الأرتكاريا والوذمة الوعائية.. مرضان ينجمان عن مهيجات للحساسية

الحالات قد تكون حادة تختفي خلال أسابيع.. أو مزمنة تستمر لسنوات

TT

مرضان شائعان يصيبان النساء بنسبة أكبر من الرجال، هما الأرتكاريا (Urticaria) والوذمة الوعائية (Angioedema)، وإن كانت الأرتكاريا أكثر شيوعا من الوذمة الوعائية.

الأرتكاريا عبارة عن طفح جلدي (احمرار) يصيب أي مكان من الجسم، وخصوصا الأطراف الأربعة والبطن والصدر والظهر، ويأتي في العادة بشكل دائري ترافقه حكة شديدة، ويختفي خلال 24 ساعة ثم يظهر في مكان آخر بالجلد وهكذا. يختلف مقاس الأرتكاريا الواحدة من عدة مليمترات إلى عدة سنتمترات.

أما الوذمة الوعائية فهي انتفاخ بالجلد بنفس طريقة الأرتكاريا لكن في طبقات أعمق من الأرتكاريا، وتصيب أي جزء من الجسم، وخصوصا القناة التنفسية العليا (انتفاخ في الشفة وجفن العين واللسان والحنجرة فتسبب انسداد القناة التنفسية العليا مع الاختناق) والقناة الهضمية (فتسبب المغص).

حدوث الحالات

* حول هذا الموضوع تحدث إلى «صحتك» الدكتور موفق محمد سعيد طيب، استشاري أمراض المناعة والحساسية، أستاذ مساعد بكلية طب رابغ - جامعة الملك عبد العزيز، فأوضح أن هذين المرضين يحدثان بنفس الطريقة نتيجة خروج كميات كبيرة من مادة الهستامين وغيرها من خلايا ماست (Mast Cell)، فتحدث الأرتكاريا في الطبقات السطحية، أما الوذمة الوعائية ففي الطبقات العميقة من الجلد. ويحدث المرضان نتيجة وجود مهيج للحساسية لدى المريض، أو مهيجات فيزيائية كالحرارة أو الضغط على الجلد، أو لأسباب مناعية فتتوسع الأوعية الدموية بالجلد وتتجمع السوائل تحته، فيحمر ويرتفع عن سطح الجلد. أما الحكة الشديدة فتحدث نتيجة تهيج نهايات الأعصاب الموجودة في الجلد من مادة الهستامين وغيرها.

ويمكن تقسيم الأرتكاريا والوذمة الوعائية إلى نوعين، حاد ومزمن.

* الأرتكاريا والوذمة الوعائية الحادة. تنتشر الأرتكاريا والوذمة الوعائية الحادة بنسبة أكبر من المزمنة، وتستمر أقل من ستة أسابيع، وهي سهلة التشخيص حيث تحدث مباشرة بعد التعرض لمهيج معين مما يسهل معرفته وتجنبه بسهولة كتناول دواء أو طعام معين أو التعرض لقرص النحل أو لدغ عقرب، وقد تحدث بعد التهاب فيروسي مع ارتفاع بدرجة الحرارة. وفي العادة تأتي الأرتكاريا والوذمة الحادة مرة واحدة ولا تتكرر، حيث تستمر لعدة أيام ثم تختفي ولا ترجع بعد ذلك.

أما الأطعمة المهيجة للأرتكاريا والوذمة الوعائية الحادة فمن أمثلتها: الفول السوداني - البيض - السمك - حليب البقر (الصناعي) - المحار والمأكولات البحرية – الفراولة - التونة والكحول - المواد المضافة للطعام - بعض الأدوية - نقل الدم - قرصات الحشرات كالدبور والنحل والحشرات الأخرى.

وإذا حدثت الوذمة الوعائية وحدها بشكل متكرر ورافقها ألم في البطن فإنها تكون وراثية، وهي من الأمراض النادرة الناتجة عن نقص مناعي معين.

مشكلة الوذمة الوعائية (Angioedema) الانتفاخ في الحنجرة، مما قد يؤدي إلى اختناق، لذا تعتبر من الطوارئ بالذات في الأطفال لأن القناة التنفسية عندهم ضيقة.

* الأرتكاريا والوذمة الوعائية المزمنة. هي التي تستمر لفترة زمنية أطول من ستة أسابيع، تخف فترة ثم تعود، وسببها غير معروف طبيا في 75% من الحالات، ولذا قد تستمر لأعوام طويلة. ومن أنواعها الأرتكاريا الفيزيائية، الميكانيكية الناتجة عن احتكاك بالجلد أو ضغط عليه كلبس الحزام الضيق، أو احتكاك الجلد بشيء بارد أو حار، والتعرض للضوء، ووجود أمراض مناعية كالذئبة الحمراء.

تأثيرات مرضية

* تكمن المشكلة هنا في عدم معرفة السبب في معظم الحالات رغم عمل كل الفحوص، فتستمر الأعراض مما يؤثر على حياة المريض بشكل كبير ويزعجه إزعاجا كبيرا جدا.

* تسوء الأعراض في المساء وقد تؤدي إلى اضطراب النوم.

* قد يأتي الطفح الجلدي في أي لحظة ودون أي مقدمات، ويسبب إحراجا كبيرا بالذات للنساء خلال الحفلات والسهرات والمناسبات العامة.

