الأطفال.. ومريض ألزهايمر في المنزل

ضرورة الإجابة عن أسئلتهم المحيرة ومشاركتهم في الرعاية

TT

إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض ألزهايمر تؤثر على كل فرد من أفراد الأسرة، بما في ذلك الأطفال على وجه الخصوص. ومساعدة الطفل على فهم هذا المرض الذي قد تصاب به الجدة أو يصاب به الجد أمر ضروري. والمطلوب من الأم طمأنة طفلها مع تفسيرات بسيطة وصادقة عن هذا المرض، ذلك أن مشاهدة إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض ألزهايمر وملاحظة تقدم المرض لديه هو بالفعل أمر مثير للحزن وللخوف على أحد أفراد الأسرة البالغين، فما بالك بالطفل! وعلى أحدنا أن يتخيل الطفل الذي يحاول جاهدا فهم لماذا يتصرف جده أو تتصرف جدته بغرابة، أو أنها لا تعرف أن هذا الطفل حفيدها أو تسأله أسئلة يتوقع أنها تعلم الإجابات عنها. هذا كله بالنسبة للطفل أمر يصعب فهمه ناهيك بتفسيره أو تعليله، ناهيك أيضا بتقبله، وناهيك أيضا وأيضا بمعرفة الطفل كيفية التعامل مع هذه الجدة العزيزة أو الجد الحبيب ومع تصرفاتهم غير المفهومة للطفل أو تصرفاته الغريبة أو تصرفاته التي لا يتوقع صدورها من شخص كبير مثل عدم القدرة على تناول الطعام بطريقة صحيحة أو عدم الانتظام في النمط اليومي للحياة في النوم والاستيقاظ أو الكلام أو التفاعل الطبيعي مع الآخرين وغيرها من التصرفات التي تصدر عن مرضى ألزهايمر. والطفل لا يتوقع ولا يتقبل أن يتصرف بهذا كله شخص بالغ وكبير، خاصة الجد أو الجدة العزيزين على نفس الطفل.

أسئلة الأطفال المحيرة

* تتطور مدارك الطفل ومعرفته في الأساس، بالمقارنة مع معرفة ومدارك البالغين الأصحاء عقليا. ولذا يحاول الطفل أن يتعلم من خلال طرح الأسئلة والحصول على إجابات مفهومة وواضحة له ولقدراته العقلية. وفي هذا مثله الأعلى الذي يطمح إلى الوصول إليه هو فهم ومعارف البالغين. ولكن ماذا لو أن هذا البالغ هو الجد أو الجدة اللذان من المفترض أن يكونا أفضل من الأم والأب في المعرفة والإدراك لأنهما، أي الجد أو الجدة، أكبر سنا من الأم أو الأب؟ ولذا، فإن وجود مريض ألزهايمر في المنزل أمر محير بالنسبة للطفل ومثير للتساؤلات في كيفية التعايش معه.

وعلى الأم، أو الأب، توقع طرح الطفل مجموعة من الأسئلة مثل:

- ما الخطأ في الجد أو الجدة؟ لماذا يتصرف هكذا؟ والمطلوب هنا من الأم أن تشرح ببساطة ووضوح للطفل أن ألزهايمر مرض مثل أي مرض آخر، كنزلة البرد أو التهاب الأذن أو التهاب الحلق أو الإسهال أو ألم البطن أو غيره، وأن كبار السن معرضون للإصابة بمرض يؤثر على قدراتهم الذهنية ويتسبب بتغيرات داخلية في طريقة ونظام عمل عقولهم، مما يجعلهم يتصرفون بطريقة لا تتماشى مع ما هو متوقع منهم بصفتهم أشخاصا بالغين، وما يجعلهم ينسون أشياء كثيرة أو أشخاصا يعرفونهم بالأصل، وما يجعلهم يعيشون بنظام يومي لا يخضع لما هو متعارف عليه في النوم والأكل والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.

- هل جدي أو جدتي أصبحت لا تحبني بعد اليوم؟ خاصة حينما يلحظ الطفل أن الجد أو الجدة لم تعد تعرفه أو تسأله عن اسمه ومن هي أمه أو من هو أبوه. هذه التصرفات من الجد أو الجدة قد يفسرها الطفل بأنه غير مرغوب فيه، مما يثير لديه شعورا برفض الجد أو الجدة له. وما هو مطلوب من الأم، أن تقول للطفل إن الجد أو الجدة يحبانه وإنه جزء مهم من حياتهما ولكن مرض ألزهايمر يجعلهما يواجهان صعوبة في تذكر الأشخاص الأعزاء والأحفاد، وصعوبات في تذكر أسمائهم وما صلة القرابة، وهذا يجعلهما أيضا ينسيان أين وضعا المفاتيح أو هل تناولا وجبة العشاء أم لا أو أين غرفة نومهما.

- ومن الأسئلة المهمة التي قد يطرحها الطفل على الأم: هل سيصيبني هذا المرض، وهل أنت يا أمي سيصيبك هذا المرض ولن تتعرفي علي؟ ومن المهم طمأنة الطفل بغض النظر عما قد يحمله لنا المستقبل، وأن المرض لا يصيب كل الناس، وأن الأطباء مهتمون بالبحث عن علاج للمرض، وأن الإصابة بالمرض لا ذنب لأي إنسان فيها ولم تحدث بسبب شيء فعله الطفل أو أمه أو أبوه.

مرض خلايا الدماغ

* ألزهايمر مرض تتلف فيه خلايا الدماغ، ويتسبب، بالتالي، في تدهور متدرج، لا عودة منه، في قدرات المرء الذهنية والعقلية؛ إذ تتأثر قدرات التفكير والذاكرة والسلوك والتصرفات ولغة الكلام. وهو يصيب نحو 10% ممن هم فوق الخامسة والستين، وترتفع النسبة مع مزيد من التقدم في العمر. وألزهايمر السبب الأهم من أسباب عته الخرف. والوراثة لها دور قليل في التسبب فيه، ذلك أن فقط 5% من مرضى ألزهايمر لديهم أقرباء أصيبوا به.

وللمساعدة على بقاء اتصال بين طفلك والشخص العزيز الذي لديه مرض الزهايمر، يجب أن تهتم الأم أو الأب بأن تشمل مشاركته ممارسة الأنشطة المألوفة بطريقة مشتركة؛ مثل وضع برنامج لما سيفعلونه في النزهة معا، أو تقاسم وقت الفراغ خلال عطلة نهاية الأسبوع. ويمكن إبقاء الأطفال الصغار على اتصال مع أحد أفراد أسرتهم الذي لديه مرض الزهايمر عن طريق مراجعة ألبومات الصور معا بحضور وشرح الأم للصور ومن يظهرون فيها، أو القيام بنشاطات بسيطة أخرى معا. وإذا أصبح طفلك يضجر أو ينفد صبره من تصرفات الجد أو الجدة القاسية، فعلى الأم تذكير الطفل بأن هذا السلوك غير مقصود من الجد أو الجدة وأنه نتيجة لهذا المرض وليس بسبب شيء خطأ فعله الطفل، وأن نسيان الجد أو الجدة اسم الطفل ليس بسبب أنهم لا يحبونه أو لا يشعرون نحوه بأي عاطفة، بل هي تأثيرات المرض على عمل عقولهم.