الجلطة الدماغية تقدم العمر عامل مهم في الإصابة بها

نمط حياة صحي كفيل بالوقاية من مخاطرها

TT

إنه أسوأ كابوس تتعرض له أسرة المصاب، يغير مسار حياتها ونشاطاتها ومخططاتها المستقبلية مثلما يؤثر على قدرات وإنتاجية المريض بقية حياته، ويشيع انتشاره بين المسنين من الناس ولا نستبعد أنه أصبح يصيب أيضا الأطفال والبالغين.. إنه مرض الجلطة الدماغية الذي يعتبر حالة مرضية طارئة تحتاج إلى العلاج الإسعافي الفوري.

وقد كان أبقراط أول من وصف الشلل المفاجئ الذي كثيرا ما يرتبط مع الجلطة الدماغية. وقد سجل وجود حالات للجلطة الدماغية عند عوائل محددة في الألفية الثانية قبل الميلاد في بلاد ما بين النهرين القديمة وبلاد فارس.

ويصنف مرض الجلطة الدماغية بأنه ثالث سبب للوفاة في العالم بعد أمراض القلب والأمراض السرطانية. وتسبب الجلطة الدماغية 10 في المائة من الوفيات في جميع أنحاء العالم. ويعتبر تقدم العمر واحدا من أهم عوامل الخطر. وتحدث 95 في المائة من الحالات في سن 45 وما بعد، وثلثي الحالات في سن 65 فأكثر. وقد يكون للتركيبة الجينية عند أعضاء الأسرة دور في الإصابة بالجلطة الدماغية، كما أن اشتراك الأسرة في نمط الحياة يسهم في الإصابة، ووجود تاريخ مرضي للإصابة بجلطة دماغية في الماضي يزيد بشكل كبير خطر الإصابة بجلطة دماغية أخرى في المستقبل.

مؤتمر طبي للجلطات الدماغية

* التقت «صحتك» الدكتورة نسرين عبد الله عاشور استشارية أمراض باطنية ومخ وأعصاب ورئيسة اللجنة المنظمة لفعاليات المؤتمر العالمي للجلطات الدماغية المقام بمناسبة اليوم العالمي للجلطة الدماغية World Stroke Day بتنظيم من وحدة الأعصاب وقسم العلاج الطبيعي بمستشفى الملك فهد بجدة، فأوضحت أن المؤتمر يهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية الصحة وبخاصة صحة الدماغ، وإيجاد الأسباب، وتفعيل وتطوير دور الصحة للعمل على القضاء على أسباب الجلطات، وإبراز أهمية الوقاية من حدوث الجلطات، وكذلك التوعية بأهمية البحث العلمي في تطوير علم الجلطات الدماغية.

وأضافت د.عاشور أن المؤتمر ركز في محاوره الرئيسية على التطورات العلمية الحديثة في علوم الجلطات الدماغية، وعلى مقومات تفعيل الوقاية من الجلطات، وعلاج الجلطات دوائيا وقدم دور الأشعة التداخلية والجراحة الدماغية، ودور العلاج الطبيعي لحياة أفضل لهذه الفئة من المرضى.

كما اهتم المؤتمر بعقد عدد من ورش العمل بهدف تفعيل دور الأشعة لتشخيص الجلطات الدماغية وعلاج مضاعفاتها، ودور الحقن العضلي في علاج مضاعفات الجلطات، ودور العلاج الطبيعي لإعادة المصاب للحياة الطبيعية.

انتشار المرض

* أوضحت د.نسرين عاشور أن الجلطة الدماغية تعني موت مجموعة من خلايا الدماغ نتيجة نقص أو انقطاع في التروية الدموية إما بسبب مرض في الأوعية الدموية ذاتها أو بسبب تخثر دموي. وتختلف تأثيرات ومضاعفات هذا المرض باختلاف مكان الإصابة في الدماغ بسبب نقص التروية الدموية، فإذا تعرض مركز اللغة في الدماغ، مثلا، لهذا الضرر فهذا يعني أن المريض سوف يعاني من مشكلة في الكلام أما إذا أصاب الضرر مركز التحكم بأحد الذراعين، اليمنى أو اليسرى، فهذا يعني أن المريض سوف يعاني من ضعف في أحد طرفيه، أي المصاب.

وهناك سبب آخر لموت خلايا الدماغ وهو النزيف داخل الدماغ أو النزف في المنطقة الواقعة بين الدماغ والجمجمة وهي تؤثر على مجموعة المراكز العصبية الواقعة تحت تأثيرها.

ويصيب مرض الجلطة الدماغية الرجال أكثر من النساء بنسبة 67 في المائة. ويؤثر الغذاء ونوعه على حدوث الجلطات، فالأسماك لها تأثير وقائي من مخاطر الجلطة، أما التدخين فيزيد نسبة الإصابة 50 في المائة. وتشكل السمنة مشكلة رئيسية في زيادة احتمالات ذوي الوزن الزائد للإصابة بالجلطات أكثر من ذوي الوزن المعتدل، وكذلك أهمية ممارسة الرياضة فهي تقلل من التعرض للإصابة بالجلطات، وعليه توصي جمعية القلب الأميركية بممارسة نشاط بدني متوسط الشدة لمدة 30 دقيقة يوميا.

