الضوء.. لتنظيم ضربات القلب

«جينات ضوئية» تضبط عمل الخلايا التي تتحكم في النبضات

TT

خلال الأعوام القليلة الماضية، نجح ميدان علمي جديد يجمع بين علوم الجينات وعلم البصريات يمكن تسميته «علم الجينات الضوئية» optogenetics، في توظيف مزيج من التلاعب الجيني ونبضات بسيطة من الضوء، لضبط خلايا في الدماغ بدقة مدهشة، وساعد على تعديل نشاط دماغي، وبل سلوكيات معينة، لدى الحيوانات.

وقد بدأ العلماء في النظر بعيدا عن الدماغ خلال دراستهم للتطبيقات المحتملة للتقنية. وأظهرت دراسة جديدة في دورية «سيركيوليشن» كيف أن الخلايا المعدلة التي تستجيب إلى ضوء أزرق منخفض الطاقة يمكن استخدامها لتحفيز أنسجة القلب لتنبض.

ويقول باحثون إن هذا يمثل خطوة أولية تجاه الوصول إلى جهاز لتنظيم دقات القلب من نوع جديد ويعمل بصورة أكثر فاعلية وبدقة أكبر. ويمكن أن تؤدي الخلايا الحساسة للضوء عملها كموصل لإيقاع القلب، مما يساعد على خلق جهاز حيوي لتنظيم دقات القلب يعتمد على خلايا المريض نفسه.

* بروتينات «ضوئية»

* ويتضمن علم الجينات الضوئية خلايا مهندسة جينيا ببروتينات حساسة للضوء، حتى يمكن للعلماء تنشيطها باستخدام الضوء. ومن المعوقات في استخدام الجينات الضوئية كوسيلة علاجية، ضرورة وضع الجينات في الخلايا. وللتحايل على المشكلة، قرر الباحثون في الدراسة الحالية، التي ترأستها إميليا إنتشيفا، المهندسة الحيوية في «سوني ستوني بروك»، الاستفادة من التواصل المحكم بين خلايا القلب والعضلات. وتقوم هذه الخلايا بعمل نبضات بشكل متزامن لأنها مرتبطة بعضها ببعض من خلال تقاطعات خلوية.

وبدلا من الاضطرار إلى تعديل كل خلية في القلب للاستجابة إلى الضوء من الممكن ضخ خلايا حساسة للضوء بكمية صغيرة والسماح لهذه الخلايا بالتمازج وتنسيق نبضات الخلايا العادية.

ولاختبار هذا الاتجاه ابتكر الباحثون خلايا حساسة للضوء وزاوجوا بينها وبين خلايا القلب. وعند تحفيزها بالضوء، انكمشت الخلايا الهجين في شكل موجات مثل النبضات الإلكترونية.

* تعديل الخلايا

* وتقول إنتشيفا في حديث لمجلة «تكنولوجي ريفيو» الأميركية، إنها تتوقع الحصول على خلايا من مريض وتحويلها جينيا إلى خلايا تستجيب للضوء. ومن خلال حقن مقدار كاف من الخلايا المعدلة – تقدر أن نصف مليون خلية (أو 2 ملليمتر من الخلايا) سيكفي - وسيكون من الممكن ضبط ضربات القلب بالكامل. وتقول إن الضوء سيستخدم مقدارا من الطاقة أقل من الكهرباء وإن الطريقة المحتملة لتوصيل الضوء ستكون من خلال كابلات ألياف بصرية رفيعة.

وللتقنية تطبيقات فورية كوسيلة بحثية، للتعرف على ما يجري في خلايا القلب أو المساعدة على اختبار آثار جانبية قلبية محتملة في العقاقير. وتقول إنتشيفا إن الضوء سيمكّن من وضع فحص أفضل، مقارنة بالوسائل الحالية التي تعتمد على تحفيز خلايا باستخدام أقطاب.

ويقول ميغول فالدرابانو، طبيب القلب في مستشفى ميثوديست داخل هيوستون، إنه في العقد الماضي كان العلماء يعملون على أنواع جديدة من أجهزة تنظيم ضربات القلب الحيوية، التي عادة ما تشمل خلايا مهندسة جيينا كي تنبض بصورة تلقائية محددة. وتعد فكرة إنتاج خلايا تستجيب إلى الضوء استراتيجية جديدة، ويضيف: «لأنه بمثابة اختراق في المفاهيم في مجال تنظيم ضربات القلب».

وكما الحال مع الاتجاهات الأخرى، تواجه التقنية عقبات مهمة؛ منها ما يتعلق بالتأكد من أن خلايا تنظيم ضربات القلب تندمج بالصورة المناسبة مع الخلايا العادية. وعلى الرغم من أن أجهزة تنظيم ضربات القلب الحيوية جذابة من الناحية النظرية، فإن عليها أن تقدم مزايا مهمة أفضل مقارنة بالأجهزة الإلكترونية المجربة والمختبرة. ويقول فالدرابانو: «أمام أجهزة تنظيم ضربات القلب الحيوية طريق صعب لتثبت تفوقها على الأجهزة العادية».