خدمات الرعاية التلطيفية.. للبالغين والأطفال

فرع من الطب يراعي نواحي الألم والأمل لدى المرضى في آن واحد

TT

طب الرعاية التلطيفية هو طب يقدم الرعاية المتخصصة لتخفيف وطأة المرض عن المرضى وعوائلهم، بحيث يراعي نواحي الألم والأمل في آن معا، إذ يشمل النواحي الطبية والنفسية والتأهيلية والروحية. وتحتل الوقاية جانبا مهما من منهج الطب التلطيفي عبر الكشف المبكر عن أعراض المرض ومعالجتها، كما يُعنى هذا الفرع من الطب بشكل كبير في دعم وتثقيف المرضى وعوائلهم حول الجوانب المختلفة من معاناتهم الصحية وكيفية تطور المرض كأحد الجوانب التي يتم مراعاتها من قبل المتخصص بتقديم هذا النوع من الرعاية.

رعاية تلطيفية

* لتسليط الأضواء على بعض جوانب طب الرعاية التلطيفية، التقت «صحتك» أحد المتخصصين في هذا المجال، الدكتورة أماني علي بابقي، العميدة المشاركة للشؤون الأكاديمية بكلية التمريض في جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية - فرع جدة، ومنسقة قسم الرعاية التلطيفية بمدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني بجدة، فأوضحت أولا أن الرعاية التلطيفية تقدم لدينا في المملكة العربية السعودية في عدة مستشفيات ومراكز حكومية متخصصة في علاج الأورام، حيث يوجد أكثر من 7 مراكز حكومية متخصصة في علاج أورام البالغين والأطفال في المملكة العربية السعودية. ولهذا يعتبر الطب التلطيفي أحد أهم التخصصات في مواجهة السرطان وإحدى أهم وسائل العلاج والرعاية عالميا ومحليا.

الاستفادة من الخدمات

* وحول المستفيدين من خدمات الطب التلطيفي، تجيب الدكتور أماني بابقي، بأنهم المرضى ذوو الأمراض المستعصية التي لا يرجى الشفاء منها. ويشمل الطب التلطيفي كل الأمراض والمشكلات الصحية التي تقترب بالمريض من نهاية الحياة. وتعتبر الأمراض السرطانية من أكثر المشكلات الصحية تعقيدا واحتياجا للكوادر الصحية المؤهلة. ومن أكثر الأورام تحديا في طرق العلاج هي أورام الأطفال، فبحسب سجل الأورام الوطني لعام 2006 تم تسجيل أكثر من 700 حالة سرطان لدى الأطفال دون عمر 14 عاما، بينما يتم تسجيل أكثر من 10 آلاف حالة سرطان جديدة لدى البالغين سنويا. ولذا تهتم مراكز الأورام بالسعودية بهذا التخصص وتحرص على تدريب وتوفير الكوادر المؤهلة للمساعدة في التخفيف من هذه المشكلة. وهذا لا يمنع من تقديم هذا النوع من الرعاية الصحية لغير مرضى الأورام من البالغين والأطفال أيا كان نوع مرضهم الذي لا يرجى الشفاء منه، كالأمراض القلبية والصدرية المزمنة والفشل الكبدي أو الكلوي والأمراض الوراثية التي ينتج عنها أعراض يجب السيطرة عليها، إلى جانب مجموعة أخرى من الأمراض. وهؤلاء المرضى سواء كانوا بالغين أم أطفالا، هم فئة يمكنهم الانتفاع من الرعاية التلطيفية كسبيل للسيطرة على آلامهم ومعاناتهم العضوية، والنفسية، والاجتماعية، والروحية.

