استشارات

د. حسن صندقجي

TT

مضخة الأنسولين

* عمري 28 سنة، وأنا مصابة بالسكري من أيام الطفولة من عمر 8 سنوات. سؤالي: هل من المناسب استخدام مضخة الأنسولين لعلاج السكري بدل الأنسولين الذي آخذه مرتين في اليوم عبر الحقنة تحت الجلد؟

لُجَين - جدة.

- هذا ملخص رسالتك، والكلام الذي ذكرته في رسالتك عن المضخة يحتاج منك إلى إدراك مجموعة من النقاط المهمة حول فهم كيفية عمل مضخة الأنسولين، والأمور التي عليك فعلها كي تعمل المضخة بشكل جيد، وصولا إلى انضباط أفضل في نسبة السكر بالدم. كما أن القرار النهائي في البدء باستخدام المضخة، والتوقف بالتالي عن أخذ الأنسولين بالحقنة، يتطلب مناقشة الأمر بشكل مباشر مع طبيب السكري الذي يتابع حالتك الآن أو الذي سيتولى متابعة حالتك باستخدام المضخة.

وبداية، لكل وسيلة علاجية إيجابيات وسلبيات، وليس المهم إدراك ومعرفة هذه الجوانب فقط، بل كيفية التعامل معها للاستفادة من أي وسيلة علاجية متوفرة.

إن مضخة الأنسولين هي جهاز طبي يُستخدم كوسيلة لحقن الأنسولين وتزويد الجسم به بشكل مكثف وطوال الوقت بغية التحكم بنسبة السكر في الدم بشكل أكثر دقة. وتتكون هذه الوسيلة العلاجية من جزأين: أولا، مضخة صغيرة الحجم، أكبر قليلا من علبة أعواد الكبريت، تحتوي على بطارية وجهاز الضخ وشاشة، وتحتوي أيضا على خزان أو عبوة للأنسولين الذي سيدخل الجسم. والجزء الثاني هو الأنابيب التي يمر فيها الأنسولين إلى محقن يتم وضعه على الجلد ليصل إلى ما تحت الجلد. وهناك عدة نماذج لمضخة الأنسولين متوفرة في الأسواق الطبية المحلية أو العالمية، ينتقي لك الطبيب ما يراه الأفضل والأنسب لحالتك ولصيانته ولاستخدامه.

والفكرة من المضخة أن يتم تزويد الجسم بالكمية اللازمة من هرمون الأنسولين، وتحديدا من نوعية الأنسولين سريع المفعول. أي الأنسولين الصافي والشفاف، بخلاف النوع العكر أو الضبابي اللون ذي المفعول الطويل الأمد أو المتوسط الأمد. ولاحظي معي أن الجسم يحتاج إلى الأنسولين في الحالات التالية:

- أولا: طوال الوقت. يحتاج الجسم كمية قليلة من الأنسولين، وذلك لأداء وظائف ومهمات متعددة في الجسم، من ضمنها مهمة ضبط نسبة السكر في الدم. والمضخة ستضخ بشكل متواصل كمية قليلة من الأنسولين طوال ساعات الليل والنهار.

- ثانيا: بُعيد تناول وجبة الطعام المحتوية بلا شك على كميات من الكربوهيدرات والسكريات. ولخفض نسبة السكر بعد وجبات الطعام، تقوم المضخة بضخ جرعات إضافية من الأنسولين، أي جرعة بعد كل وجبة طعام، للعمل على حفظ نسبة السكر بالدم ضمن المعدلات الطبيعية.

- ثالثا: لتصحيح أي ارتفاع في نسبة سكّر الدم، وخصوصا عند ملاحظة وجود ارتفاع في نسبة سكر الدم في الفترة التي تسبق تناول وجبة الطعام، أي تقوم المضخة بضخ كمية مناسبة من الأنسولين عند وجود حالة ارتفاع سكر الدم غير تلك التي تضخها بُعيد تناول وجبة الطعام.

وعليه فإن المضخة تقوم بحقن الكميات اللازمة من الأنسولين وفق معرفة نسبة السكر بالدم، وفي الأوقات التي تستدعي ذلك كما في ما قبل تناول وجبات الطعام أو غيره، وحتى قبل حصول ارتفاع في نسبة سكّر الدم، عند توقع ذلك، كما بُعيد وجبات الطعام.

وبالتالي فإن المضخة لها إيجابيات عدة، منها ضبط نسبة السكر في الدم بشكل أفضل، ومنع حصول تقلبات الارتفاع الشديد أو الانخفاض الشديد في نسبة السكر بالدم. ومنها عدم الحاجة إلى الحقن المباشر بالإبرة مرات متعددة في اليوم مع كل التحضيرات لذلك، كتنظيف الجلد وإعداد الحقنة وتهيئة المكان المناسب لتلقي الإبرة، وغيرها من المتطلبات. ومنها قدرة المضخة على الضبط الدقيق لكمية الأنسولين الذي يدخل الجسم عبر الحقن، وعدم حصول أخطاء بسبب عدم وضوح الرؤية أو غير ذلك.

