محطات صحية

د. عبير مبارك

TT

السل أحد الأمراض البكتيرية المعدية التي يمكن أن تنتشر عبر الهواء، شأنه في هذا شأن الإنفلونزا الفيروسية العادية. ولا ينقل السل إلا الأشخاص الذين يصيبهم المرض في الرئتين، بمعنى أن الأشخاص الذين لديهم سل في غير الجهاز التنفسي لا ينقلون العدوى إلى الغير. وحينما يسعل هؤلاء الأشخاص أو يعطسون أو يتحدثون أو يبصقون، يفرزون في الهواء البكتيريا المسبّبة للسل والمعروفة باسم «العصيّات». ويكفي أن يستنشق الإنسان قليلا من تلك العصيّات ليُصاب بالعدوى.

وإذا تُرك الشخص المُصاب بالسل النشط من دون علاج، فبإمكانه أن يتسبب في نقل العدوى إلى عدد من الأشخاص يتراوح معدلهم بين 10 و15 شخصا في العام. غير أن أعراض المرض لا تظهر بالضرورة لدى كل من يصاب وتنتقل إليه تلك البكتيريا، لأن جهاز مناعة الإنسان له قدرة على مقاومة بكتيريا السل ومحاصرتها، وبالتالي يمكن أن تظل بكتيريا السل كامنة لمدة أعوام بفضل احتمائها داخل رداء شمعي في الجهاز التنفسي للإنسان. وعندما يضعف النظام المناعي لدى المصاب بعصيّات بكتيريا السل، تتزايد احتمالات إصابته بالمرض.

وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أنه:

- تحدث في كل ثانية إصابة جديدة بالعدوى الناجمة عن عصيّات السل.

- بوجه عام، يحمل ثلث سكان العالم حاليا العدوى الناجمة عن عصيّة السل.

- تظهر الأعراض المرضية أو القدرة على نقل المرض، في مرحلة من المراحل، على نسبة تتراوح بين 5 و10% من الأشخاص المصابين بعصيّات السل.

وفي السنوات الماضية تم تسجيل ظهور سلالات من بكتيريا السل قادرة على مقاومة جميع الأدوية الرئيسية المضادة للسل. وحالات السل المقاوم للأدوية ناجمة عن العلاج غير المناسب أو العلاج الجزئي، أي عندما لا يأخذ المرضى جميع أدويتهم بانتظام أثناء الفترة المحدّدة لهم بسبب شعورهم بتحسن حالتهم الصحية، أو نظرا لنزوع الأطباء والعاملين الصحيين إلى وصف خطط علاجية خاطئة.

وعلى الرغم من التمكّن عموما من علاج حالات السل المقاوم للأدوية، فإنّ تلك الحالات تقتضي معالجة كيميائية مكثّفة (قد تصل مدّتها إلى عامين) بأدوية الخط الثاني التي تفوق تكاليفها في غالب الأحيان تكاليف أدوية الخط الأوّل، كما أنّها تتسبّب في حدوث تفاعلات ضارة أكثر.

* الصمم وضعف السمع

* الصمم هو فقدان القدرة على السمع من إحدى الأذنين أو كلتيهما بشكل تام. أمّا فقدان السمع فهو فقدان القدرة على السمع من إحدى الأذنين أو كلتيهما بشكل تام أو جزئي.

ينقسم ضعف السمع إلى نوعين يُعرّفان حسب موضع الأذن الذي تحدث فيه المشكلة:

* ضعف السمع التوصيلي، وهو مشكلة تطال الأذن الخارجية أو الوسطى. ويمكن، في غالب الأحيان، علاج هذا النوع من مشكلات ضعف السمع بالوسائل الطبية أو الجراحية. وأكثر الأمثلة على ذلك شيوعا العدوى المزمنة التي تصيب الأذن الوسطى.

* ضعف السمع الحسّي العصبي، وهو ضعف ينتج عادة عن مشكلة تصيب الأذن الداخلية، أو عطب يصيب العصب السمعي. وهذا النوع من مشكلات السمع يبقى بشكل مستديم ويقتضي تأهيل الأشخاص الذين يصيبهم، كتزويدهم، مثلا، بمعينات سمعية. ومن الأسباب الشائعة التي تؤدي إلى الإصابة بذلك النوع من مشكلات السمع الصخب المفرط والتقدم في العمر والأمراض المعدية، مثل التهاب السحايا والحصبة والنكاف.

