القيلولة.. تعزز صحة الكبار

تعزز القدرات العقلية لدى الأصحاء والمرضى

TT

مع التقدم في العمر، تبدأ التغيرات في هيئة النوم وفي جودته. وبعد أن تتجاوز أعمارنا 60 سنة، فإننا نحصل على فترات أقل من النوم العميق (بطيء الموجةslow - wave sleep )، وعلى فترات أكثر من حلقات النوم السريع rapid sleep cycles، وغالبا ما نستيقظ أكثر، كما أننا ننام أقل بمدة ساعتين في المتوسط عن مدة نومنا عندما كنا شبابا بالغين.

وكان من المعتقد في وقت ما أن الناس الأكبر سنا لا يحتاجون إلى فترات كبيرة من النوم مثل ما يحتاجه الأصغر سنا، إلا أن الخبراء لا يتفقون اليوم مع هذا الأمر. ولذا، ومهما كان عمر الإنسان، فإنه يحتاج إلى ما بين سبع ساعات ونصف الساعة وثماني ساعات من النوم للقيام بوظائفه بصورة أفضل.

إغفاءة النهار ولذلك، فإن كنت لا تتمتع بما يكفي من النوم، فما رأيك بالتمتع بإغفاءات النهار؟ أم أن هذه الإغفاءات تؤدي إلى اضطراب دورة النوم لديك، الأمر الذي يؤدي إلى الحصول على قدر أقل من النوم وقدر أكبر من النعاس في النهار؟

هذه الأسئلة كانت موضع دراسة لباحثين من كلية ويل كورنيل للطب في وايت بلينس بنيويورك، نشرت نتائجها في مجلة جمعية الشيخوخة الأميركية Journal of the American Geriatrics Society في فبراير (شباط). ولم يستنتج الباحثون أن القيلولة لا تزيد من فترة النوم الكلية لدى الأشخاص الأكبر سنا، فحسب - ومن دون أن تولد أي حالات من النعاس في النهار - بل إن القيلولة تقدم أيضا فوائد ملموسة في تعزيز القدرات العقلية.

دراسة ونتائج

* الدراسة. شملت الدراسة التي أعدت بشكل جيد 22 من الرجال والنساء الأصحاء، بين أعمار 50 و83 سنة، وافقوا على خضوعهم للتقييم داخل مختبر للنوم. وخلال فترة أولية امتدت من أسبوع إلى أسبوعين، سجل المشاركون أوقات نومهم داخل منازلهم وارتدوا أجهزة مراقبة لمتابعة حركاتهم أثناء الليل.

ثم وبعد ذلك، أدخلوا في مختبر النوم لمدة 3 ليال ونهارين وخضعوا لتقييم شامل لأوضاع النوم لديهم (بتوظيف وسائل تخطيط النوم المتعدد polysomnography، ووسائل أخرى)، إضافة إلى خضوعهم لسلسلة من اختبارات الإدراك (المعرفية).

وبعد هذه المرحلة المختبرية الابتدائية، بدأ المشاركون في مرحلة امتدت شهرا كاملا ناموا فيها في فترة القيلولة داخل منازلهم. وتمتع نصف المشاركين بفترة قيلولة استغرقت 45 دقيقة، بينما تمتع النصف الآخر بفترة ساعتين منها. وبعد مرور الأسبوعين الثاني والرابع، عاد الجميع إلى مختبر النوم لإعادة تقييمهم.

* النتائج. وعند نهاية الدراسة، ازدادت فترة النوم الكلية بفترة 65 دقيقة في المتوسط لدى المشاركين الذين تمتعوا بساعتين من القيلولة، وبمعدل 20 دقيقة لدى الذين تمتعوا بفترة 20 دقيقة منها. إلا أن المشاركين لاقوا صعوبة في الالتزام بفترة ساعتين من القيلولة. ولم تؤثر أي من القيلولة الطويلة أو القصيرة على النوم الليلي كما لم تقد إلى النعاس أثناء النهار.

كما زاد التمتع بالقيلولة من زمن النوم بطيء الموجة وزمن مرحلة نوم حركة العين السريعة REM، الذي يعتقد أنه يلعب دورا مهما في إعادة نشاط الجسم والمخ.

وأظهر المشاركون، سواء كانوا من الذين تمتعوا بفترة قصيرة أو طويلة من القيلولة، تحسنا ملموسا في ثلاثة من أربعة اختبارات في سلسلة تقييم الادراك لديهم.

حدود علمية

* المحدودية. لم يشارك في الدراسة سوى أشخاص يتمتعون بصحة بدنية وعقلية جيدتين، ولذا فمن غير الواضح في ما إذا كانت فترتا القيلولة المطبقة لـ45 دقيقة ولساعتين ستكون مفيدة للبالغين من الكبار المعانين من اضطرابات النوم أو من مشاكل طبية.

كما لا تخبرنا الدراسة بأي شيء حول تأثيرات القيلولة القصيرة جدا (مثل ما يسمى القيلولة القوية power nap) على وظائف اليقظة. وإضافة إلى ذلك، فقد كانت الدراسة مختصرة، إذ تم تقييم وظائف الإدراك المرتبطة بالقيلولة بعد أسبوعين ثم بعد أربعة أسابيع. ولذا، فإننا لا نعلم ما إذا كان ذلك التحسن الملاحظ خلال الدراسة كان سيستمر في أسابيع القيلولة اللاحقة.

ومع هذا، فإن نتائج الدراسة تقدم أدلة إضافية على أن القيلولة اليومية لكبار السن بمقدورها أن تضيف وقتا لفترة النوم الكلية (وكذلك وقتا إلى فترة النوم لاستعادة القوى) وتحسن من وظائف الجسم أثناء النهار.

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»، خدمات «تريبيون ميديا»