توصيات جديدة للكشف عن نقص فيتامين «دي»

التأكيد على حصول الأطفال على جرعات يومية منه

TT

يعتبر فيتامين «دي» من أهم الفيتامينات التي تلعب دورا أساسيا وبالغ التأثير في صحة الإنسان، ولا تتوقف الدراسات للكشف عن فوائده المتعددة في الحفاظ على سلامة الجسم، وليس فقط دوره المعروف للنمو السليم للعظام، وهو الأمر الذي جعل العلماء يطلقون عليه «الفيتامين المدهش (wonder vitamin)»، وذلك لأهميته الشديدة، وخصوصا في سنوات الطفولة.

والحقيقة أن العادات الغذائية والأساليب الصحية في العقد الأول من العمر تتدخل في حياتنا الصحية لاحقا كبالغين. ويعتبر العلماء فيتامين «دي» كنموذج كلاسيكي لهذه الحقيقة.

توصيات طبية

* وفي أحدث التوصيات إلى أطباء الأطفال، التي صدرت من الطاقم الطبي لمستشفى جون هوبكنز (Johns Hopkins Children›s Center) بالولايات المتحدة الأميركية (واحد من أكبر مستشفيات الأطفال في العالم)، بضرورة إجراء دراسة مسحية للأطفال، للكشف عن نقص فيتامين «دي»، خصوصا الأطفال الأكثر عرضة لذلك. وعلى الرغم من أن نقص فيتامين «دي» يمثل مشكلة طوال العام، فإن هذه المشكلة تزداد سوءا في فصل الشتاء، حيث إن التعرض للشمس من الأمور الضرورية لتصنيع فيتامين «دي»، ولذلك أيضا يسمى «فيتامين الشمس المشرقة» (the sunshine vitamin).

وحددت معدلات لاعتبار فيتامين «دي» أقل من المطلوب وقدرتها بـ20 نانوغراما/مليلتر، وحددت النقص بمعدلات أقل من 15 نانوغراما/ملييتر، وتبعا لهذا التصنيف يعتبر 60% من الأطفال في الولايات المتحدة أن لديهم معدلات أقل من المناسبة، ويعاني طفل من كل 10 أطفال من نقص فيتامين «دي».

والأطفال الأكثر عرضة لنقص فيتامين «دي» هم:

> الأطفال الذين لا يتناولون غذاء غنيا بفيتامين «دي» أو كالسيوم بشكل كافٍ.

- الأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية فقط بعد 6 شهور، حيث إن لبن الأم لا يمثل مصدرا كافيا لفيتامين «دي».

- الأطفال من ذوي البشرة الداكنة، حيث إن البشرة الداكنة تمنع الأشعة فوق البنفسجية الموجودة في الشمس من اختراق الجلد، وبالتالي تكون كميات أقل من فيتامين «دي» من البشرة الفاتحة.

- الأطفال الذين يعانون من البدانة.

- الأطفال الذين يعانون من أمراض معينة مثل: مرض السكري من النوع الأول والثاني، وكذلك بعض أمراض الجهاز الهضمي مثل مرض التهاب الأمعاء (inflammatory bowel disease)، التي تتعارض مع امتصاص الغذاء.

- الأطفال الذين يعيشون في المدن الكبيرة، لندرة التعرض لأشعة الشمس.

- الأطفال من عمر 6 شهور وحتى عامين، حيث النمو السريع للعظام.

- الأطفال الذين ولدوا قبل ميعاد الولادة الطبيعي (الخدّج أو المبتسرون)، وكذلك التوائم.

مصادر الفيتامين

* من المعروف أن فيتامين «دي» من الفيتامينات التي تذوب في الدهون، وهناك مصادر طبيعية غنية بفيتامين «دي» مثل زيت كبد الحوت أو صفار البيض، أو الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين والتونة، أو عن طريق الأشعة فوق البنفسجية الموجودة في الشمس التي تخترق الجلد. ويكون فيتامين «دي» عبر تفاعلات معينة، وفي الجسم يتم نقل فيتامين «دي» سواء المكون في الجلد أو الذي تم امتصاصه عبر الأمعاء إلى الكبد ومنها إلى الكلى، حيث يقوم الجسم بتكوين النسخة النشطة من فيتامين «دي»، التي تعمل كـ«هرمون» على كل من الأمعاء، حيث تساعد على امتصاص الكالسيوم والفوسفات والكلى والعظام.

