هشاشة العظام.. يهدد بحدوث الكسور

مرض صامت يصيب النساء أكثر من الرجال

TT

تعتبر هشاشة العظام من أكثر أمراض العظام شيوعا في العالم وتحدث نتيجة فقدان كثافة العظام على مدى سنوات عديدة مما يؤدي إلى ضعفها وسهولة كسرها تلقائيا عند تعرض الإنسان لحادثة بسيطة جدا مثل الانحناء أو الوقوع البسيط على الأرض والذي عادة لا يسبب أي كسور لدى غير المصابين بالهشاشة.

وتشير الإحصاءات العالمية في بعض الدول الغربية إلى أن هذا المرض يصيب 40 في المائة من ‏ ‏النساء فوق سن الخمسين، ويصيب 25 في المائة من الرجال فوق سن السبعين. ومن المؤكد أن النساء أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام من الرجال.

لأهمية هذا المرض وأهمية التعرف على طرق الوقاية منه، عرضت «صحتك» مجموعة من الأسئلة المتعلقة بهذا المرض على الدكتور ناصر رجا الله الجهني استشاري غدد صماء وسكري المدير الطبي بمستشفى الملك عبد العزيز ومركز الأورام بجدة رئيس اللجنة التنفيذية للجمعية السعودية للغدد الصماء والاستقلاب بجدة.

يوضح الدكتور الجهني في البداية أن الهيكل العظمي للإنسان يتكون من 216 عظمة التي تعتبر مخزنا لأملاح الكالسيوم بالجسم. وتتكون العظام من مواد عضوية مثل الخلايا المتخصصة والأوعية الدموية والأعصاب والبروتينات ومواد غير عضوية مثل الكالسيوم والفوسفات وغيرها، وتعتبر العظام أعضاء نشطة، إذ تمر طوال العمر بعملية هدم وإعادة بناء مستمرة بواسطة خلايا متخصصة موجودة داخل العظم. وتبدأ العملية بهدم أجزاء من العظام القديمة التالفة ثم إعادة بنائها من جديد وهكذا.

الأسباب والأعراض

* ما هي أهم الأسباب والعوامل في الإصابة بهشاشة العظام؟

إن التقدم في السن وخاصة بعد سن 65 سنة يعتبر سببا وعاملا مهما في الإصابة، فكلما ازداد عمر الإنسان كان أكثر عرضة للإصابة بالمرض. وهناك عوامل أخرى لا تقل أهمية، منها: انقطاع الدورة الشهرية لدى النساء قبل سن 45 سنة، العامل الوراثي مثل إصابة أحد أفراد العائلة وخاصة النساء بهشاشة العظام، النقص في تناول الكالسيوم وفيتامين «دي» في الغذاء، عدم ممارسة الرياضة، انعدام التعرض لأشعة الشمس، التدخين والإكثار من تناول القهوة والمشروبات الروحية، استخدام بعض العقاقير مثل مركبات الكورتيزون أو أدوية الصرع، وأمراض الغدة الدرقية أو جار الدرقية، وأمراض الجهاز الهضمي وسوء الامتصاص وأمراض الفشل الكلوي.

* ما هي أهم أعراض المرض؟

- إن معظم المصابين لا يكتشفون أن عندهم هشاشة عظمية، في المراحل الابتدائية للمرض، إلا بعد تعرضهم لحدوث كسور في عظام الفخذ أو العمود الفقري أو الساعد ولذا يسمى هذا المرض «المرض الصامت». ثم يبدأ الشعور بآلام حادة وتحدب بالظهر نتيجة حدوث كسور بفقرات الظهر.

