الأطفال.. والنوم الهادئ

ينامون بمعدل ساعة أقل من متوسط نوم أقرانهم في القرن الماضي

TT

نعتقد جميعا أن النوم بالنسبة للأطفال شيء لا يستحق التوقف حياله أو ملاحظته وأنهم على اختلاف أعمارهم يتمتعون دائما بالنوم الهادئ غير المتقطع وينالون القدر الكافي من الراحة.. ولكن الحقيقة أن نسبة من الأطفال قد تصل إلى الثلث قد يعانون من مشكلات في النوم مثلهم مثل البالغين (بالطبع مع بعض الاختلافات).

وبداية، فإن العادات الصحية المتعلقة بالنوم تبدأ من الطفولة. وحديثا ازداد الوعي بأهمية متابعة المشكلات المتعلقة بالنوم وهناك الكثير من الأطباء المختصين في هذا المجال وأيضا الكثير من الدراسات والكتب والمراكز المختصة في هذا المجال.

والحقيقة أن الأطفال الذين لا يتمتعون بالقدر الكافي من النوم أو يعانون من عدم انتظامه أو من أي مشكلات أخرى متعلقة بالنوم يعانون من الإرهاق، وبنفس القدر تعاني الأمهات كذلك نتيجة لاضطراب نومها هي الأخرى حيث إنها تظل مصاحبة للطفل. وبالطبع يحتاج الأمر إلى عدة مقالات للإحاطة بهذا الموضوع، ولكن هناك بعض النصائح البسيطة التي يمكن اتباعها لتجنب بعض المشكلات المتعلقة بالنوم.

عادات صحية

* عدم دخول الطفل متأخرا إلى الفراش. بسبب التقدم التكنولوجي وإيقاع الحياة وانشغال الأبوين في الكثير من الأوقات فإن الأطفال يأوون إلى الفراش في وقت متأخر.. وفى المجمل ينام الأطفال في سن المدرسة في هذا القرن بمعدل نحو ساعة أقل من متوسط نوم الأطفال في القرن الماضي، وينام الأطفال بقدر أقل من النوم الذي كان يتمتع به والداهم في بداية السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وهو ما أشار إليه الدكتور مارك ويسبلوس (Marc Weissbluth) وهو طبيب أطفال ومؤلف كتاب «العادات الصحية للنوم» (Healthy Sleep Habits) الذي أوضح فيه أن الأطفال في وقتنا الحالي يواجهون صعوبة أكثر في النوم ويعانون من النوم المتقطع والاستيقاظ المبكر نتيجة لدخولهم إلى الفراش متأخرا.

وخلافا لما يظنه الآباء من أن الطفل الذي يصل إلى الإرهاق من كثرة اللعب لوقت متأخر يخلد إلى النوم بسهولة وينام بعمق، يوضح ويسبلوس أن الإجهاد الزائد وعدم دخول الطفل الفراش في وقت ملائم قد يصعب من خلوده إلى النوم الهادئ. وهو ما يجب على الجميع ملاحظته بداية من الآباء ومحاولة إدخال الطفل مبكرا إلى الفراش حتى لو تعارض هذا مع الرغبة في الاستمتاع بصحبة الطفل، وكذلك الأنشطة المختلفة للطفل، مثل المدرسة، ويفضل عدم تكليف الأطفال بواجبات منزلية مرهقة تستلزم تأخرهم في النوم، وأيضا الأندية الرياضية التي تعقد الدورات الرياضية التدريبية للأطفال، وبخاصة في الصيف، اعتمادا على أن الأطفال في إجازة ويمكنهم الاستيقاظ في أي وقت.

ويكون الحل في تثبيت ميعاد لنوم الطفل وعدم الانتظار حتى يبدأ الطفل في التثاؤب كعلامة لاحتياجه للنوم حيث إنه حتى إذا كانت هناك زيادة في معدل نوم الطفل بمقدار 15 دقيقة يكون لها تأثير إيجابي على الطفل.

احتياجات يومية

* وعلى الرغم من أن احتياجات الأطفال تختلف من طفل لآخر، فإن المؤسسة الوطنية للنوم في الولايات المتحدة (National Sleep Foundation) أوضحت أن الأطفال الصغار يحتاجون إلى نحو 12 ساعة من النوم في اليوم، وبالنسبة للأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة (preschoolers) فيحتاجون إلى نحو 13 ساعة من النوم يوميا سواء المتصل أو إذا تمتع الطفل بقيلولة، وبالنسبة للأطفال الأكبر سنا في المرحلة الدراسية فيحتاجون إلى النوم من 10 إلى 11 ساعة يوميا، ويمكن ترتيب ذلك الجدول تبعا لميعاد الاستيقاظ الذي يرغب فيه الآباء.

