أستشارات طبية

د. حسن صندقجي

TT

* عمري 46 سنة، وعملي مكتبي وتعليمي. وأنا لا أشكو من أي أمراض مزمنة ولا أشكو من أي أمراض في القلب. وكنت قد أجريت فحوصات طبية وطمأنني الطبيب. باعتبار مقدار عمري، هل تناول الأسبرين للوقاية من النوبات القلبية شيء ضروري أو مُفيد؟

* الدكتور أحمد - الإمارات

* - هذا ملخص رسالتك المهمة في حقيقة الأمر، التي سبق أن طرقت موضوعها عدة مرات في مقالات منفصلة وضمن استشارات عدة. والواقع أن هناك اعتقادا واسعا بأن على المرء إذا بلغ عمر الأربعين أو الخمسين، أن يتناول بشكل يومي قرصا من الأسبرين ابتغاء الوقاية من الإصابة بنوبة الجلطة القلبية ونوبة السكتة الدماغية. وهذا الإدعاء والنصيحة به لكل الأصحاء من الناس بالعموم، لا يقوم على أساس علمي ولا تتضمنه إرشادات الهيئات الطبية العالمية المعنية بصحة القلب وكيفية الوقاية من أمراضه وعلاجها، بل هناك تفصيل في نصائح الهيئات العلمية الطبية تلك يتم من خلاله تحديد من من الناس سيستفيد منه ومن منهم ثبت أن لا جدوى لهم من تناوله بشكل يومي.

ودعنا نستعرض الموضوع بشكل متسلسل. إن الأسبرين في الأصل دواء مضاد للالتهابات وخافض لحرارة الجسم ومسكن للألم. وهذا العقار له أيضا تأثير على قدرة التصاق الصفائح الدموية على بعضها البعض. وتحديدا، فإن الأسبرين يُقلل من قدرة التصاق الصفائح الدموية على بعضها البعض خلال وجود مُثيرات تتطلب تكوين خثرة أو جلطة دموية، مثل نتيجة حصول الجروح أو التهتكات في بنية بطانة الأوعية الدموية وغيرها من المُثيرات التي تُحفز عملية التصاق الصفائح الدموية بعضها على بعض. وهذا التأثير للأسبرين هو ما جعله وسيلة يستخدمها أطباء القلب لمنع تكرار حصول الخثرات والتجلطات الدموية داخل الشرايين القلبية أو الدماغية، وذلك لدى الأشخاص الذين ثبت أن لديهم مشكلة في الشرايين القلبية أو الدماغية أو سبق لهم الإصابة بنوبة الجلطة القلبية أو بنوبة ألم الذبحة الصدرية أو السكتة الدماغية. وهنا يُسمي الأطباء هذا الاستخدام للأسبرين بأنه استخدام لتحقيق «الوقاية المتقدمة أو الثانوية».

وهناك نوع آخر من استخدام الأسبرين في الوقاية، ويُسمى «الوقاية الأولية». وذلك بإعطاء الأسبرين للأشخاص الذين لم يثبت أن لديهم أمراض شرايين القلب أو الدماغ ولم يُصابوا في السابق بنوبة الذبحة الصدرية أو نوبة الجلطة القلبية أو السكتة الدماغية. ويتبنى أطباء القلب تقديم النصيحة بتناول الأسبرين ابتغاء «الوقاية الأولية» إلى أولئك الأشخاص الذين ترتفع لديهم احتمالات نشوء أمراض شرايين القلب أو الدماغ، أو ربما تكون لديهم حالات مرضية مُصاحبة تمنع من الشعور بأعراض الإصابة بنوبة الذبحة الصدرية أو الجلطة الدماغية. والأشخاص الذين ترتفع لديهم احتمالات الإصابة بأمراض الشرايين القلبية أو الدماغية هم أولئك الذين لديهم أحد أو عدد من العوامل التي تصنف بأنها ترفع من خطورة الإصابة بأمراض الشرايين. وهي ما تشمل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكولسترول الخفيف والدهون الثلاثية، ومرض السكري، والتدخين، والكسل البدني، والسمنة، والتقدم في العمر، وغيرها.

وما يفرض على الأطباء عدم إطلاق النصيحة بتناول الأسبرين يوميا للرجال أو النساء، هو أن الأسبرين بذاته كدواء لا يخلو تناوله من احتمالات التسبب بالآثار الجانبية السلبية. وتحديدا يُمكن أن يتسبب تناول الأسبرين بالنزيف الدموي في المعدة والدماغ وغيرها، بدرجة قد تكون بالغة الضرر أو مُهددة لسلامة الحياة. ولذا يعتمد أطباء القلب مبدأ حساب مقدار المصلحة والاستفادة في مقابل حساب مقدار المفسدة والضرر المُحتمل.

