دعونا نهلّل.. للشكر والامتنان

التعبير عنهما الوسيلة الأسهل للتمتع بمشاعر طيبة

TT

الشكر والامتنان كلمتان تحملان في طياتهما الكثير من التقدير للخدمة التي تلقاها أي منا من الآخرين، سواء كانت خدمة يسيرة أو كبيرة. ومع تعبيرهم عن الشكر فإن الناس يعبرون عن الطيبة والصلاح في حياتهم. وبهذه العملية التي تعبر عن الامتنان، فإنهم يعترفون عادة بأن مصدر الطيبة والصلاح، ولو جزئيا على الأقل، يوجد خارج كيانهم.

* إيجابيات الشكر

* وبالنتيجة فإن الشكر يساعد أيضا الناس على التواصل مع أشياء أكبر منهم كأفراد، سواء كان ذلك التواصل يتم مع أشخاص آخرين أو مع الطبيعة، أو مع قوة عظمى أعلى منهم.

وفي أبحاث علم النفس الإيجابي، يرتبط الشكر بقوة وعلى الدوام مع مشاعر السعادة الأكبر. ويساعد الشكر الإنسان على الإحساس بمشاعر إيجابية، والاستمتاع بنكهة التجارب الجيدة، وتحسين الصحة، والتعامل مع المحن، وبناء علاقات وطيدة.

ويعبر الناس عن الامتنان بوسائل متعددة، فقد يكون تعبيرا عن أحداث وقعت في الماضي (استرجاع ذكريات جيدة للامتنان بشأن جوانب حدثت في الطفولة أو الامتنان من بركات سالفة)، أو الحاضر (لا يعتمدون على وهم محالفة الحظ السعيد لهم، بل يتقبلون النتائج كما تأتي)، والمستقبل (الحفاظ على نظرة وعلى آمال متفائلة).

وبغض النظر عن مستوى الامتنان الموروث، أو الحالي، لدى شخص ما فإن الشكر نفسه، يمثل خصيصة جيدة يمكن للأفراد تنميتها أكثر فأكثر بنجاح.

* أبحاث الشكر

* أشرف كل من الدكتور روبرت إيه. إيمونس من جامعة كاليفورنيا في ديفيس، والدكتور مايكل إي. مككاوه من جامعة ميامي، وهما باحثان في علم النفس، على العديد من الأبحاث حول الشكر والامتنان. وفي إحدى دراساتهما طلبا من المشاركين تدوين عدة جمل كل أسبوع، بعد تركيزهم على موضوع محدد.

وقد دون أفراد إحدى المجموعات كتابات عن أمور حدثت خلال الأسبوع دعتهم إلى التعبير عن شكرهم، بينما كتب أفراد مجموعة ثانية عن الاستياء بسبب أمور عايشوها خلال اليوم، وأخيرا سجل أفراد المجموعة الثالثة الأحداث التي أثرت عليهم (من دون تدوين أي تقييم إيجابي أو سلبي لها).

وبعد 10 أسابيع، ظهر أن الذين عبروا عن امتنانهم كانوا أكثر تفاؤلا، كما كانوا يشعرون بأنهم يحيون حياة أفضل، كما أنهم كانوا يمارسون التمارين الرياضية أكثر وقل لديهم عدد زيارات الطبيب، مقارنة بالأشخاص الذين ركزوا كتاباتهم على الأمور التي تثير استياءهم.

كما اختبر أحد الباحثين الرواد في هذا الميدان وهو الدكتور مارتن إي. بي. سيليغمان، الباحث في علم النفس في جامعة بنسلفانيا، تأثير مختلف التدخلات النفسية الإيجابية على 411 شخصا، قورن كل منهم بمهمة كتابية حول الذكريات المبكرة له.

وعندما طلب منهم إنجاز مهمة أسبوعية بكتابة رسالة شكر وتقديمها شخصيا لشخص ما لم يقدموا له الشكر المطلوب بشكل مناسب في السابق لتأديته خدمة طيبة، سجلت لدى المشاركين درجات عالية من السعادة. وكان هذا التأثير أكبر من التأثير المماثل لأي من التدخلات النفسية الأخرى، كما امتد مفعوله لمدة شهر.