* ثبت في الأبحاث العلمية الحديثة أن الأرتكاريا والوذمة المزمنة قد تؤدي إلى الاكتئاب أو حتى إلى الانتحار في نهاية المطاف.

* أما الأرتكاريا الفيزيائية فيعاني المصابون بها من تقييد حركتهم لأنهم قد يضطرون إلى عدم الاستحمام أو الخروج في الجو البارد أو في الشمس مما يعيق حياتهم بشكل كبير.

الأعراض

* تظهر دوائر الأرتكاريا فجأة، بلون أحمر فاتح أو داكن أحيانا، وتكون مرتفعة فوق الجلد.

* يحدث العكس أحيانا، فلا يكون الطفح الجلدي مرتفعا فوق الجلد، بل فيه فراغ في المنتصف مع دوائر حمراء حوله.

* وهناك علامة مميزة لطفح الأرتكاريا، وهو أن الضغط عليه يذهب لونه، فهو قابل للاختفاء، وهي ميزة هامة تميزه عن أنواع الطفح الجلدي الأخرى.

* يختلف مقاس الطفح الجلدي، من عدة مليمترات إلى عدة سنتمترات.

* قد يرافق الطفح الجلدي ظهور صفير في الصدر أو انخفاض في الضغط.

* يختفي الطفح خلال 24 ساعة ولا يترك أي أثر على الجلد، وإذا استمر أكثر يكون ناتجا عن أمراض مناعية.

التشخيص

* إن أهم مفتاح للتشخيص هو الجلوس مع المريض طويلا وأخذ معلومات تفصيلية، وتحديد نوع الحالة، حادة أم مزمنة. ثم البحث عن المهيج الذي سبب الأرتكاريا والوذمة (أدوية - أطعمة - التهابات فيروسية حديثة - وجود حساسية في العائلة).

ويأتي الفحص الإكلينيكي لرصد وجود أي علامات لمرض مناعي لدى المريض، ثم رصد وجود أرتكاريا فيزيائية وتحديد نوع المؤثر.

ولا يحتاج المريض لفحوصات مخبرية في الحالات الحادة. وإذا كان الطعام هو المتهم فعندها يتم سحب الدم لعمل الفحوصات المخبرية اللازمة. وفي حالة توقع الوذمة الوراثية، فيتم عمل فحوصات مخبرية مناعية. أما في حالة الأرتكاريا المزمنة فيتم عمل فحوصات هدفها الوصول إلى المهيج أيا كان.

علاج الأرتكاريا

* عند الشك أن الأرتكاريا مناعية فإن الأمر يحتاج لأخذ عينة من الجلد للتأكد من نوع الأرتكاريا المناعية. وبالنسبة للأرتكاريا المزمنة فيجب تحويلها إلى استشاري الحساسية مباشرة.

وإذا عرف المهيج بعينه فإنه يجب على المريض أن يتجنبه، وإذا كان المهيج دواء مثلا البنسلين أو الأسبرين فيجب تجنبه ووصف البديل من قبل الطبيب.

أما المرضى الذين يعانون من أرتكاريا ناتجة عن التماس أجسام باردة بجلدهم فإننا ننصحهم بعدم السباحة لأن ذلك قد يسبب لهم أرتكاريا وهم بداخل المسبح، وقد تكون أرتكاريا شديدة، وقد تؤدي إلى انخفاض الضغط وفقد الوعي ثم الغرق.

أما إذا كانت أعراض الأرتكاريا شديدة فإننا ننصحه بأخذ حمام ماء فاتر (لا بارد ولا حار) كما ننصحه أيضا باستخدام كمادات موضعية بالكريمات التي تحتوي على النعناع أو حمام الشوفان، لأن ذلك يخفف الأعراض. والابتعاد تماما عن الكحول وعن القلق والتوتر. أما في الأرتكاريا المزمنة فإنه يجب تجنب الأدوية المسببة لها مع أخذ أدوية بديلة لا تسبب الأرتكاريا.

o العلاجات الدوائية للأرتكاريا. يعتبر الهستامين (Histamine) السبب الرئيسي للأرتكاريا، وعليه فإن الأدوية المضادة للهستامين تعتبر أهم الأدوية في العلاج. أما دور مضادات الهستامين في علاج الوذمة الوعائية فيعتبر أقل تأثيرا. وقد يحتاج الأمر في بعض الأحيان إلى إضافة الكورتيزون بالفم في الأرتكاريا المزمنة إذا فقدت مضادات الهستامين أثرها، وذلك لفترات قصيرة من الزمن لا تزيد عن ثلاثة أسابيع، مما سيؤدي إلى التحكم بالأرتكاريا مرة أخرى وبسرعة.

* علاج الوذمة الوعائية (Angioedema). تعتبر الوذمة الوعائية من الأمراض الطارئة بالذات في الأطفال لاحتمال حدوث الاختناق ثم الوفاة نتيجة حدوث الانتفاخات في القناة الهوائية التي تعتبر صغيرة الحجم بالمقارنة مع القناة الهوائية في البالغين. لذا يجب على المريض أن يأخذ دواء سريعا يخفف هذه الانتفاخات بسرعة، وأهمها حقن الأدرينالين تحت الجلد الذي يخفف تلك الانتفاخات مباشرة، ويعتبر إجراء هاما جدا يحافظ على حياة المريض بالذات الأطفال.