* عدم الاعتماد على الحركة. وأكد ويسبلوس أن الكثير من الأمهات يعتقدن أن الحركة ذات الوتيرة الواحدة قد تؤدي إلى دخول الطفل في نوم عميق. والأمر الذي ينمي هذا التفكير هو أن الأطفال يخلدون إلى النوم بالفعل في حالة ركوب السيارة، لذلك تلجأ الأم إلى حمل الطفل ومحاولة أرجحته ظنا منها أنها الطريقة الأكيدة لدخول الطفل في النوم.

والحقيقة أن الطفل بعد نومه متأثرا بالحركة فإنه في الأغلب لا يستطيع أن يصل إلى مرحلة النوم العميق (deep sleep) وهو ما يجعله يستيقظ وهو يشعر ببعض الإرهاق نتيجة لإثارته التي تحدث بسبب الحركة قبل الدخول إلى النوم.

وينصح ويسبلوس أن تلجأ الأم إلى حمل الطفل وأرجحته أو ما شابه لتهدئته، ولكن عليها أن تتوقف حينما تشعر أن الطفل قد بدأ في النوم بالفعل حتى لا يعتاد الطفل على مثل هذا الأمر ويجب أن لا تشعر بالذنب نتيجة لذلك.

غرفة الطفل

* ترتيبات خاصة بغرفة الطفل. يعتقد معظم الآباء أنه كلما كان فراش الطفل، وبخاصة الأسرة الخشبية الصغيرة، محاطا بالألعاب الجميلة والملونة والدمى فإن ذلك يمثل بيئة مثالية لكي يخلد الطفل إلى النوم، ولكن هذه الألعاب، وبخاصة ذات الألوان المتعددة أو التي تصدر الأضواء تثير انتباه الطفل وتجعله غير مهيأ للدخول في النوم (overstimulated at bedtime)، وحتى بالنسبة للأطفال الأكبر سنا فإن وجود الكثير من الألعاب في غرفهم الخاصة يكون له نفس التأثير عليهم.

ويستحسن أن تكون غرفة نوم الطفل هادئة وبعيدة عن ضوضاء الشارع، ويفضل أن يتم إظلام الغرفة تماما بالنسبة للأطفال الصغار الذين لم تتكون لديهم المخاوف المتعلقة بالظلام في وقت النوم (nighttime fears) ولكن بالنسبة للأطفال الأكبر تكون هناك إضاءة خافتة حتى يتمكن الطفل من النوم، ويفضل أن تكون غرفة الطفل خالية من التلفزيون أو الكومبيوتر حتى بالنسبة للأطفال الذين يخلدون إلى النوم بعد مشاهدة فيلم كرتون، حيث تقتطع نحو 15 دقيقة من الوقت المخصص للنوم، مما يؤثر سلبا عليهم في اليوم التالي، ويفضل أن ينتهي وقت مشاهدة هذه الأشياء أو الألعاب الإلكترونية قبل الدخول إلى الغرفة.

نظام للنوم

* يستحسن اتباع نظام معين قبل النوم. تنصح الدكتورة جوديث أوينز (Judith Owens)، مديرة عيادة اضطرابات النوم لدى الأطفال (pediatric sleep disorders)، بأنه يفضل أن يرتبط ميعاد النوم بطقوس معينة ثابتة لدى الطفل تختلف بالطبع من طفل لآخر ومن مجتمع لآخر ومن عمر لآخر مثل أخذ حمام دافئ أو قراءة كتاب محبب له أو مشاهدة فيلم مفضل. والشيء الذي يجب الحرص عليه أن تتم هذه الطقوس بشكل منتظم ويوميا في نفس الميعاد ونفس المكان.

وارتباط النوم بسلسلة من الأعمال المهدئة والمبهجة في نفس الوقت من شأنه أن يساعد الطفل على النوم، وحتى بالنسبة للأطفال الأكبر عمرا بل والبالغين أيضا، حيث إنه من غير المعقول أن يذهب الطفل مباشرة إلى الفراش بعد عودته مباشرة من النادي أو بعد يوم مجهد بالنسبة له، ويكون الأطفال في سن الدراسة هم الأكثر تضررا من عدم اتباع نظام معين قبل النوم، ويؤثر بالسلب على الوقت الكافي للنوم.

* التزام الطفل بالنوم في فراشه. يجب أن يلتزم الطفل بالنوم في فراشه بمعنى أن لا يتسلل إلى النوم في فراش الوالدين بعد فترة من النوم، ويجب على الأم إخبار طفلها بأن ينام في الموعد المحدد للنوم وفي فراشه، وبالطبع هناك استثناءات لذلك في حالات مرض الطفل أو أن يواجه مخاوف معينة، ولكن في هذه الحالة يستحسن أن تبقى الأم مع الطفل في فراشه هو، ويكون ذلك بشكل مؤقت حتى يعتاد الطفل على النوم وحده في فراشه.