فحص القولون بالمنظار.. هل ينقذ الأرواح؟

الباحثون يفترضون أهميته من دون التوصل إلى حسم نهائي بشأنه

TT

ويؤيد هذا الافتراض تقرير صدر عن «الدراسة الوطنية للسليلات المخاطية» نشرته «مجلة نيو إنغلاند الطبية» في عددها الصادر يوم 23 فبراير (شباط) 2012، وهي دراسة شملت 2602 شخص تمت إزالة السليلات المخاطية الشبيهة بأورام الغدد (وهو النوع الأكثر احتمالا في أن يتطور إلى سرطان) لديهم، أثناء فحص القولون بالمنظار بناء على أوامر الطبيب، بعد ظهور نتائج معينة في اختبارات أولية أخرى، أو ظهور أعراض معينة، أو وجود تاريخ سابق للإصابة بهذا المرض في العائلة.

وخلال فترة متابعة بلغت نحو 16 عاما في المتوسط، توفي 12 شخصا من عينة الدراسة بسبب سرطان القولون والمستقيم، وهو عدد أقل من نصف عدد حالات الوفاة البالغ 25.4 في المتوسط، بسبب سرطان القولون، حيث يتوقع أن تحدث في المعتاد في مجموعة بهذا الحجم مأخوذة من المجتمع الأصلي للسكان.

جواب غير نهائي

* إلا أن الدراسة شابتها جوانب قصور كبيرة، فمن الممكن أن تكون عوامل الخطورة في الإصابة بسرطان القولون لدى من أزيلت منهم السليلات المخاطية، أقل من أفراد المجتمع الأصلي. وربما كان لديهم بالفعل معدل وفيات أقل كثيرا في ما يتعلق بكافة مسببات الوفاة، مما يدل على أنهم ربما كانوا يتمتعون بصحة أفضل بشكل عام أو تلقوا رعاية صحية أفضل.

ومن الجدير بالذكر أن هذه لم تكن تجربة مراقبة عشوائية تهدف إلى مقارنة عينة تم فحصها في اختبارات دورية بأخرى لم يتم فحصها بتلك الاختبارات، بل كانت مجرد دراسة تستفيد من البيانات الموجودة في عقد المقارنات.

ونظرا لهذه العيوب، يقول الدكتور روبرت ماير، أحد كبار الأطباء في «معهد دانا فاربر للسرطان» التابع لجامعة هارفارد وعضو هيئة تحرير «رسالة هارفارد الصحية»، إن النتائج، رغم كونها مبشرة، لا يمكن أن تكون هي القول الفصل في ما يتعلق بفحص القولون بالمنظار، بل يمكن أن يأتي الحكم النهائي من إجراء تجارب مراقبة عشوائية مضبوطة مختبريا، مثل تجربة «مبادرة شمال أوروبا لسرطان القولون والمستقيم»، التي تجري حاليا في عدة بلدان أوروبية لا ينتشر فيها فحص القولون بالمنظار، لكن المشكلة هي أن نتائج هذه التجربة لن تكون متاحة قبل 10 سنوات.

فحص القولون الدوري

* وفي المقابل، فقد أصبح فحص القولون بالمنظار هو الصورة السائدة من فحوص السرطان الدورية في الولايات المتحدة. ويقول البعض إن نظام الرعاية الصحية الأميركي تعجل كثيرا في اعتماد اختبارات دورية تتضمن تدخلا جراحيا ومرتفع التكلفة، ولم يثبت بشكل مؤكد أنها تؤدي إلى إنقاذ الأرواح. غير أن فحص القولون بالمنظار له بعض المزايا الواضحة، حيث يتم تصوير القولون بأكمله مباشرة، كما أن هذا الاختبار يتكون من خطوة واحدة، بينما تتطلب فحوص السرطان الدورية الأخرى متابعة بالمنظار إذا وجد أي شيء مشتبه به.

وأخيرا، نظرا لأن فحص القولون بالمنظار يستتبع اكتشاف السليلات المخاطية التي قد تتحول إلى ورم سرطاني وإزالتها إن وجدت، فإنه يصلح كاختبار دوري وأيضا كتدخل وقائي. وقد أخذ انتشار سرطان القولون - أي عدد حالات الإصابة الجديدة - في التراجع داخل الولايات المتحدة، وأغلب الظن أن فحص القولون بالمنظار يستحق قدرا كبيرا من الإشادة في هذا.

