مقاربة علاجية جديدة.. لعلاج ضغط الدم المقاوم

إجراء يرتكز مباشرة على قسطرة مختبرية تخفف أثر الأعصاب السمبثاوية على الكلية

TT

يعتبر ارتفاع ضغط الدم السبب الأول للوفيات حول العالم، إذ بات مشكلة صحية عالمية خطيرة ومتزايدة، حيث يصيب ما يقارب 1.2 مليار شخص في جميع أنحاء العالم. وتنتج عن عدم التحكم في ضغط الدم (ضمن المعدل الطبيعي له) مضاعفات صحية متعددة، منها تزايد خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية والقصور القلبي والمرض الكلوي، والوفاة. وتقدر التكلفة المباشرة لعلاج مرض ارتفاع ضغط الدم على النظام الصحي العالمي بأكثر من 500 مليار دولار أميركي سنويا. وكنتيجة لذلك، وعلى الرغم من التغيرات في نمط الحياة وتوافر أدوية مضادة لارتفاع ضغط الدم، يبقى ما يقارب 50 في المائة من المرضى مصابون بارتفاع ضغط الدم المتغير، وما يقارب 15 إلى 20 في المائة منهم مصابون بـ«ارتفاع ضغط الدم المقاوم»، وهو عبارة عن ارتفاع في ضغط الدم يصيب المريض على الرغم من علاجه بثلاثة أدوية أو أكثر مضادة لمرض الضغط ولا يستجيب لهذه الأدوية، واستحق بالفعل أن يوصف بالقاتل الصامت، لما يشكل من معضلة صحية آخذة بالازدياد.

* إن العلاقة بين ارتفاع ضغط الدم وارتفاع تنشيط الأعصاب السمبثاوية مثبتة علميا، فالإشارات العصبية الكلوية السمبثاوية، تلك * التي تدخل الكلية وتلك التي تنبثق منها، تلعب دورا رئيسيا في التسبب بارتفاع التنشيط العصبي السمبثاوي. ويستطيع الأطباء استخدام طريقة فعالة جديدة لاستهداف الأعصاب الكلوية وتخفيف أثر أليافها عبر التزويد بطاقة لا سلكية منخفضة القدرة عبر جدران الشريان وصولا إلى الأعصاب الكلوية.

ويهدف هذا العلاج الجديد إلى تخفيف مستوى ارتفاع نشاط الأعصاب السمبثاوية وبالتالي تخفيض ضغط الدم. وأطلق على هذا النظام اسم «نظام سيمبليسيتي للقسطرة» Symplicity Catheter System، وأطلق على القسطرة اسم Medtronic Symplicity Catheter نسبة إلى شركة «ميدترونك» Medtronic الطبية التي قامت بتصنيع وتطوير هذه القسطرة.

وعلى الرغم من أن هذا الإجراء الجديد الذي يخفف تأثير الأعصاب على الكلية يعود أصله إلى قطع الألياف العصبية السمبثاوية، فإن التقنيات الحديثة حولته إلى مقاربة غير جراحية وإلى إجراء يرتكز مباشرة على القسطرة المخبرية.

* تدخل غير جراحي

* ويتألف الجهاز من مركبين أساسيين صمما للعمل معا لتوفير علاج آمن مصمم فرديا مع سهولة استعمال قصوى: قسطرة نحيفة ومحرك تردد لا سلكي محمول.

ويمكن توجيه الجهاز المصمم خصيصا للتداخل الشرياني الكلوي الآمن، وهو مزود بمفاتيح ضبط للدوران والثني لتسهيل عملية الاحتكاك بجدار الشريان دون أي صدمة. أما محرك الجهاز فيتحكم آليا بالطاقة متكيفا مع المريض خلال العلاج. ويضمن التشغيل بالدواسة دون استعمال اليدين وآليات التحكم الموجودة في الجهاز السلامة القصوى، الأمر الذي يسمح للطبيب التركيز على الإجراء عوضا عن التركيز على التجهيزات.

وينفذ الإجراء داخل الشريان دون زرع دائم، إذ يتم إدخال القسطرة ببساطة في الشريان الكلوي بواسطة تقنية تداخلية معيارية مع تحكم بالدوران والثني لتحقيق الوضع المثالي. وبعد معالجة أولية تدوم نحو الدقيقتين، تدار القسطرة ومن ثم يعاد العلاج في شكل نصف دائري في ثلاثة إلى خمسة مواقع إضافية على طول الشريان. وبعد علاج الشريانين الكلويين الأيسر والأيمن، يتقوم القسطرة وتسحب من الجسم.

* دراسات وأبحاث

* وأظهرت الأبحاث السريرية حتى الآن أن تخفيف أثر الأعصاب على الكلية بواسطة الجهاز المذكور قد يؤمن انخفاضا كبيرا وطويل الأمد في مستويات ضغط الدم للكثير من المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم المقاوم على الرغم من علاجهم بعدة أدوية.

وأعلن «مركز الأمير سلمان لطب وجراحة القلب» في مدينة الملك فهد الطبية في مدينة الرياض عن تطبيق استخدام الجهاز لأول مرة في المملكة العربية السعودية لتخفيف أثر الألياف العصبية على الكلية، علما بأن نسبة الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم في المملكة تقدر بـنحو 26.1 في المائة.

وفي هذا الإطار، قال الدكتور مصطفى بن عادل يوسف، مدير مركز الأمير سلمان لطب وجراحة القلب واستشاري علاج قلب بالقسطرة التداخلية، إنه وزملاءه يتطلعون إلى الدخول في شراكة مع اختصاصيين في ارتفاع ضغط الدم لتقديم هذا العلاج التداخلي المبتكر للمرضى في بلدنا. وأضاف أن العلاج التداخلي هو طريقة (تقنية) جديدة ومثيرة للاهتمام لعلاج ارتفاع ضغط الدم المقاوم.

وباختصار، فإن إجراء تخفيف أثر الألياف العصبية على الكلية مصمم بهدف إبطال التنشيط المزمن للأعصاب السمبثاوية وتوفير انخفاض كبير في ضغط الدم. وتقدم هذه الطريقة الحديثة للعلاج خيارا علاجيا بديلا وأملا كبيرا لعلاج المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم المقاوم ولا يستجيبون بطريقة مرضية لتناول عدة أدوية بما تحمل من مضاعفات وآثار جانبية محتملة. وتجدر الإشارة إلى أن المرضى سيستعيدون عافيتهم بسرعة وبإمكانهم معاودة نشاطات حياتهم اليومية دون أي تأخير.