استشارات

د. حسن صندقجي

TT

قصر القامة

* لدي طفلان ذكور، يبلغ عمر الأول 6 سنوات. وألاحظ أن طفلي الثاني الذي بعمر ثلاث سنوات أقصر مما كان عليه أخوه، وتأكدت من ذلك من الملابس التي كان يلبسها أخوه. ما تنصح.

أم عمار - الإمارات.

- هذا ملخص رسالتك. وبداية، لاحظي معي أنه لا يُوجد مقدار محدد لطول الطفل في أي عمر كان، بل هناك مدى يتراوح فيه طول قامة الطفل الطبيعي. وعلى سبيل المثال، وفي عمر سنوات بالتحديد للطفل الذكر، يُقال طبيا أن طول القامة الطبيعية تتراوح ما بين 89 و102 سم. أي إن أي طفل طبيعي في عمر 3 سنوات قد يكون طوله 89 سم أو 102 سم. مما يعني أن من الطبيعي والمقبول أن يكون هناك حتى بمقدار فرق 10 سم بين ملابس طفلك الأول عندما كان عمره 3 سنوات وبين ملابس طفلك الثاني الذي هو حاليا في عمر 3 سنوات.

وعادة حينما تحرص الأم على متابعة نمو طفلها لدى عيادة طبيب الأطفال، يتم تقييم طول قامة الطفل ووزنه والجوانب الأخرى في حالته الصحية كالتغذية وتلقي اللقاحات وغيرهم. ومن خلال هذه المراجعة للطبيب تُتابع الأم سلامة نمو أطفالها وتستفسر من الطبيب مباشرة عن أي شيء تهتم بمعرفة الإجابة الطبية عنه.

وإذا ما لاحظ الطبيب أن طول الطفل أقل من المعدل الطبيعي، فإنه يبدأ في البحث عن أسباب ذلك، كوجود عوامل وراثية من قصر القامة في الأجيال السابقة للأسرة تؤثر على معدل الطول في الأسرة، أو وجود تأخر نسبي في معدل النمو، وهذا يعود إلى ظروف خاصة بتكوين الطفل. أو وجود بعض الأحوال المرضية كسوء التغذية أو بعض الأمراض الخاصة بتكوين العظام والغضاريف، أو أمراض مزمنة كالفشل الكلوي أو أمراض القلب أو الجهاز التنفسي، وقد يكون السبب قصورا في بعض الغدد الصماء المسؤولة عن النمو. وينبغي هنا استشارة طبيب الأطفال لمعرفة إذا كان طول الطفل فعلا أقل من المعدل الطبيعي ولتحديد السبب وعلاجه.

ولاحظي معي أن العامل الوراثي مهم، وخاصة طول الأب والأم، ولاحظي أيضا أن تأثير العامل الوراثي ليس بالضرورة يشمل كل أطفال الزوجين، ولذا قد يكون أحد الأطفال أقصر أو أطول من أخوته أو أخواته.

سفر الحامل

* أنا حامل في بدايات الشهر الثالث، وأنوي السفر بعد نحو ثلاثة أشهر، وتدون الرحلة نحو سبع ساعات في الطائرة. هل السفر ضار بي في ذلك الوقت من الحمل؟

أم فراس - الظهران.

- هذا ملخص ما ورد رسالتك التي يتكرر طرحها نظرا لأهميتها. بالعموم الطبي، فإن السفر بالطائرات وفي ظروف انسيابية المدة الزمنية ومقدار الجهد البدني المبذول خلال الإجراءات المرافقة للسفر، لا يحمل خطورة طبية لا على الحامل ولا على جنينها، ولكن حينما تكون ثمة اضطرابات صحية في الحمل فإن السفر بالطائرة قد يحمل نوعا من الخطورة التي تتطلب استشارة الطبيب.

والاضطرابات الصحية المقصودة هي تلك المرتبطة بقدرة جسم الأم على تزويد الأم نفسها والجنين بالأكسجين كوجود فقر شديد في الدم أو أمراض في الرئة أو وجود الأنيميا المنجلية أو مشكلات في المشيمة، كما أنها مرتبطة باحتمالات حصول تجلط أو تخثّر الدم في الأوردة لدى الحامل، أو مرتبطة بوجود اضطرابات صحية أخرى مع مضاعفاتها على الكلى أو ضغط الدم، أو سابق إصابة بجلطة في أوردة الساق.

وهناك الكثير من أطباء النساء والتوليد الذين ينصحون بتجنب الحامل السفر بالطائرة عموما في الفترة ما بعد الأسبوع 36 من الحمل، وعلى وجه الخصوص منْ يخبرها طبيبها أن هناك احتمالا للولادة المبكرة لديها. ووفق ما تؤكده إرشادات الكلية الأميركية لأمراض النساء والولادة فإن السفر بالطائرة هو أكثر أمانا وأقل احتمالا لإسقاط الجنين أو الولادة المبكرة، أثناء الثلث الثاني من مرحلة الحمل، أي فيما بين الأسبوع 18 إلى الأسبوع 24.

