إلى نشاط فوضوي. فقد تتسبب الكميات غير الطبيعية من الشحنات الكهربائية التي لا يتم تفريغها إلى إعاقة نشاط الخلايا العصبية في بعض الأحيان. وعادة ما يراقب العلماء نوبات الصرع عند الإنسان باستخدام مخطط المخ الكهربائي (EEG)، الذي يقيس النشاط الكهربي عبر ملايين الخلايا العصبية في وقت واحد، وهو الأسلوب الذي قد كشف الكثير من المعلومات عن الأنماط العامة لنشاط الخلايا العصبية في حالات الإصابة بنوبات الصرع. غير أن الباحثين يأملون أن يتمكنوا من خلال دراستهم للخلايا المفردة من معرفة كيفية انتشار نوبات الصرع.

ومن خلال الدراسة، التي تعد جزءا من تعاون مكثف بين الباحثين في جامعة براون ومستشفى ماساتشوستس العام في الولايات المتحدة، تم إجراء فحص لأربعة مرضى كانوا خاضعين فعليا لإجراء يهدف إلى دراسة أصل نوبات الصرع التي يصابون بها. وقد كانوا جميعا مصابين بمرض الصرع البؤري الذي لا يمكن السيطرة عليه، والذي تتعلق فيه نوبة الصرع بجزء معين من المخ.

تداخل عصبي وإلى جانب تثبيت المريض بأقطاب مخطط كهربائية المخ زرع الجراحون 4 أقطاب مربعة صغيرة للغاية بحجم 4 مليمترات في المناطق التي يشتبه في كونها مصدر نوبات الصرع. وقد سمحت عملية الزرع هذه بتسجيل نشاط مئات الخلايا العصبية المفردة خلال عدة أيام عانى فيها المريض من عدة نوبات صرع.

ورغم قدرة العلماء على تسجيل النشاط في خلايا مخ عدد من المرضى المصابين بالصرع كانوا على وشك الخضوع لجراحة، فإن هذه الدراسة تعد الأولى من نوعها التي تقوم بدراسة سلوك الكثير من الخلايا الفردية خلال نوبة الصرع.

وقد وجد الباحثون أن الخلايا المجاورة تصرفت بصورة مغايرة تماما أدت إلى نوبة الصرع، فقد نشطت بعض الخلايا في الوقت الذي تباطأ نشاط البعض الآخر. وتقول الدكتورة سيدني كاش، أستاذة الأعصاب في مستشفى ماساتشوستس العام: «هناك تداخل معقد بين الأعصاب المختلفة تؤدي إلى نوبة الصرع»، وكان هذا الاختلاف مثيرا للدهشة، وفي المقابل كانت بعض الخلايا أكثر تزامنا لأنها هدأت في نهاية نوبة الصرع.

ويرى بريان ليت أستاذ الأعصاب والهندسة الحيوية المساعد في جامعة بنسلفانيا أن هذه الدراسة تضيف معلومات جوهرية لمحاولات العلماء فهم نوبات الصرع بصورة أكثر شمولية. لكنه أضاف أن النموذج المثالي سيكون توزيع التفاصيل الدقيقة لهذه الأعداد الدقيقة على مساحات أكبر من المخ.

وشبه تحليل عدد صغير من الخلايا بمحاولة رؤية شغب عبر ملاحظة عدد قليل من الناس في موقع، وأن عدم التجانس بين الخلايا يمكن أن يعني أن النماذج يمكن أن تشاهد على نطاق واسع. ومن ثم تقوم مجموعات كثيرة حاليا باختبار عدد من التكنولوجيات التي يمكنها تجاوز نطاقات متعددة.

تم استخدام أسلوب مجموعات صغيرة مشابهة لعمليات زرع الأعضاء الصناعية العصبية التجريبية التي تدعى برين غيت BrainGate لمساعدة الأشخاص المعاقين في التحكم بأنظمة الكومبيوتر والأطراف الصناعية.

وتظهر دراسة نوبات الصرع أن أجهزة التسجيل هذه يمكن أن تثبت فائدة أيضا في دراسة أمراض المخ. ويأمل كاش في أن يتمكن الفريق خلال مواصلته دراسة الخلايا العصبية خلال نوبات الصرع من استخدام البيانات بشأن النشاط الخلوي للتنبؤ فعليا بنوبات الصرع قبل حدوثها. ورغم اقتصار استخدام الجهاز في الوقت الحالي على الباحثين فإن فريق كاش وآخرين يعملون على إنتاج جهاز آخر أصغر حجما وأيسر استخداما وبأجهزة إرسال لاسلكية، يمكن استخدامها كأدوات للمراقبة السريرية في الوقت ذاته.