حبوب الفيتامينات.. لماذا أخفقت في إثبات فوائدها؟

العلماء يحارون في تفسير قلة تأثيرها مقارنة بفيتامينات الغذاء

TT

يبدو أن الآمال التي عقدت على دور مكملات (حبوب) الفيتامينات في درء حدوث السرطان، ومنع تدهور الإدراك والمشكلات الصحية الأخرى، تبددت مع مرور الزمن.

وفي الوقت الذي ظهرت فيه نتائج إيجابية لحبوب الفيتامينات في دراسات علم الأوبئة epidemiologic studies (أي دراسات الانتشار الواسع لظاهرة ما) عند إجراء الاختبارات في الغالب على الحيوانات وكذلك في الأبحاث المختبرية، فإن النتائج كانت سلبية في التجارب الإكلينيكية العشوائية؛ إذ ظهر أنه لا يوجد أي مفعول لتلك الحبوب.

وهكذا تفجرت فقاعة التفاؤل وازداد ابتعاد الجمهور عن نصائح علوم التغذية بشأن أهمية تناولها.

* بين الفائدة وانعدامها

* هناك العديد من التفسيرات حول أسباب حدوث الأمور المذكورة؛ ومنها أن الأشخاص الذين يتجهون لتناول حبوب الفيتامينات غالبا ما يتبعون أنفسهم عادات صحية جيدة، ولذا فإن تلك العادات الصحية - وليس الفيتامينات - ربما تكون هي المسؤولة عن التأثيرات الإيجابية التي أظهرتها دراسات علم الأوبئة وذلك رغم بذل الباحثين المشرفين عليها جهودهم بشتى الوسائل ومنها الوسائل الإحصائية، للتفريق بين تأثير كل منهما - أي الحبوب والعادات الصحية - على النتائج.

إن فيتامينات الغذاء شيء وحبوب الفيتامينات شيء آخر. والدراسات القصيرة المدى ربما كانت لا تستمر لفترة تكفي لتنفيذ الفيتامينات مهامها والتأثير على الأمراض المدروسة. أما في الدراسات الأطول مدى، فإن الرضوخ لتناول واحد من العناصر الغذائية الاختبارية غالبا ما يؤدي إلى الإخفاق؛ إذ إنه يقود إلى إزالة الحدود بين مجموعة المراقبة والمجموعة لعشوائية في التجارب ويزيد من احتمالات أن تكون النتائج متقاربة لا تشير إلى أية فروق بين من تناول ذلك العنصر الغذائي ومن لم يتناوله.

كما أن تسليط وسائل الإعلام اهتماماتها على أبحاث التغذية يعقد الأمور أكثر، بحيث تظهر أنواع من النتائج المختلفة غير المتلائمة التي لا تكون معدة للنشر في العادة.

* تفسيرات أخرى

* وقدمت باحثتان في المركز الطبي بجامعة راش في شيكاغو تفسيرا آخر، إذ تجادل مارثا كلير موريس وكريستين تانغني بأن الأشخاص المنخرطين في التجارب العشوائية يكون لديهم في الواقع مستوى أمثل من الفيتامينات (أو ما يقرب من ذلك) في أجسامهم، ولذا فإن أي تناول إضافي للفيتامينات لا يؤثر على الأكثر على صحة أي منهم كثيرا. وقد طرحت الباحثتان هذا التفسير في عمود للرأي نشر عام 2011 في مجلة الجمعية الطبية الأميركية JAMA.

وقالت موريس في رسالة بالبريد الإلكتروني: «كمثال، فإن حدث واختبرنا فاعلية المضادات الحيوية في الأشخاص الأصحاء الذين يخلون من أية عدوى، فإننا لن نعرف إن كانت (المضادات الحيوية) فعالة في مكافحة العدوى».

وتلاحظ موريس وتانغني أن أية دراسة من دراسات التجارب الإكلينيكية التي درست تأثيرات تناول فيتامين «إي» E على الإدراك، لم تتوجه إلى إشراك الأشخاص الذين يتناولون القليل من هذا الفيتامين. ورغم أنه يبدو أن تأثير فيتامينات «بي» B (حمض الفوليك، فيتامين «بي6»، فيتامين «بي12») قد تبخر في التجارب الإكلينيكية على الإدراك، فإن الباحثتين تشيران إلى وجود دلائل على تأثيرها على الأشخاص الذين يتناولون عادة القليل من فيتامينات «بي».

وكانت نتائج دراسة نشرت عام 2010 في مجلة الجمعية الطبية الأميركية قد بددت الآمال في إمكانية وجود تأثير مفيد لـ«حمض دوكوساهيزينويك» (docosahexaenoic acid (DHA على الأقل، في إبطاء تطور مرض ألزهايمر.

إلا أن موريس وتانغني رأتا أن هذه النتائج ربما ستصبح مختلفة – بل وربما إيجابية - لو أن معايير الاشتراك في التجربة كانت أكثر صرامة بحيث يكون المشاركون من الأشخاص الذين لديهم مستوى أقل من الحمض ((DHA المذكور. ولكن، ومن جهة أخرى، فعندما يدور الحديث عن الفيتامينات والعناصر الغذائية الأخرى، فإن الكثير منا يشبه أولئك المشاركين في تلك التجارب: لأنه ونتيجة لتركيز الفيتامينات والعناصر الأخرى في الأطعمة ونتيجة وجود مصادر وفيرة للأغذية، فإن أجسامنا أضحت مجهزة بها. وهكذا، فإن لم يستفد أولئك المشاركون من تناول حبوب الفيتامينات، فهذا يعني أننا قد لا نستفيد منها أيضا.

إلا أن موريس تلاحظ في رسالتها الإلكترونية أنه حتى وإن كانت النسبة قليلة من الأشخاص الذين تمتلك أجسامهم مستوى أقل من المستوى الأمثل من الفيتامينات، فإن أعدادهم لا تزال عالية في الولايات المتحدة، ولذا، فإن العناوين الصارخة مثل «الفيتامينات غير مفيدة» تصبح خاطئة ومضللة.

* «رسالة هارفارد الصحية»، خدمات «تريبيون ميديا»