ومع هذه الإيجابيات تجدر ملاحظة أن المضخة مكلفة ماديا، ويجب أن تكون ملتصقة بالجسم طوال الوقت، ويتطلب عملها إجراء تحليل السكر عدة مرات في اليوم، هذا على الرغم من توفر أنواع متقدمة من المضخات التي تقيس بنفسها نسبة السكر بالجسم. كما أن المضخة عُرضة للتعطل عن العمل، ودون أن يُدرك المريض ذلك، ما قد يُؤدي إلى ارتفاع في نسبة السكر بالدم، بكل تبعات ذلك الصحية.

وكل هذه الأمور، الإيجابية والسلبية، تتطلب منك مناقشة الأمر مع الطبيب، وفهم كيفية تشغيل المضخة ومتابعة عملها بشكل جيد.

بكتيريا لبن الزبادي

* قرأت بعض المقالات عن البكتيريا الصديقة. هل بكتيريا لبن الزبادي مفيدة؟ وما العلاقة بين «بروبايوتيك» البكتيريا والسكريات؟

أبو مازن - فرنسا.

- هذا ملخص رسالتك. هناك أشياء تُسمى «بروبايوتيك - probiotics» وأشياء أخرى تُسمى «بريبايوتيك - Prebiotics». الأولى، أي «بروبايوتيك»، هي البكتيريا الصديقة والجيدة. وهناك مكانان توجد فيهما هذه البكتيريا الصديقة. الأول، في جسم الإنسان. توجد في القولون، أي الأمعاء الغليظة، وتؤدي وظائف جيدة ومفيدة لرفع مستوى صحة الجسم. والمكان الثاني هو في بعض أنواع الأطعمة، وبالدرجة الأولى في لبن الزبادي أو أنواع أخرى من مشتقات الألبان الخاصة بتسهيل الهضم وإزالة التلبك المعوي. ويجب التفريق بين البكتيريا الصديقة الموجودة في لبن الزبادي، وأنواع البكتيريا الضارة التي تلوث بعض الأطعمة وتجعل من تناولها سببا في النزلات المعوية والإسهال وارتفاع حرارة الجسم والقيء وغيره.

أما «بريبايوتيك» فهي أنواع من السكريات التي لا يهضمها الجهاز الهضمي لدى الإنسان، وتصل إلى القولون، وهناك تتغذى عليها البكتيريا الصديقة التي تعيش في القولون بشكل طبيعي ومفيد لصحة الجسم. مثل لبن الزبادي والموز والخرشوف «الأرضي شوكي»، وحبوب الشوفان، والعسل، وغيرها.

وعندما تجتمع «بروبايوتيك» مع «بريبايوتيك» في منتج غذائي معيّن فإن هذا المنتج الغذائي يسمى «ساينبايوتيك - symbiotic»، أي المنتج الغذائي الذي توجد فيه البكتيريا الصديقة مع الغذاء المناسب لها من السكريات. وأشهر أنواع «ساينبايوتيك» هو لبن الزبادي.

والفكرة الأولى التي تطرحها الكثير من الدراسات الطبية الحديثة أن ثمة أدلة علمية تدعم صحة القول بفائدة وجود البكتيريا الصديقة في القولون لدي الإنسان، وأن ثمة أيضا أدلة علمية تدعم صحة القول بأن تناول المنتجات الغذائية التي تحتوي على بكتيريا صديقة، مثل لبن الزبادي، يسهم في تحسين حالات اضطرابات القولون وتحسين فرص سلامة الفم والأسنان والحلق من نمو الميكروبات الضارة فيها، كما يسهم في تخفيف تهيج حالات الحساسية الجلدية، وغيرها من الفوائد التي تطرحها نتائج الدراسات الحديثة حول البكتيريا الصديقة في الأطعمة. وعليه يكون من المفيد تناول كميات معتدلة من تلك المنتجات المحتوية على البكتيريا الصديقة.

والفكرة الأخرى أن وجود كميات البكتيريا الصديقة الطبيعية في قولون الإنسان هو شيء مفيد صحيا، لأنه يقلل من احتمالات نمو البكتيريا الضارة في الأمعاء، كما يسهم في تنظيم عمليات امتصاص الأمعاء لأدوية معينة ومركبات كيميائية معينة ذات أهمية فسيولوجية بالجسم. وعليه يجب عدم فعل الأشياء التي تضر بنمو تلك البكتيريا الصديقة وتكاثرها، مثل تناول المضادات الحيوية دونما داعٍ طبي. كما أن من المفيد تناول الأطعمة التي تحتوي على سكريات تتغذى عليها تلك الأنواع من البكتيريا الصديقة الموجودة في القولون.

والذي يبدو علميا أن ثمة أدلة مشجعة حول جدوى تناول لبن الزبادي أو غيره من مشتقات الألبان المحتوية على البكتيريا الصديقة في معالجة حالات الإسهال الناجمة عن تناول المضادات الحيوية أو الإصابات الفيروسية، وفي منع وتخفيف حدة الإصابات بالفطريات في مهبل المرأة، وتخفيف اضطرابات القولون العصبي، وتخفيف تهيج حساسية إكزيما الجلد لدى الأطفال، ومنع أو تخفيف حدة الإصابات بنزلات البرد والتهابات الحلق. ولا توجد آثار جانبية للحرص على تناول كمية بحجم كوب من لبن الزبادي، وحتى الذين لديهم مشكلة مع هضم الحليب، لا يعانون من نفس الأعراض عند تناول لبن الزبادي.