ويمكن أن تتسبّب الكتل الشمعية أو الأجسام الغريبة التي تسدّ قناة الأذن في الإصابة بضعف السمع في أي من مراحل العمر. ويمكن أن يؤدي التعرّض للصخب المفرط، بما في ذلك استخدام الآلات الصاخبة في العمل أو التعرّض للموسيقى الصاخبة أو غير ذلك من أشكال الصخب، إلى إلحاق أضرار بالأذن الداخلية وإضعاف القدرة السمعية. ومع التقدم في السنّ، قد يؤدي التعرّض المتواصل للصخب وغيره من العوامل إلى الإصابة بضعف السمع أو الصمم.

وضعف السمع والصمم من حالات العجز التي يمكنها فرض عبء اجتماعي واقتصادي مؤثر على الأفراد والأسر والمجتمعات والبلدان.

وقد يعاني الأطفال المصابون بضعف السمع من تأخّر في تطوّر ملكتي النطق والحديث والمهارات المعرفية، ممّا قد يؤدي إلى عرقلة تقدّمهم في الدراسة. وكثيرا ما يصعّب ضعف السمع على البالغين إمكانيات الحصول على عمل وأدائه والاحتفاظ به. ويعاني الأطفال والبالغون على حدّ سواء من الوصم الاجتماعي والعزلة في كثير من الأحيان جرّاء إصابتهم بضعف السمع.

وتشير إصدارات منظمة الصحة العالمية إلى أنه:

- شهد عام 2005 إصابة 278 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بحالات معتدلة أو بالغة من فقدان السمع، علما بأنّ 80% من المصابين يعيشون في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.

- يمكن أن تؤدي الأمراض المعدية، مثل التهاب السحايا والحصبة والنكاف والعداوى المزمنة التي تصيب الأذن، إلى الإصابة بضعف السمع. ومن الأسباب الشائعة الأخرى التعرّض للصخب وإصابات الأذن والتقدّم في السنّ واستخدام الأدوية السامّة للأذن. - يمكن توقّي نصف حالات الصمم وضعف السمع عن طريق الوقاية والتشخيص المبكّر للحالات وتدبيرها العلاجي.

- لا تسدّ كميات المعينات السمعية المُنتجة حاليا سوى أقلّ من 10% من الاحتياجات العالمية. وتقلّ نسبة المستفيدين من المعينات السمعية في البلدان النامية عن 1/40.

كما تشير منظمة الصحة العالمية إلى أنه يمكن توقّي حالات ضعف السمع الحسّي العصبي من خلال ما يلي:

- تطعيم الأطفال ضدّ أمراض الطفولة، بما في ذلك الحصبة والتهاب السحايا والنكاف.

- تطعيم النساء اللائي بلغن سنّ الإنجاب ضدّ الحصبة الألمانية قبل أن يحملن.

- تحرّي حالات الزهري وبعض أنواع العدوى المعيّنة الأخرى لدى الحوامل وعلاجها.

- تحسين خدمات الرعاية في الفترة التي تسبق الولادة وفترة ما حول الولادة.

- تلافي استخدام الأدوية السامة للأذن إلا عندما يتم وصفها من قبل عامل صحي مؤهّل ورصدها لضمان إعطاء الجرعات * * * * الصحيحة.

- إحالة الرضّع المشتبه في إصابتهم باليرقان إلى المرافق المتخصّصة لأغراض التشخيص والعلاج المحتمل.

- الحدّ من التعرّض (في أماكن العمل والترفيه) للصخب المفرط باستخدام المعدات الشخصية لحماية السمع، ومكافحة الصخب.

- توقي حالات ضعف السمع التوصيلي من خلال الكشف عنها في المراحل المبكّرة والقيام، بعد ذلك، بالتدخلات الطبية أو الجراحية المناسبة لعلاجها.

- الكشف عن حالات ضعف السمع لدى الرضّع وصغار الأطفال في مراحل مبكّرة والقيام بالتدخلات الواجبة لعلاجها من الأمور التي تسهم في توقّي مشكلات النطق والحديث ومصاعب التطوّر التعليمي.

استشاري بقسم الباطنية في المستشفى العسكري بالرياض