طريقة التحفيز المغناطيسي عبر قحف الجمجمة.. لعلاج الكآبة الشديدة

أبحاث لمحاولة التعرف على الحالات التي تستفيد منه

TT

رغم وجود أنواع من العلاج العصبي المتعدد وخيارات من العقاقير الدوائية الموجهة لأغراض علاج حالات الكآبة الشديدة، فإنها لا تؤدي مهمتها لكل واحد من الأشخاص المصابين. فالأشخاص الذين لم يستجيبوا لمفعول الأدوية أو الذين لم يتمكنوا من تقبل الخيارات الأخرى، ربما يكونون من الذين يمكنهم استخدام طريقة «التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة».

عام 2008 أجازت وكالة الغذاء والدواء الأميركية FDA أول جهاز للتحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة repetitive transcranial magnetic stimulation (rTMS) الموجه خصيصا لحالات الكآبة الشديدة التي لم يستجب فيها المصابون إلى واحد من الأدوية على الأقل بعدما جرى تناوله بجرعات مناسبة لمدة مناسبة (تحدد في العادة بفترة 4 أسابيع). كما وفرت دراسة حكومية التمويل إرشادات أخرى حول استخدام ذلك الجهاز.

ولكن علينا أولا التمعن في بعض خفايا هذا الأمر، إذ لا يمكن في أكثر الأحوال عرض طريقة التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة على المصابين إلا بعد خضوعهم لأنواع من العلاج المعهود للكآبة الشديدة. ولا يمكن التوصية بإجراء هذه العملية للمصابين بالكآبة الخفيفة أو الذين تم تشخيصهم حديثا بالكآبة الشديدة. كما لم تتم دراسة طريقة التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة على النساء الحوامل أو على الأشخاص الذي تقل أعمارهم عن 18 سنة.

* التحفيز المغناطيسي

* يخضع المرضى للتحفيز المغناطيسي وهم جلوس في كرسي يشابه كرسي طبيب الأسنان. ويقوم فني بتحريك جهاز يحتوي على ملف مغناطيسي نحو مواقع توجد فوق احد المناطق في جانب من فروة الرأس. ويولد جهاز «التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة» سلسلة من النبضات المغناطيسية القوية - مماثلة في قوتها لتلك التي تتولد في جهاز المرنان المغناطيسي للتصوير - تخترق الدماغ لأعماق تتراوح بين 2 و3 سنتيمترات.

ولا يعرف الكثير عن كيفية تحسين التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة، لأعراض الكآبة. إلا أن النظرية المقترحة هي أن النبضات المغناطيسية تولد تيارا كهربائيا صغيرا في الدماغ يؤثر بدوره على النشاط في مناطق الدماغ. وربما لا توجد آلية منفردة تفسر تأثير التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة وعمله، وبدلا من ذلك فإن تأثيره على الدماغ يمكن أن يتغير بالاعتماد على موقع الدماغ الذي يوجه نحوه، وتكرار العلاج به، أو قوته.

لا يحتاج التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة إلى استخدام التخدير، فبمقدور المرضى القراءة والتحادث أثناء العلاج. ويمكنهم وضع سماعات على الأذن لحجب أصوات قرقعة جهاز التحفيز المغناطيسي أثناء عمله.

* أعراض الطريقة

* وتشير مراجعة لنتائج ثلاثة دراسات كبيرة إلى أن أكثر الأعراض الشائعة الناجمة عن العلاج بطريقة التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة، هي ظهور صداع خفيف إلى متوسط، أو ألم في فروة الرأس في الجانب الذي يوضع فيه الجهاز. إلا أن اختبارات وظيفة الإدراك، واسترجاع الذاكرة القصيرة والبعيدة، والذاكرة الفردية الشخصية لم تتأثر بهذا العلاج.

وتعتبر التشنجات من أهم المخاطر المرتبطة بالتحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة. ورغم أن خطر ظهور التشنجات يقل عن 1% فإن من المهم أن يتبع الأطباء المواصفات التي وضعتها الإرشادات الصحية الحكومية حول السلامة.

وقياسيا فإن أول استخدام لطريقة التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة، ينفذ في جلسة لفترة 40 دقيقة، خمسة أيام في الأسبوع، لمدة تتراوح بين 4 و6 أسابيع. وقد تكون هناك حاجة لإجراء علاج إضافي للإدامة، لفترة ومدة أقل. وتتراوح كلفة العلاج الأولي بين 6 و10 آلاف دولار.

إرشادات الأبحاث لقد أجازت وكالة الغذاء والدواء الجهاز بشكل عريض استنادا إلى دراسة مراقبة عشوائية ممولة من قبل الجهة الصناعية المنتجة للجهاز شملت 301 من المصابين بالكآبة الشديدة الذين لم تستجب حالاتهم إلى العلاج بعد تناولهم لدواء واحد على الأقل أو عدة أدوية لم يزد عددها على الأربعة. وقد وجد الباحثون أن 14% من مجموعة التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة قد وصلوا إلى حالة تضاؤل الأعراض مقابل 5% من الذين تعرضوا لعلاج وهمي.

وأظهرت دراسة مراقبة عشوائية على 190 مصابا بالكآبة الشديدة مولتها مراكز الصحة الوطنية نتائج مماثلة. ورغم أن العلاج بالتحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة قد أظهر أنه أفضل من العلاج الوهمي فإن العدد المطلق من الذين لم تتضاءل لديهم أعراض الكآبة كان قليلا. ففي نهاية الأسبوع الثالث من التجربة لم يتوصل إلى التحسن سوى 13 من 92 مريضا (14%) مقارنة بـ5 من 98 مصابا عولجوا وهميا (5%).

وتضيف الدراسة الأخيرة دلائل على أن التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة يفيد في الغالب المصابين الذين لا تستجيب حالاتهم للعلاج وذلك بعد التدقيق في قائمة استخدامهم السابق للأدوية. كما قد توجد مجموعة صغيرة من المرضى الذين يستجيبون بشكل خاص لطريقة التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر قحف الجمجمة إلا أنه لا توجد أي وسيلة لرصدهم مسبقا.

ولذا فإن العلاج القياسي لأغلب المصابين بالكآبة يظل هو التجربة بأنواع العلاج العصبي وبتناول الأدوية. أما للأشخاص الذين تستعصي حالاتهم على العلاج فإن البديل المدروس الأفضل، هو استخدام العلاج بالصدمات الكهربائية electroconvulsive therapy.

* رسالة هارفارد للصحة العقلية، خدمات «تريبيون ميديا»