امرأة تستعيد صوتها.. بعد 7 عمليات جراحية

بعد ترميم القصبة الهوائية واستبدال الحبال الصوتية لها

TT

ظلت جان كريستيان تهمس بالكاد، على مدى 35 عاما. وكان التحادث عبر الهاتف أشبه بالمستحيل بالنسبة إليها. وكان من الصعب أن يسمعها البائعون عندما تتحدث إليهم من داخل سيارتها. وفي بعض الأيام كانت تعاني أثناء عملية التنفس.

ولكن كريستيان تستطيع الآن أن تمزح، بل إن أفراد عائلاتها وأصدقاءها ربما يتمنون في بعض الأحيان لو تصمت قليلا. وتقول المرأة التي تبلغ من العمر 52 عاما: «ربما فكر زوجي يوما في أنه قد حصل على امرأة لا تتكلم».

وفي العام الماضي مرت كريستيان، التي تعيش في ضاحية سينسيناتي بسبع عمليات جراحية في المستشفى الجامعي بسينسيناتي من أجل إعادة ترميم قصبتها الهوائية والحبال الصوتية ليتسنى لها الكلام بصورة طبيعية.

أضرار القصبة الهوائية وقام بالعملية الجراحية سيد خوسلا، وهو طبيب أنف وأذن وحنجرة وباحث بجامعة سينسيناتي. وأصبح كل المرضى الذين أجريت لهم عمليات جراحية قادرين على الحديث بوضوح بدرجة كبيرة، مثل كريستيان.

وكانت كريستيان، التي نشأت داخل كولورادو، تبلغ من العمر 17 عاما عندما أصيبت قصبتها الهوائية في حادثة سيارة. وكانت تجلس على مقعد الراكب عندما صدمت السيارة عمودا للاتصالات الهاتفية، واندفعت إلى الأمام واصطدمت رقبتها بلوحة القيادة.

وتقول: «تسبب ذلك في تحطيم قصبتي الهوائية، وإتلاف أحبالي الصوتية وكسر ثلاث فقرات»، مشيت إلى منزل في الجوار واتصلت بوالديها ليقدما لمساعدتها. وتضيف: «كان صوتي أشبه بصوت بلير في فيلم (طارد الأرواح الشريرة). وأصابني ذلك بالفزع». وأخذها والدها إلى مستشفى في كولورادو سبرنيغز، ولكنه لم يثق في الأطباء وأخذها إلى المنزل قبل أن تعالج.

وبعد أسبوعين أعيدت إلى المستشفى، حيث أصبحت عاجزة عن البلع بسبب التلف الذي أصاب قصبتها الهوائية، وكانت عاجزة عن تناول أي نوع من الغذاء. وكانت حنجرتها قد أصيبت بكسر، وتلف أحد الحبال الصوتية لديها، بينما تحطم الآخر.

وتبدو الحنجرة العادية مثل فتحة على شكل مثلث، وينساب الهواء عبرها، وعندما يتحرك على الحبال الصوتية يصدر الصوت. وتقول كريستيان: «عندما نظروا إلى حنجرتي، بدا وكأنني قد بلعت كرة تنس»، وأجرى الأطباء عملية جراحية من أجل إصلاح القصبة الهوائية والحنجرة كي تتمكن من التنفس وبلع الطعام. ولكنهم لم يتمكنوا من إصلاح صوتها. وتركت تكاد تهمس، ولا يمكن سماع صوتها عبر الهاتف.

وفي بعض الأحيان كان التنفس يبدو صعبا بالنسبة لها، حسب ما قاله زوجها راندي كريستيان (32 عاما)، ويضيف: «كانت حنجرتها تتضخم، وكانت تجاهد من أجل التنفس، ولا سيما عندما تكون متعبة».

وواجهت كريستيان صعوبة في العثور على وظيفة من دون استخدام الهاتف. كما كان من الصعب عليها الحديث مع عائلتها، حيث كانوا في الأغلب لا يفهمون ما تريد قوله. وتشير إلى أن هذا الأمر دفعها إلى الابتعاد عن أصدقائها، معلقة: «تسبب ذلك في عزلة كبيرة».