* هل هناك فارق بين هشاشة العظام ولين العظام عند الأطفال؟

- نعم، هنالك فرق كبير بين هشاشة ولين العظام ويمكن التمييز بينهما مخبريا وإشعاعيا. فمثلا لين العظام يرافقه نقص شديد في مستوى فيتامين (دي) بالدم يصاحبه نقص في مستوى معدن الكالسيوم والفوسفات وارتفاع إنزيم العظم البناء. أما بالنسبة لهشاشة العظام فقد يصاحبه نقص بسيط أو متوسط بمستوى فيتامين (دي) ولكن مستوى معدن الكالسيوم والفوسفات وإنزيم العظم البناء يكون طبيعيا. وهنالك تغيرات خاصة بلين العظام عند عمل التصوير باستخدام الأشعة السينية.

الكالسيوم وفيتامين «دي»

* ما هي احتياجات الجسم اليومية من الكالسيوم وفيتامين دي؟

- أوضح د. الجهني أن احتياجات الجسم من الكالسيوم وفيتامين دي تعتمد على المرحلة العمرية ومدى النقص في فيتامين دي وعلى وجود أمراض أخرى مصاحبة. ولكن الإنسان الطبيعي بعد سن الخمسين يحتاج إلى 1200 ملغم من الكالسيوم يوميا و800 إلى 1000 وحدة دولية من فيتامين دي يوميا.

* متى تصل كثافة العظم إلى مستوى الذروة خلال مراحل العمر؟

- تستمر زيادة كثافة العظم حتى سن الثلاثين. وهذا يسمى (ذروة أو قمة الكثافة العظمية). بعد ذلك قد تبقى كتلة العظام ثابتة أو تتناقص ببطء شديد (نحو1 في المائة سنويا) في الحالات الطبيعية، أما عند الإصابة بهشاشة العظام فإن الكتلة العظمية تتناقص بسرعة كبيرة مسببة عظاما مليئة بالثقوب سهلة الكسر.

* لماذا تعاني السيدات أكثر من الرجال بوهن العظام بعد سن اليأس؟

- هنالك دور كبير لهرمون الأنوثة (وخاصة هرمون الاستروجين) في زيادة كتلة العظم، وعند انقطاع الدورة الشهرية والدخول في سن اليأس يتناقص إفراز هرمون الاستروجين من المبيضين مما يزيد من فقدان الكتلة العظمية لدى السيدات، بالإضافة إلى أن النساء لديهن كتلة عظمية أقل مقارنة بالرجال وبالتالي فإن عظامهن أضعف من عظام الرجال في نفس المرحلة من العمر.

كسور العظام

* ما هي العظام الأكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام وبالتالي الإصابة بالكسور؟

- إن أكثر عظام الجسم عرضة للإصابة بالكسور نتيجة هشاشة العظام هي:

. عظام فقرات الظهر.

. عظام الورك والفخذ.

. عظام الساعد (فوق مفصل كف اليدين).

* ما هي مضاعفات كسور عظام الورك والفخذ الناتجة عن مرض هشاشة العظام؟

الإعاقة الشديدة عن مزاولة نشاطات المنزل أو العمل مثل النهوض أو المشي أو الاستحمام وغيرها، إذ أوضحت الدراسات العلمية أن 80 في المائة من المصابين بكسر الورك يكونون عاجزين عن السير بعد سنة من حدوث الكسر.

الآلام الحادة والمزمنة في منطقة الحوض.

معاناة نفسية ناتجة عن الإحساس بالألم و/ أو فقدان الأنشطة الأساسية أو تغير شكل الجسم.

تزداد نسبة الوفاة إلى حد 5 أضعاف في السنة الأولى بعد الكسر.

التشخيص والوقاية

* كيف يمكن تشخيص هشاشة العظم؟

يتم التشخيص عن طريق استخدام الأشعة السينية مثل جهاز الـ«دكسا» وهو أكثر الأجهزة استخداما وأكثرها دقة وسرعة حيث يستغرق زمن الفحص من 5 إلى 10 دقائق ويستخدم لتشخيص حالات هشاشة العظام ومتابعة العلاج، ويمكن أيضا التشخيص باستخدام الأشعة المقطعية.