فوائد ومخاطر

* حينما تفكر في إجراء فحص قولون بالمنظار، لا بد أن تضع ما يلي في اعتبارك:

* الفوائد: يعد سرطان القولون رابع أكثر أنواع السرطان شيوعا في الولايات المتحدة، وثاني أهم سبب للوفاة الناتجة عن السرطان. ويزداد خطر الإصابة بسرطان القولون بعد الخمسين، وهي السن التي توصي التوجيهات الطبية بأن يبدأ معظم الناس في إجراء الفحوص الدورية فيها.

* المخاطر: يتطلب فحص القولون بالمنظار تطهير الأمعاء تماما باستخدام ملين للأمعاء في اليوم السابق للاختبار. ولإجراء الاختبار، يتم إعطاء عقار مسكن للمريض، ثم نفخ القولون بالهواء أو ثاني أكسيد الكربون، ثم إدخال منظار القولون - وهو عبارة عن جهاز رفيع يشبه الأنبوب به ضوء وعدسة للرؤية وكذلك أداة لإزالة النسيج من أجل دراسته مجهريا - داخل المستقيم وتمريره عبر القولون بأكمله. ورغم أن المخاطر محدودة للغاية، فإنها قد تتضمن تضرر الكلى بسبب ملينات الأمعاء التي تحتوي على الصوديوم والفوسفات، وحدوث رد فعل للجسم تجاه العقار المسكن، والتسبب في ثقب أثناء إجراء الفحص، والتعرض لنزيف في حالة إزالة إحدى السليلات المخاطية.

* نسبة خطأ النتائج السلبية: تقدر نسبة إغفال سرطان القولون، الذي يكون أكثره في الجزء الأعلى في أبعد نقطة من ناحية فتحة الشرج، 5 في المائة.

* البدائل: تنصح الكتيبات الإرشادية الأشخاص المعرضين للإصابة بسرطان القولون بإجراء منظار القولون كل 10 سنوات، لكن هناك أيضا فحوص أخرى وعلى فترات مغايرة. ويمكن أن ينجح تحليل يبحث عن وجود دم في البراز في اكتشاف سرطان في القولون وهو في مراحله المبكرة. ومن المفترض أن يتم إجراء هذا التحليل سنويا.

منظار القولون والمستقيم

* ولا يختلف منظار القولون والمستقيم كثيرا عن منظار القولون، لكنه لا يتطلب الكثير من التنظيف للأمعاء. وينصح بإجراء هذا الفحص كل 5 سنوات مع تحاليل فحص براز سنويا. وقد أوضحت المحاولات العشوائية أن منظار القولون والمستقيم يحد من الإصابة بسرطان القولون وحالات الوفاة جراء الإصابة بهذا المرض، لكنه لا يظهر سوى الجزء الأسفل من القولون وإن كان هذا هو المكان الذي عادة ما يصيبه السرطان.

وتوضح حقنة الباريوم الشرجية القولون بالكامل، وتتطلب أدوات تنظيف ولا تحتاج إلى تخدير. وينبغي إجراء هذا الفحص كل 5 أعوام. قدرة هذا الفحص على اكتشاف أي نمو سرطاني أقل من قدرة منظار القولون، ويتضمن التعرض لإشعاع. ومن المفترض أن يجرى التصوير المقطعي بأشعة إكس، الذي يطلق عليه أحيانا منظار القولون الافتراضي، كل 5 سنوات. ويتطلب أدوات تنظيف ونفخ للقولون، لكن لا تحتاج إلى تخدير. ويفيد هذا الفحص في اكتشاف أي نمو سرطاني، لكنه يتضمن التعرض لإشعاع.

* الظروف الشخصية: إذا كنت من المعرضين لإصابة بسرطان القولون نظرا لإصابة أحد أقاربك من الدرجة الأولى به، أو لأن لديك نموا سرطانيا، ينبغي أن تخضع لمنظار القولون كل 3 إلى 5 سنوات لا كل 10 سنوات. وإن كنت متقدما في العمر، أو تعاني من مشكلات صحية خطيرة، فلا ينبغي أن تخضع لعلاج حتى في حال اكتشاف سرطان في القولون. قد يكون من الأفضل عدم الخضوع لفحص سرطان أيا كان نوعه. تحدث باستفاضة مع طبيبك عن هذا الأمر.

* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا»