التصوير الحراري.. هل هو أداة جيـــدة للكشف عن سرطان الثدي؟

لا توجد دلائل جيدة على فوائده مقارنة بالتصوير بالأشعة

TT

التصوير الحراري

* إنني أتساءل: لماذا لا تتحدثون عن نظم التصوير الحراري عند حديثكم عن الفحص الدوري لسرطان الثدي؟ لقد شرعت في استخدام التصوير الحراري لعدة سنوات بدلا من تصوير الثدي بالأشعة، لأنه يولد إشعاعا أقل.

الجواب القصير لسؤالك هو: إننا لا نملك دلائل جيدة تشير إلى أن التصوير الحراري thermography أداة مفيدة، كما أنه - وبكل تأكيد - لا يمكن أن يحل محل تصوير الثدي بالأشعة mammography.

يوظف التصوير الحراري الكاميرات العاملة بالأشعة تحت الحمراء لرصد الفروقات في درجات الحرارة في مناطق سطح الثدي. وعموما، فإن الأنسجة السرطانية تمتلك درجة حرارة أعلى مقارنة بالأنسجة الاعتيادية لأنها تتمتع بدفق أكبر من الدم وبمعدلات أسرع في عملية الاستقلاب (التمثيل الغذائي).

وقد فكر العلماء في أن «البقع الساخنة» تحت الحمراء في الثدي يمكنها أن ترسل إشارات تدل على وجود السرطان. ومع هذا، فإن هناك احتمالا بوجود بقع ساخنة عند وجود أورام حميدة أيضا في الثدي مثلما يحدث في التهاب الثدي mastitis.

صعود وانحسار عندما دخلت نظم التصوير الحراري حيز العمل في بداية الستينات من القرن الماضي اعتبرها بعضهم وسيلة منافسة لنظم التصوير بالأشعة، إلا أنها انحسرت في نهاية السبعينات من القرن الماضي، بعدما وجدت دراسة «مشروع عروض نظم الكشف عن سرطان الثدي» أن درجة حساسيتها، وهي معدل رصدها للسرطان عند وجوده فعلا، لا تتعدى 42%، بالمقارنة مع معدل 92% لنظم تصوير الثدي بالأشعة. كما أن التصوير الحراري أدى إلى رصد سرطانات كاذبة - أي غير موجودة - في أنسجة سليمة في 25% من عمليات الفحص.

ومع أن مناصري هذه الوسيلة يقولون إن هذه التقنية قد تحسنت، فإن دراسة اختبرت فيها 126 حالة للكشف عن الثدي، شخصت 20 منها في نهاية المطاف على أنها إصابات بسرطان الثدي، لم ترصد نظم التصوير الحراري إلا 5 حالات سرطانية؛ الأمر الذي حدد درجة حساسيتها التشخيصية بنسبة 25%. وفي المقابل، وفي تلك الحالات نفسها، حصلت نظم التصوير بالأشعة على درجة حساسية بلغت84%.

وللتصوير بالأشعة بوصفه وسيلة للفحص الدوري، نقائصه؛ إذ يظهر إحساس لدى المرأة الخاضعة للفحص بعدم الارتياح، كما أنه يوظف جرعات صغيرة من الأشعة، ويخفق في رصد نحو 20% من الأورام السرطانية في الثدي، كما يخفق في 10% من عمليات الفحص. وكذلك، فإنه يرصد خطأ بعض الأنسجة السليمة ويعتبرها محتملة الإصابة بالسرطان.

وقد حسن التصوير الرقمي بالأشعة من عملية رصد السرطان، خصوصا في أنسجة الثدي الكثيفة. ولكن إن حدث ورصدت مواضع مشتبه بها في صورة الأشعة، فإن على الأطباء متابعة الأمر بتوظيف أنواع أخرى من التصوير مثل التصوير بالموجات فوق الصوتية أو المرنان المغناطيسي.

ولذلك كله، فإنه لا يوجد أي شك في أننا نحتاج إلى وسائل أفضل للكشف عن سرطان الثدي مبكرا، عندما يمكن لنا معالجته والشفاء منه. ولكن ولأغراض الفحص الدوري للكشف عن سرطان الثدي، فإن التصوير الحراري لا يمثل الجواب المطلوب.

* طبيبة، رئيسة تحرير رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»، خدمات «تريبيون ميديا»