احتياجات يومية

* ويبلغ الاحتياج اليومي من الفيتامين 400 وحدة دولية - يوميا (400 IU - L) للأطفال تحت عمر عام، و600 وحدة دولية - يوميا للأطفال فوق عمر عام، وحسب توصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (American Academy of Pediatrics)، تحتوي كل ألبان الأطفال ذات المكملات الغذائية في الولايات المتحدة على هذه النسبة. وبالنسبة للأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية يتم إعطاؤهم مكملات غذائية خارجية بالقدر نفسه حتى وقت الفطام، ويزيد الاحتياج في أوقات النمو السريع، والأطفال المبتسرون وكذلك السيدات الحوامل يحتاجون من 800 إلى 1200 وحدة دولية - يوميا.

مرض الكساح

* يؤثر استمرار نقص فيتامين «دي» على نمو العظام وكثافتها، كما يؤدي إلى إصابة الطفل في مرحلة الطفولة بما يطلق عليه «الكساح» (Rickets)، وهو مرض مألوف يعاني منه معظم الأطفال ويتم علاجه بسهولة. وتتمثل أعراضه في تأخر المشي وتقوس الساقين والكسور المتعددة وتأخر ظهور الأسنان. وإذا لم يتم العلاج يمكن حدوث مضعفات تؤدي إلى تشوهات في الجهاز الحركي وقصر القامة وحدوث هشاشة عظام مبكرة، وأيضا يمكن حدوث مشكلات في الجهاز التنفسي وصعوبة في التنفس، نظرا لتشوه عظام القفص الصدري.

وبالنسبة للإناث يمكن أن تحدث مستقبلا صعوبة في الولادة، وذلك لتشوه عظام الحوض. وتشخيص المرض يعتمد على التاريخ المرضي للطفل من خلال الأم من تأخر في الوظائف الحركية المختلفة، وكذلك بالكشف الإكلينيكي، ويتم عمل أشعة إكس لتأكيد التشخيص، التي تظهر علامات مميزة للعظام توضح المرض وتوضح الاستجابة للعلاج من التماثل للشفاء وصولا إلى العلاج الكامل.

ويتم علاج المرض بإعطاء جرعات مكثفة من فيتامين «دي» سواء عن طريق الفم من 1500 إلى 6000 وحدة دولية - يوميا لمدة شهر أو شهرين، أو عن طريق الحقن بجرعات 6000 وحدة دولية - يوميا للجرعة وعلى مدار 3 جرعات، يفصل بين كل جرعة أسبوعان. ويجب أثناء العلاج إعطاء الكالسيوم للطفل عن طريق الفم، وبعد الشفاء يتم تناول الجرعة المعتادة من فيتامين «دي»، وهي من 400 إلى 800 وحدة دولية - يوميا، وأيضا يتم علاج المضاعفات الناتجة عن المرض.

دور فيتامين D

* ويؤدي نقص فيتامين «دي» أيضا إلى نقص الكالسيوم في الجسم، والمعروف أن الجسم يستفيد من 15% فقط من الكالسيوم الممتص من الجسم. ويمكن أن يسبب نقص الكالسيوم تقلصات العضلات وعدم نمو الأسنان بالشكل الكافي، وفي أحيان نادرة بعض التشنجات وبعض المشكلات في ضربات القلب.

وفضلا عن الدور الكبير في تنمية العظام والحفاظ عليها يمتد تأثير فيتامين «دي» ليشمل تقوية المناعة في الجسم بشكل عام والوقاية من الأمراض المتعددة، وأيضا له دور مؤثر على التمثيل الغذائي للجسم، وكذلك الحماية من أمراض القلب، وهو الأمر الذي أشارت إليه دراسات سابقة لارتفاع نسبة مرضى القلب في البلاد التي لا تشرق فيها الشمس فترات طويلة، وأمراض الجهاز التنفسي. وتزداد حالات الوفاة من الالتهاب الرئوي في المرضى الذين يعانون من نقص فيتامين «دي»، وكذلك هناك دراسات ربطت بينه وبين الإصابة بالسرطانات (ولكن نقص الفيتامين لا يؤدي بالطبع إلى الإصابة بالسرطان)، وكذلك الوقاية من بعض الأمراض العصبية مثل مرض التصلب المتعدد (multiple sclerosis). ولذلك يجب الحرص على تناول الكمية الكافية من الفيتامين بشكل يومي للوقاية من الكثير من الأمراض والحفاظ على صحة جيدة.