انخفاض هرمون الذكورة.. والتقدم في العمر

تأثيرات التيستيستيرون تشمل صحة القلب وانتظام النوم وحيوية الحياة

TT

إحدى القضايا الطبية العالقة دون حسم في معرفة الحقيقة حولها هي علاقة التقدم بالعمر من جهة وبين تدني مستوى هرمون الذكورة (التيستيستيرون) testosterone لدى الرجال. وقد زادت دراسة أسترالية حديثة لباحثين من جامعة سيدني الأمور غموضا حول هذه العلاقة، ولكنها كانت في صف الذين لا يصفونها بعلاقة من نوع السبب والنتيجة، أي أن تدني هرمون الذكورة لدى الرجال المتقدمين في العمر لا يحدث بسبب كبر عدد سنوات أعمارهم.

والاهتمام الطبي بهذه القضية ليس سببه فقط تأثيرات انخفاض هرمون الذكورة على الرغبة الجنسية لدى الرجال عند التقدم في العمر، ولا قدراتهم في الأداء الجنسي أو الإخصاب أو ضمور حجم الخصية، ولكن هناك تأثيرات صحية مختلفة تطال صحة شرايين القلب، والإصابة بحالات توقف التنفس أثناء النوم، وسلامة حجم وقوة العضلات والهيكل العظمي، وزيادة تراكم الشحوم في الجسم، وتضخم الثديين، واستقرار المزاج النفسي، وانتظام النوم، والشعور بطاقة حيوية الحياة وغيرها من التغيرات التي تصاحب نقص هرمون الذكورة لدى الرجال في أي مرحلة عمرية كانوا.

وتغيرات نسبة هرمون الذكورة مع التقدم في العمر هي ما تثير البعض إلى الاعتقاد بأن ثمة ما يطلق عليه «سن اليأس الرجالي» male menopause للرجال، كما هو الحال لدى النساء. وبخلاف حقيقة وجود «سن يأس نسائي» لدى الإناث، فإن من الوهم اعتقاد بأن شيئا مماثلا له يحصل لدى الرجال. ولا تقر المصادر الطبية بوجود شيء كهذا لدى الرجال لأنه لا وجود لأدلة علمية على تغيرات وظيفية فسيولوجية حتمية شبيهة بتلك التي لدى النساء، أي في مقابل «سن اليأس النسائي» وما يصاحبه من انقطاع الدورة الشهرية وتوقف خروج البويضة من المبيض في كل شهر، لا يوجد لدى الرجال ما يماثل ذلك في إنتاج الرجال الكبار في السن للحيوانات المنوية أو قدرات الإخصاب.

وعلى العكس، فإن الشواهد العلمية والواقعية تؤكد وجود قدرات الإخصاب للرجال في أي عمر كانوا ما داموا سليمين من أي أمراض أو اضطرابات تتعلق بهذه القدرة.

وبالمراجعة العلمية، تختلف نسبة هرمون الذكورة في أوساط الرجال. وبالعموم، فإن نسبة هرمون الذكورة لدى الرجال كبار السن أقل مما هي عليه النسبة لدى الرجال الأصغر سنا. وهذا الانخفاض يحصل بشكل تدريجي عبر السنوات، وتحديدا، يبدأ الانخفاض بمعدل 1 في المائة لكل سنة بعد تجاوز الرجال لعمر ثلاثين سنة. وهو في هذا شبيه إلى حد ما بانخفاض كثافة العظم بشكل سنوي طفيف مع تجاوز سن الثلاثينات. ولذا مع بلوغ الرجال سن سبعين سنة، تكون نسبة هرمون الذكورة أقل بنسبة 50 في المائة عما كان عليه الحال في ثلاثينات أعمارهم.

وعلى الرغم من تقبل الأوساط الطبية هذه الملاحظة، فإنها لا تسلم باعتبارها شيئا طبيعيا متوقعا، بل كما يقول الباحثون من مايو كلينك: «من المهم والضروري إجراء تقييم طبي متكامل قبل التسليم بأن انخفاض هرمون الذكورة لدى الرجال الكبار في السن هو أمر طبيعي ومتوقع كنتيجة للتقدم في العمر».

الباحثون الأستراليون عرضوا دراستهم في 7 يونيو (حزيران) الماضي بمدينة بوسطن، ضمن الفعاليات العلمية لمؤتمر المجمع الأميركي للغدد الصماء. ولاحظوا فيها أن مع تقدم العمر ليس ضروريا انخفاض نسبة هرمون الذكورة، ولكن احتمالات ذلك ترتفع حينما تتدهور الصحة العامة للرجال مع كبر سنهم. وهو ما عبر عنه البروفسور ديفيد هاندلسمان، الباحث الرئيس في الدراسة والمتخصص في طب هرمونات الجهاز التناسلي بجامعة سيدني، بالقول: «تفسيرنا أن العمر بحد ذاته لا يقلل من نسبة هرمون الذكورة، ولكن تراكم اضطرابات صحية لدى الرجال عند تقدمهم في العمر هو ما يؤدي إلى انخفاضه. وبعض الاضطرابات الصحية هذه يمكن منع حصولها، والبعض الآخر لا يمكن. كما أن هناك عوامل بيئية ووراثية تؤثر في الأمر».

* استشاري باطنية وقلب مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض [email protected]