كما يتم أيضا عمل بعض التحاليل مثل تحاليل الدم المخبرية ومنها: تحديد مستوى الكالسيوم بالدم، وظائف الكلى، عمل فحص مخبري لمعرفة مستوى الكالسيوم وفيتامين (دي)، هرمون الغدة جار الدرقية والغدة الدرقية وذلك لاستقصاء الأسباب الثانوية لهشاشة العظام.

* كيف يمكن الوقاية من هشاشة العظام؟

- توجد بعض الخطوات التي يمكن لكل شخص اتخاذها لتقليل مخاطر تعرضه لهشاشة العظام، وهي:

. النظام الغذائي: يجب الاهتمام بتناول الغذاء المتوازن الغني بمعدن الكالسيوم، منذ مراحل العمر الأولى، وذلك عن طريق تناول الألبان قليلة الدسم ومشتقاتها مثل اللبن الزبادي والأجبان والخضراوات وتناول الغذاء الغني بفيتامين دي بشكل يومي، وهو موجود في الأسماك البحرية وصفار البيض والكبد والألبان المدعمة بفيتامين دي.

وقد بينت بعض الدراسات العلمية أن فيتامين دي يساعد على تشكيل خلايا الدم، ويدعم المناعة، الأمر الذي قد يقلل من أخطار السرطان وقدرته على توفير الحماية من أمراض المناعة كالتهاب المفاصل المناعي، والتصلّب اللويحي، وداء السكّري.

وللأشخاص الذين لا يحصلون على القدر الكافي من الكالسيوم وفيتامين دي في طعامهم سوف يقوم الطبيب المعالج بوصف المكملات (الحبوب) الغذائية.

. التعرض لأشعة الشمس: فهي تساعد على تكوين فيتامين (دي) في الجلد الذي يحتاج التعرض لأشعة الشمس لتنشيطه داخل الجسم والاستفادة منه.

. ممارسة الرياضة: يجب أن يتناسب نوع الرياضة مع عمر المريض وحالته الصحية، ومن الأفضل استشارة الطبيب حول نوع التمرين المناسب. وهناك أنواع كثيرة من الرياضة كالهرولة أو السباحة أو صعود الدرج أو غيرها، وأبسطها المشي لمده 30 دقيقة يوميا مع تفادي الحركات العنيفة التي تؤدي إلى السقوط.

. الامتناع عن التدخين . المتابعة الطبية، خاصة للحالات المرضية التي من المعروف أن فيها زيادة نسبة هشاشة العظام، مثل تناول الكورتيزون لفترات طويلة، والفشل الكلوي، وأمراض الغدة الدرقية، أو وجود أحد العوامل التي تتسبب في ظهور مرض هشاشة العظام آنفة الذكر.

العلاج

* كيف تعالج الهشاشة عند إثبات وجودها؟

الكشف المبكر.

جرعات أكبر من الكالسيوم وفيتامين دي.

أدوية أخرى حسب ما يراه الطبيب، مثل مركبات البيسفوسفونات وهي الأودية المستخدمة والأكثر شيوعا، وهي تعمل على وقف مفعول الخلايا المسؤولة عن تكسير العظام. ومن خلال هذا المفعول فإن هذه الأدوية تساعد على منع المزيد من فقدان المادة العظمية في المرضى الذين فقدوا بعضها بالفعل.

ومثال على هذه الأدوية «فوساماكس» أو «إيفيستا» أو «اكتونيل» أو حقن تعطى بالوريد سنويا (اكلستا) أو تحت الجلد مرتين بالسنة (بروليا).

وهنالك أدوية أخرى مثل بخاخ مياكالسين، الستيرويدات البناءة مثل عقار الوكسيفين.

يقوم الطبيب بتحديد الدواء المناسب حسب الحالة.

المتابعة الطبية بعد العلاج عن طريق استخدام الأشعة السينية مثل جهاز دكسا كل سنتين لمتابعة ثبات أو نقص أو زيادة كثافة العظم.