ومن الطبيعي القول إن هذه الدراسات لا تتوصل إلى الربط بين الأسباب والنتائج. ومع هذا فإن أغلب الدراسات المنشورة في هذا الشأن تدعم وجود علاقة بين الشكر ورفاهية الإنسان.

وقد دققت دراسات أخرى في كيفية تحسين الامتنان للعلاقات الزوجية، فعلى سبيل المثال وجدت دراسة أجريت على الزيجات أن شريك الحياة الذي أخذ في التعبير عن شكره إلى شريكته لم يتمتع بمشاعر جيدة تجاهها فحسب، بل إنه شعر براحة أكبر أيضا عندما كان يود مصارحتها بجوانب العلاقة بينهما.

كما أن المديرين الذين يتذكرون أن يقولوا «شكرا» لمرؤوسيهم العاملين معهم، ربما سيجدون أن هؤلاء سيندفعون أكثر في تأدية مهامهم. وقد قام باحثون في جامعة بنسلفانيا بتقسيم مشاركين من جامعي التبرعات في دراسة بشكل عشوائي إلى مجموعتين، قامت المجموعة الأولى بالاتصال هاتفيا مع خريجي الجامعة بهدف جمع التبرعات بنفس طريقتهم السابقة. أما المجموعة الثانية التي عملت في يوم آخر فقد تلقى أفرادها حديثا تمهيديا من مديرة التبرعات السنوية أبلغتهم فيه بأنها ممتنة لجهودهم. وخلال الأسبوع اللاحق نجح جامعو التبرعات الذين تلقوا شكر المديرة وامتنانها في إجراء عدد من الاتصالات الهاتفية لجمع التبرعات فاق بنسبة 50 في المائة عدد الاتصالات التي قام بها أفراد المجموعة الذين لم يتلقوا الشكر.

وهناك بعض الاستثناءات الملحوظة من النتائج الإيجابية عموما في الدراسات على الشكر، فقد وجدت إحدى الدراسات أن النساء المطلقات في أواسط عمرهن اللاتي يسجلن شكرهن، لم يكنّ أكثر رضا من الأخريات اللواتي لم يسجلن الشكر. كما وجدت دراسة أخرى أن الأطفال والفتيان المراهقين الذين كتبوا رسائل الشكر لأشخاص كانوا قد قدموا لهم أشياء مفيدة، جعلوا أولئك الأشخاص أكثر سعادة، إلا أن هذا لم يحسن من شعورهم، أي الأطفال والفتيان. وتفترض هذه النتائج أن الشكر ليس سوى مكسب مرتبط بالنضوج العاطفي.

وسائل «تنمية» الامتنان إن الشكر هو وسيلة لتعبير الناس عن تقديرهم لما حصلوا عليه. وتعوض هذه الوسيلة عن توجه الناس الدائم للحصول على شيء ما جديد يأملون في أن يجعلهم سعيدين، أو عن التفكير بأنهم لن يشعروا بالرضا حتى تتحقق احتياجاتهم البدنية والمادية. أي إن الشكر يساعد الناس على إعادة التركيز على ما يوجد لديهم بدلا من التركيز على الأشياء التي يفتقدونها. وأيضا، ورغم أن هذه الحالة العقلية والنفسية تبدو في البداية مبتدعة فإنها تصبح أقوى مع توظيفها واستخدامها المتواصل.

وإليكم بعض الوسائل لتنمية مشاعر الشكر على أسس منتظمة:

* اكتب رسالة شكر.

* اشكر شخصا في قلبك (في ذهنك).

* احتفظ بسجل الامتنان.

* احسب عدد البركات التي حلت عليك كل أسبوع.

* أقم الصلاة.

* تمتع بجلسة للتأمل.

* رسالة هارفارد للصحة العقلية، خدمات «تريبيون ميديا».