أعراض المرض

* تؤكد مرة ثانية د. نسرين عاشور على أن الأعراض تختلف باختلاف مكان الجلطة، وأن هناك أعراضا مؤقتة وأخرى دائمة حسب مكان وشدة الجلطة.

ومن الأعراض الشائعة: الفقد المفاجئ للقوة في الجزء الأيمن أو الأيسر من الجسم إضافة إلى حصول ضعف في حركة عضلات الوجه في أحد الجزأين، صعوبة الكلام مثل ثقل اللسان وعدم وضوح مخارج الحروف وعدم فهم الكلام الموجه للمريض وعدم استطاعة المريض التعبير عن مشاعره مع صعوبة القراءة والكتابة. وقد يشكو المريض من فقد الرؤية في إحدى العينين مؤقتا أو ضعف النطاق البصري في الجزء الأيمن أو الأيسر من مجال الرؤية.

وعندما تكون الجلطة في جذع الدماغ فقد يصاحبها شعور المريض بغثيان مفاجئ وصداع ونقص في الوعي بالإضافة إلى الإحساس بالدوران وإحولال النظر المفاجئ.

وهناك عدد من عوامل الخطر التي تهيئ للإصابة بالجلطة الدماغية ويمكن التحكم فيها وتخفيض نسبة خطورتها مثل ارتفاع ضغط الدم، داء السكري، البدانة، التدخين، أمراض القلب، حبوب منع الحمل، ارتفاع كوليسترول الدم، وقلة الحركة. وهناك عوامل أخرى لا تقل أهمية ولكن يصعب التحكم فيها مثل تقدم العمر والأمراض الوراثية.

التشخيص

* نؤكد أولا على أهمية حضور المريض فورا إلى المستشفى وفي خلال 10- 15 دقيقة، ويتم التشخيص بالفحص السريري الإكلينيكي، مع أخذ التاريخ المرضي، ثم تأكيد التشخيص بالتصوير الطبقي للمخ. وعلى ضوء ذلك يتم تحديد العلاج المناسب وإعطائه خلال الساعات الأولى من ظهور الأعراض. ويتشافى 95 في المائة من مصابي الجلطات الدماغية بدرجات متفاوتة، ولكن نسبة 15 في المائة من المصابين يتوفون خلال الشهر الأول من الإصابة.

طرق العلاج

* طرق وقائية، وتشمل:

- تناول الأدوية التي تمنع التجلط بمنع الصفائح الدموية من الالتصاق بجدران الشرايين مثل الأسبرين والذي يعد أقدم دواء استخدم كواق من الجلطة بجرعة تتراوح بين 100 إلى 325 ملغم يوميا.

- استخدام دواء بلافيكس Plavix الذي يعتبر من الأدوية الحديثة وقد أثبت أنه يقلل من التعرض لجلطات القلب والجلطات الدماغية.

- دواء بيرزانتين Persantine وهو دواء يؤخذ مع الأسبرين للتقليل من أخطار التعرض للجلطة الدماغية.

* طرق علاجية: وتتمثل في الأدوية التي تعمل على إذابة الجلطة وتؤخذ عن طريق الوريد في غضون الساعات الثلاث الأولى من حدوث الجلطة.

* طرق جراحية: وتستخدم عادة في حالات وجود نزيف حاد بالمخ أو لوجود عيوب وعائية في الأوعية الدموية.

* طرق تأهيلية: بهدف تأهيل المريض وإعادته قدر الإمكان إلى حياته الطبيعية ليتمكن من الاعتماد على نفسه في متطلبات الحياة اليومية البسيطة.

نصائح وقائية

* على كل إنسان سليم أن يعرض نفسه على الطبيب مرة في العام لقياس ضغط الدم ونسبة السكر والكولسترول في الدم وخصوصا بعد سن 50 عاما.

* الالتزام بالأدوية الواقية، إذ إن مخاطر إعادة الإصابة بجلطة ثانية تتراوح ما بين 10 – 14 في المائة خلال السنة الأولى وهي تزيد خلال السنوات الخمس التالية لتصل إلى 25 - 40 في المائة. والمشكلة الرئيسية التي يواجهها العديد من الناس عند استخدام هذه الأدوية لمدة طويلة هي الآثار الجانبية وهنا يتوفر العديد من البدائل الدوائية.

* مرض انقطاع النفس أثناء النوم Sleep Apnea Syndrome، وجد أنه يزيد من نسبة التعرض للجلطة.

* الغذاء الغني بالماغنسيوم، مثل الموز والسبانخ، يقلل نسبة الإصابة بالجلطات.