وبمرور الأعوام، عادت كريستيان إلى ما تصفه «عمل صيانة» من أجل إزالة نسيج من الندوب المتكونة. وتقول: «كان عليهم أن ينظفوا القصبة الهوائية حتى أستطيع التنفس». ويئست من أن يأتي اليوم الذي تستطيع أن تتكلم فيه بصورة طبيعية على الرغم من أن عائلتها ظلت تبحث عن حل لذلك الأمر.

* جراحة ناجحة

* إلا أنها قابلت الجراح خوسلا في عام 2009، وحسبت أنه سيكون جراحا آخر سيقوم بعمل تنظيف القصبة الهوائية الخاصة بها. ولكنه طلب القيام بتصوير حنجرتها حتى يحصل على رؤية أفضل للتلف الذي أصاب القصبة، ولكنها رفضت ذلك. وتقول: «لقد فكرت؛ لماذا يجب أن أقوم بذلك؟ ولم يكن لدي أي أمل. وخرجت من العيادة»، كما نقلت عنها صحيفة «يو إس إيه توداي» الأميركية.

وبعد عام عادت لتراه، وقال إنه يستطيع أن يرمم قصبتها. تتذكر كريستيان ما حدث: «عدت إلى المنزل، وبكيت. في الواقع من الممتع أن يقدم لك شخص أملا جديدا عندما لا يكون لديك أي نوع من الأمل لفترة طويلة. ولم أكن أعرف كيف يمكنني الحصول على ذلك».

وعلى مدار الكثير من العمليات الجراحية، قام خوسلا بإعادة بناء الحنجرة وقصبة كريستيان الهوائية. وكان عليه أن يعيد فتح الجزء الغضروفي، وفي بعض الأحيان استبداله بآخر.

وكان عليه أيضا إعادة ترميم الحبل الصوتي المفقود، واستخدم العضلات والأنسجة والدهون من أجزاء أخرى في جسمها. ويتكون الحبل الصوتي من طبقات من العضلات والدهون، ويجب أن يتم إعادة بناء هذه الطبقات بدقة من أجل ظهور الصوت. واستخدم جهاز ليزر صغير من أجل إزالة ندب قديم. وكانت آخر عملية جراحية خضعت لها في فصل الخريف.

وقد كانت كريستيان محظوظة من ناحية، فلم تكن الأعصاب التي تتحكم في أحبالها الصوتية تعرضت للتلف، بحسب ما يقوله خوسلا، الذي حصل درجة جامعية في الهندسة الميكانيكية من معهد ماساتشوستس للتقنية.

ودرس خوسلا كيفية تدفق الهواء عبر محركات الطائرات من أجل الحصول على فهم أكبر للطريقة التي تعمل بها الحنجرة لتخرج الصوت.

وقبل خمسة أعوام كان يقوم بأربع عمليات جراحية في العام مثل عملية كريستيان. ويقول إنه قد يقوم في الوقت الحالي بأكثر من عشر عمليات، حيث عرف المرضى وأطباؤهم أنه توجد وسيلة قد تفيدهم.

ويقول خوسلا إن معظم مراكز البحث الأكاديمية مثل جامعة سينسيناتي لديها خبرة في إجراء العمليات الجراحية وإعادة التأهيل، مثلما حدث مع كريستيان. ويضيف أن صوت كريستيان الجديد «بعيدا عن أن يوصف بالتمام»، ولكنها «تستطيع التحدث بصورة مفهومة، وهذا ما يريده معظم المرضى».

والآن يوجد في صوتها خشونة، تقريبا مثل شخص يعاني من التهاب شديد في الحلق، وما زالت تتعلم كيف يمكنها التنفس بالصورة المناسبة. وبعد 35 عاما أصبحت وسائل الحديث أكثر صعوبة.

ومن المنتظر أن يتحسن صوتها مع استمرارها في العلاج، ومن المتوقع أن تتحسن نبرة الصوت. ويقول خوسلا إن احتمالية عودتها للوضع السيئ ضعيفة. ويضيف: «تبدو الأشياء التي قمنا بها مختلفة، ولكنها تؤدي مهمتها».