متى يتم تقديم الرعاية التلطيفية؟ تقول الدكتورة أماني بابقي إنه عادة يبدأ دور الرعاية التلطيفية للمرضى البالغين والأطفال مبكرا، من مرحلة التشخيص المبكر وذلك للتخفيف من أية أعراض يعاني منها المريض البالغ أو الطفل بالإضافة إلى عائلته. كما يمكن أن يبدأ تقديم هذه الرعاية أثناء العلاج، حيث يساهم أعضاء فريق العلاج التلطيفي في معالجة الأعراض الجانبية لبعض أنواع العلاج، وعلى سبيل المثال نذكر مضاعفات العلاج الكيميائي كالغثيان والقيء.. إلخ. وأضافت أن فريق العلاج التلطيفي يمد خدماته لتزويد المريض وعائلته بالإرشاد النفسي والروحي ومد جسور التواصل مع المجتمع لمعاونة المريض وعائلته على تجاوز محنة المرض. ويستمر تواصل فريق الرعاية التلطيفية مع مرضاهم حتى المراحل النهائية للمرض، حيث يقومون بمعالجة أعراض المرض بطريقة مستهدفة وقوية وذلك حتى يوفروا للمرضى طريقة طبيعية وهادئة لنهايتهم في هذه الحياة يقضونها بكل كرامة. ويستمر دعم الفريق التلطيفي لعائلة المريض حتى بعد وفاة المريض وذلك لأهمية الدعم النفسي ووقعه على عائلة المريض.

فريق الرعاية التلطيفية

* يضم الفريق التلطيفي عادة مجموعة من الأطباء والممرضين بالإضافة إلى اختصاصي علاج نفسي ومرشد روحي واختصاصية مجتمع. ويعمل أعضاء الفريق معا وبالتوازي مع المتخصصين من الأقسام الأخرى كالجراحة وطب الأورام والعلاج الإشعاعي. وتتوفر وحدات مثالية للرعاية التلطيفية متمثلة بالأعضاء السابق ذكرهم في عدد من المستشفيات الكبيرة بالمملكة وهي: مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، ومثيله بمدينة جدة، ومدينة الملك فهد الطبية بالرياض، ومستشفيات الحرس الوطني بجدة والرياض، ومستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام.

وعن المعوقات، تقول الدكتورة أماني بابقي إنه على الرغم من كل الجهود المتوافرة والدعم المتواصل لهذا النوع من الرعاية الصحية، فما زالت العوائق قائمة. ومن أهم العوائق التي تقف أمام توفير وتقديم هذه الرعاية في عدد أكبر من مستشفيات المملكة هو نقص الكوادر المتخصصة والشح في الدورات التدريبية لهم ثم الإحالات المتأخرة للمرضى لقسم الرعاية التلطيفية، مما يفوت فرصة التخفيف من معاناة المرضى في الوقت المناسب، وأخيرا هناك نقص في المتخصصين في الإرشاد النفسي والروحي.

نشاطات علمية

* وكوسيلة لنشر الوعي عن هذا النوع من الرعاية للفريق الصحي المشارك في علاج المريض وكذلك للمجتمع، فقد تم تنظيم أكثر من ورشة عمل ومؤتمر عالمي لتدريب الكوادر الصحية على تقديم هذا النوع من الرعاية. ومن آخر هذه النشاطات والمستجدات لهذه الجهود «فعاليات المؤتمر الأول للرعاية التلطيفية للأطفال» التي أقيمت تحت شعار «وعي ومستجدات» وقد عُقد هذا المؤتمر في فندق الإنتركونتيننتال بجدة يومي 31 مايو (أيار) و1 يونيو (حزيران) الحالي برعاية قسم الرعاية التلطيفية بمركز الأميرة نوره للأورام بمدينة الملك عبد العزيز الطبية بجدة. وقد تم التركيز فيه على تدريب الكوادر الصحية في مجال الرعاية التلطيفية للأطفال من قبل متحدثين ذوي خبرات عالمية ومحلية. وكل هذه الجهود تسعى لخدمة الوطن وتوفير خدمة نوعية ممتازة ذات جودة عالية للمواطن.