طنين الأذن.. ينجم عن قلة نشاط الدوائر السمعية في المخ

بحث جديد يمهد الطريق لتطوير أدوية علاجية

TT

ينتج مرض طنين الأذن، وهو عبارة عن رنين مستمر في الأذن، عن مسارات عصبية رئيسية غير نشطة في مركز السمع في المخ، وفقا لما قاله علماء بكلية الطب جامعة بيتسبرغ في الإصدار الإلكتروني لمجلة «أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم» الأميركية في شهر أبريل (نيسان) الماضي.

ويعتبر هذا المرض من الإعاقات التي يصاب بها الجنود الذين تعرضوا للقصف وكذلك الذين يستمعون إلى موسيقى مرتفعة الصوت إضافة إلى ملايين من الآخرين.

طنين الأذن يمهد هذا الاكتشاف، الذي تمت الاستعانة فيه بتقنية جديدة لتصوير الدوائر السمعية باستخدام شرائح من نسيج المخ في المختبر، الطريق لتطوير دواء وعلاج ناجع لحالة لم يتم التوصل بعد إلى علاج لها.

وقد أوضحت الأبحاث السابقة أن الدوائر السمعية في المخ لدى مرضى طنين الأذن تكون أكثر اهتياجا. لكن حتى هذه اللحظة لم يتضح بعد ما إذا كان ذلك نتيجة نشاط زائد في المسارات العصبية المهتاجة أو قلة نشاط المسارات المسدودة أو الاثنين معا حسب ما أوضح تانوس تزونوبولوس، الأستاذ المساعد في طب الأنف والأذن والحنجرة والأعصاب بكلية الطب جامعة بيتسبرغ. وأضاف أن «عدم الاتزان السمعي يتسبب في سماع المريض لرنين مستمر أو أزيز أو ضوضاء مزعجة حتى عندما لا يكون هناك مصدر صوت فعلي. ويخفض طنين الأذن ضجيج أصوات الموسيقى والتلفزيون وزملاء العمل والأصدقاء وأفراد الأسرة ويغير من طريقة إدراك المريض للعالم وتفاعله معه».

وحسب الجمعية الأميركية لطنين الأذن، فإن طنين الأذن يعد من أكثر إعاقات العمل شيوعا بين الجنود في حربي العراق وأفغانستان، حيث وجد أن 16 مليونا من بين الـ50 مليون شخص الذين تم فحصهم يعانون من أعراض جديرة بالرعاية الطبية ولا يستطيع مليونا مريض بطنين الأذن القيام بأنشطة يومية.

مشكلة الدوائر السمعية لتحديد المشكلة في الدوائر السمعية في المخ، أصاب فريق عمل تزونوبولوس عددا من الفئران بطنين الأذن، فيما كان يتم تخدير الفأر، تم تعريض أحد أذنيه لصوت قوته 116 ديسبلا يشبه صوت صافرة سيارة الإسعاف، لمدة 45 دقيقة. ويعتقد أن التعرض لصوت بهذه القوة يتسبب في تدمير قوقعة الأذن التي توجد في الأذن الداخلية التي تلعب دورا هاما في نقل الموجات الصوتية عبر الأعصاب وهو ما يمكن أن يؤدي إلى فقدان حاسة السمع.

بعد ذلك بأسابيع، أكد العلماء إصابة الفئران بطنين الأذن من خلال إجراء تجارب كان يتم فيها تشغيل نغمة قوتها 70 ديسبلا لفترة من الوقت ثم إيقافها لفترة وجيزة وتشغيلها مرة أخرى قبل أن يتم قطعها بدقات أعلى.

تستطيع الفئران الطبيعية أن تميز هذا الفاصل ونظرا لإدراكها أن شيئا قد تغير كانت أقل تفاجؤا من الفئران المصابة بطنين الأذن التي لم تتبين لحظة الصمت الفاصلة بين النغمات بسبب الطنين الذي تعاني منه. ومن ثم سعى العلماء لتحديد الخلل الذي حدث في التوازن بين الاهتياج وقلة النشاط في الدوائر السمعية لدى الفئران المصابة بطنين الأذن.

تقنية تصوير جديدة وتوصل العلماء إلى تقنية تصوير تسمى «الفلافوبروتين فلوروسين» flavoprotein autofluorescence التي يمكن أن تستخدم للكشف عن النشاط الزائد المتعلق بطنين الأذن في شرائح من المخ. وتم إجراء تجارب داخل النواة القوقعية الظهرية dorsal cochlear nucleus في مركز سمع متخصص في المخ من عوامل الإصابة بطنين الأذن. وأوضحت الصور أن المجموعة المصابة بطنين الأذن استجابت للمحفز الإلكتروني بشكل أكبر من المجموعة الأخرى كما كان متوقعا. الأهم من ذلك هو أنه رغم المحفز البيئي، كانت استجابة النواة القوقعية الظهرية لدى الفئران المصابة أكبر.

وحددت المنطلقات التجريبية الجديدة لتزونوبولوس سبب زيادة حدة الاستجابة في المراكز السمعية للمصابين بطنين الأذن. وبعد دراسة العوامل المختلفة التي تعيق مستقبلات عصبية بعينها مهتاجة ومثبطة ومعرفة استجابة مركز السمع في المخ، اكتشف العلماء أن إعاقة مسار عصبي ضابط يفرز ناقلا عصبيا مثبطا يعزز الاستجابة في المنطقة المحيطة بالنواة القوقعية الظهرية في شرائح المخ الطبيعية أكثر مما يفرز في شرائح مخ المصابين بطنين الأذن.

ويوضح تزونوبولوس أن هذا يعني أن النواة القوقعية الظهرية تم تثبيطها أو إعاقتها بالفعل في حالة الإصابة بطنين الأذن. ونقل عنه موقع «ميديكال نيوز توداي» الإلكتروني: «لا يمكننا أن نمنع التثبيط لرفع درجة الاستجابة مثلما نفعل في حالة المخ الطبيعي. وعندما أعقنا دائرة مثبطة أخرى باستخدام الغلايسين وهو من الناقلات العصبية أو عندما أعقنا المسارات العصبية المهتاجة، لم يكن هناك فرق بين استجابات المجموعتين». يعني هذا أن العوامل التي تزيد التثبيط قد تصلح لأن تكون علاجات ناجعة لمرض طنين الأذن. ويحاول فريق تزونوبولوس تطوير مثل هذه العقاقير.