ولاحظي معي أن مقدار الضغط الجوي داخل المقصورة، ومهما حاول صانعو الطائرات تقريبه نحو المعدل الطبيعي، فإنه سيقارب ما هو في منطقة مرتفعة عن سطح البحر بمقدار ما بين 5 إلى 8 آلاف قدم، أي إن الظروف المحيطة ستجعل تزويد رئة الأم لدمها بالأكسجين أقل. ولكن حتى هذا الأمر قد لا يؤثر لا على الأم ولا على الجنين طالما كان جسمها طبيعيا ولا تشكو من الاضطرابات المتقدمة الذكر في أي فترات الحمل أو خصوصا في مراحل متأخرة منه.

وتذكر المراجع الطبية عدة نصائح تجدر مراجعتها من قبل الحوامل اللائي يُردن السفر بالطائرة، وهي ما تشمل:

- زيارة الطبيب المتابع للحمل وأخذ مشورته حول الأمر، وكذلك مراجعة الأمر مع شركة الطيران الناقلة لمعرفة قوانينها حوله.

- الحرص على حجز مقعد مريح، ذي فسحة أمامية، قريب من الممر، في منطقة الجناح.

- ربط طرفي حزام الأمان تحت البطن وعدم شده.

- الحرص كل نصف ساعة على المشي قليلا في الممر. وتحريك عضلات الساق والقدم أثناء الجلوس لتفويت الفرصة لتجنب حدوث تجلط الدم في أوردة الساقين أو الفخذين.

- الحرص على تناول السوائل لتخفيف حدة الجفاف الناجم بشكل طبيعي في مقصورة الطائرة بفعل قلة الرطوبة في الهواء داخلها.

تناول الكحول

* أتناول الكحول باعتدال، هل من خطورة على الكبد من ذلك؟

سالم - اليونان.

- هذا ملخص سؤالك. علاقة الكحول بصحة أعضاء الجسم مجتمعة، وليس الكبد وحده أو شرايين القلب، هي علاقة متشعبة، والعنوان الوحيد لها في الإرشادات المعتمدة للأوساط الطبية العالمية هو أن تناول الكحول شيء ضار بصحة الجسم على الإطلاق.

ولا يُوجد مصدر طبي عالمي يعتمد ذكر النصيحة بتناول الكحول، حتى ولو كان بكميات قليلة. ودائما تنصح إرشادات المصادر الطبية العالمية بعدم تناول الكحول. وهناك فرق بين الإرشادات الطبية المعتمدة والمبنية على البراهين العلمية وبين كلام بعض الأطباء غير المبني على أي براهين علمية. والكحول مادة لا تذهب إلى عضو واحد في الجسم، بل تتغلغل في جميع أرجاء الجسم، وتأثيرات تناوله والمداومة على تكرار ذلك ضارة.

وفيما يخص عضو الكبد، وهو ما سألت عنه تحديدا، فإن التهاب الكبد الذي يُصاحب تناول الكحول يظهر عادة لدى الكحوليين أي الذين يتناولونه بإفراط لمدة طويلة، ما يُؤدي إلى دمار وتلف واسع ومتدرج لا يتوقف، في خلايا الكبد. ولكن ليس معنى هذا أن التلف لا يُصيب سوى أولئك المدمنين على شربها وبكميات عالية، بل ربما يحصل تلف واسع وسريع في الكبد لدى من يتناولونه باعتدال أو بعد مرة واحدة من تناوله. وهذا أمر مهم وتُؤكده مصادر طب الكبد. وهذا النوع الحاد من الالتهاب الكبدي قد يكون عالي الخطورة على حياة الإنسان. ومع استمرار هذا الالتهاب تتجمع الدهون في الكبد، وتظهر فيه في نهاية المطاف حالة تشمع الكبد، التي تعقبها لا محالة حالة الفشل الكبدي.

علامات التهاب الكبد الكحولي أثناء فترات التناول أو بعده تشمل بعضا من الأمور الآتية: فقدان الشهية، والغثيان، والقيء، وألم في البطن، وارتفاع درجة حرارة الجسم، واليرقان وهو اصفرار الجلد مع اصفرار بياض العين، والتشويش الذهني، وانتفاخ البطن بالسوائل. والتشخيص يتم بتحليل الدم لأنزيمات الكبد وبروتين الألبيومن وتخثر الدم، إضافة إلى الأشعة الصوتية للكبد والطحال والبنكرياس والأوردة الكبيرة في البطن، لكن الأساس في تشخيص تشمع الكبد هو الفحص بالمجهر لعينة منه.

لو ظهرت حالة الالتهاب الكحولي في الكبد فإن التوقف عن تناول الكحول يؤدي إلى توقف النشاط الالتهابي، وربما زوال الضرر عن الكبد تماما، أما لو ظهر تشمع الكبد فإن التوقف يفيد في وقف التدهور ويجعل المريض في وضع أفضل بكثير جدا مما لو استمر في تناوله، لأن الاستمرار سيؤدي إلى فشل الكبد في وقت قصير نسبيا.

الجانب الذي ربما يذكره البعض عن فوائد الكحول هو ما تذكره بعض الدراسات الطبية عن جدواه في حماية شرايين القلب ليس صحيحا، وهذا الأمر يحتاج إلى دقة في الحديث من جانب وإلى أخذ إرشادات الهيئات الطبية العالمية حوله من جانب آخر، التي لا تنصح مطلقا من لا يتناولونه بتناوله، وسيكون لي عودة إلى هذه النقطة لاحقا.