وبناء على هذا المبدأ، تكون النصيحة بتناول الأسبرين، كوسيلة للوقاية الأولية، موجهة لمن يغلب على ظن الأطباء أن الفائدة بمنع حصول النوبة القلبية تغلب على الضرر المحتمل لحصول نزيف الدماغ أو المعدة أو غيرها من الآثار الجانبية المحتملة للأسبرين. ويستخدم الأطباء كفيصل في هذا التفريق ما يُعرف طبيا بمقياس تحديد احتمالات خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب خلال العشر سنوات المقبلة من العمر. ولحساب مقدار هذا الاحتمال، يتم النظر في مقدار العمر والتدخين ومقدار ضغط الدم ونسبة الكولسترول الخفيف. وبناء على النتيجة، إذا كانت فوق 10%، يكون تناول قرص الأسبرين بشكل يومي شيئا مفيدا للوقاية الأولية هذه. وإذا كانت أقل من هذا، فإن احتمالات الضرر من وقوع أحد الآثار الجانبية للأسبرين تفوق الفائدة من تناوله، ولذا لا يُنصح به. وهذا هو ما تتبناه رابطة طب القلب الأميركية. وتستثنى الرابطة أولئك الرجال الذين لديهم مرض السكري، وليس النساء، إذ تعتبر الرابطة وجود مرض السكري مساويا لحصول جلطة قلبية في الماضي، ولذا تنصح مرضى السكري بتناول الأسبرين يوميا ما لم تكن هناك موانع طبية من تناوله.

وعلى الرغم من أن إرشادات المجمع الأوروبي لطب القلب لا تعترف بالمطلق بوجود مكان لاستخدام الأسبرين في الوقاية الأولية ولا تنصح بتناوله إلاّ لمرضى شرايين القلب أو من سبقت إصابتهم بالجلطة القلبية، فإنني أرى أن نصائح رابطة طب القلب الأميركية أكثر دقة وأكثر فائدة وهذا ما أتبناه في نصيحتي لمرضاي وما أعتقد أنه الصواب طبيا وفقا لما هو متوفر من أدلة علمية ودراسات طبية.

* الصوم لتحليل الكولسترول

* هل من الضروري الصوم قبل تحليل الكولسترول، وما هي مدته؟

* عبد الله عامر - الرياض

* -- يعطي تحليل الدم لقياس الكولسترول أربعة أرقام في النتائج المكتوبة له. وهي نسبة «الكولسترول الكلي» في الدم، ونسبة «الكولسترول الخفيف»، ونسبة «الكولسترول الثقيل»، ونسبة «الدهون الثلاثية». والنصيحة الطبية التي تتبناها الهيئات الطبية العالمية المعنية بشأن الكولسترول، مثل البرنامج التثقيفي القومي لأميركي للكولسترول ورابطة القلب الأميركية ومنظمة الصحة العالمية، هي أن يتم سحب عينة الدم من الشخص بعد صومه 12 ساعة على أقل تقدير. والصوم المقصود هو الامتناع التام عن تناول الطعام والمشروبات الباردة والساخنة بأنواعها، ولا يُسمح إلاّ بتناول الماء الصافي والأدوية التي يصفها الأطباء لعلاج الحالات المرضية لدى المرء.

وهناك عدة أسباب تقنية تفرض هذا الصوم، وللمدة المذكورة، لكي نحصل على نتائج دقيقة في نسبة العناصر الأربعة التي تتضمنها نتائج التحليل. وهذه الدواعي التقنية مبنية على أن طريقة إجراء تحليل نسبة أنواع الكولسترول تعتمد في جوانب متعددة على نسبة الدهون الثلاثية في الدم. وتختلف نسبة الدهون الثلاثية حسب طول المدة ما بين تناول آخر وجبة طعام أو مشروب وبين سحب عينة الدم للتحليل. ومدة 12 ساعة كافية لتنقية الدم من أي كميات إضافية من الدهون الثلاثية التي دخلت إلى الدم بُعيد تناول وجبة معينة من الطعام.

ويضر عدم الالتزام بالصوم في هذه المدة كاملة، المريض لأن الطبيب سيبني خطته العلاجية على مقدار الأرقام الواردة في نتائج التحليل. وهذه الخطة العلاجية تتضمن مقدار جرعة الدواء وإضافة أنواع متعددة من أدوية خفض الكولسترول وتغيرات نوعية الطعام اليومي نحو الأطعمة الصحية. ومعلوم أن تناول مقدار عال لا حاجة للجسم به من دواء خفض الكولسترول، يعني تلقائيا رفع احتمالات تعرض المرء للآثار الجانبية المحتملة للأدوية تلك.