استشارات

د. حسن صندقجي

TT

الأطفال ودوار السيارة

* اثنان من أبنائي الأربعة يصابون بغثيان وتعب خلال السفر بالسيارة، وأحيانا خلال المشاوير الطويلة بالمدينة، بماذا تنصح؟

أم فراس مدني - جدة - هذا ملخص رسالتك. إن مرض السيارة نوع من أنواع ما يعرف طبيا بـ«دوار الحركة». ويحدث دوار الحركة عندما يتلقى الدماغ معلومات متضاربة من أجزاء استشعار الحركة المنتشرة في الجسم، مثل الأذن الداخلية، والعينين، والأعصاب في الأطراف.

تخيلي معي طفلا صغيرا يجلس في وضع منخفض في المقعد الخلفي للسيارة، من دون أن يتمكن من رؤية ما هو حاصل حوله خارج النافذة، أو طفلا كبير السن يجلس وهو يقضي وقت المشوار في قراءة كتاب ما في السيارة. في هذا الوضع، تحس الأذن الداخلية للطفل بحركة جسمه وهو في السيارة، ولكن عينيه والمفاصل لا تفعل ذلك، أي لا تحس ولا تشعر بما تشعر وتحس به الأذن الداخلية، مما يعني أن الدماغ يتلقى من مصدر معلومات، ويتلقى من مصدر آخر معلومات أخرى مخالفة عن وضعية الجسم الواحد للطفل وعن تحركه. ولذا قد تكون النتيجة اضطراب في المعدة، وعرق بارد، والتعب، والدوار، وفقدان الشهية والتقيؤ.

والواقع أنه ليس من الواضح طبيا لماذا يصيب دوار السيارة بعض الأطفال أكثر من غيرهم. وفي حين أن المشكلة لا تبدو أنها تؤثر على معظم الأطفال الرضع والأطفال الصغار، فإن ثمة منْ يعتقد أن الأمر له علاقة بتطور نمو الدماغ أو بشخصية الطفل أو عوامل أخرى لا نعلم على وجه الدقة ما هو الصحيح منها.

وتنبهي معي أنه لمنع إصابة الطفل بمرض دوار السيارة، يمكن العمل على تقليل ما يعرف طبيا باختلاط المداخلات الحسية. أي العمل على تشجع طفلك على النظر إلى الأشياء خارج السيارة بدلا من التركيز على الألعاب، والكتب، أو الأفلام داخل السيارة. وذلك لكي يتلقى الدماغ معلومات صحيحة ومتوافقة من أجزاء الجسم كافة عن الجسم نفسه وموقعه في العالم حوله. كما يمكن عند السفر بالسيارة لمسافات طويلة، جعل بقاء الطفل في السيارة ضمن حالة القيلولة، أي النوم لفترة وجيزة. كما أن من الضروري العمل من قبل الأب والأم على وضع خطة بعناية قبل الرحلة والاهتمام بوجبات الطعام التي يتناولها الطفل قبل السفر وأثناء السفر نفسه، أي أن لا تعطي طفلك أطعمة حارة أو أطعمة مشبعة بالدهون أو وجبة كبيرة قبل أو أثناء السفر بالسيارة.

وإذا كانت فترة السفر قصيرة، مثل ساعتين أو ثلاثة، فلا داعي للإكثار من تناول الطعام قبل أو أثناء السفر، بل يكون بعد السفر. وإذا كانت الرحلة طويلة أو يحتاج طفلك إلى تناول الطعام، فقدمي له وجبة خفيفة مثل البسكويت الجاف وكمية قليلة من العصير. وخلال الرحلة، عليك توفير التهوية المناسبة ذات البرودة النسبية، والحرص على إبقاء الرائحة خفيفة باستخدام كولونيا الليمون. وحاولي تشتيت ذهنه أثناء رحلة السيارة من خلال التحدث معه في أمور مفيدة أو قصص مشوقة.

واستخدام الدواء المفيد في مثل هذه الحالات يكون تحت توجيه الطبيب. وهناك عدة أدوية مفيدة للأطفال دون سن سنتين ومنْ هم فوق ذلك. وهذا يسأل الطبيب عنه، ولا مجال لذكره هنا.

التوتر النفسي

* أعاني من التوتر، مما يؤثر على شعري وعلى شهيتي للطعام، هل هذا صحيح، وبماذا تنصح؟

وسام سعد الدين - الرياض.

- هذا ملخص رسالتك. بداية: نعم ثمة علاقة بين التوتر والإجهاد النفسي وفقدان الشعر. وطبيا يقال إن هناك ثلاثة أنواع من فقدان الشعر التي يمكن أن تترافق مع ارتفاع مستويات الإجهاد والإجهاد النفسي، وهو ما يعرف طبيا بأنه ترجمة لحالة مرض الثعلبة. وهو مرض يصيب بصيلات الشعر ويوقف نموها، ولكنه لا يؤدي إلى موت بصيلات الشعر نفسها، أي إنها تظل ذات قابلية مستقبلية للنمو. ويظهر هذا المرض بشكل مفاجئ، خاصة بعد التعرض لوضع نفسي سيئ مثل فقد أحد الأقارب أو المرور بحالة طلاق المرأة أو غيرها من العوامل النفسية المفاجئة. ويلاحظ طبيا أن كثيرا من المرضى المصابين بمرض الثعلبة هذا يعانون كثيرا من القلق النفسي والخوف والتوتر نتيجة لسقوط الشعر على هيئة بقعة دائرية، وهذا القلق الذي لا داعي له قد يكون عائقا أمام استجابة المريض للعلاج وقد يكون سببا لتفاقم حدة المشكلة، ذلك أنه ثبت علميا أن العامل النفسي هو من أهم العوامل المساعدة على ظهور المرض وانتشاره. وما على المريض تذكره هو أن يتقبل هذا المرض بنفسية عالية، خاصة أن نسبة الشفاء جيدة، خصوصا إذا كانت المساحة المصابة صغيرة أو متوسطة.

وهناك أيضا حالة تساقط الشعر الكربي، أي من الكرب والهم والمصيبة. وهو ما ينتج أيضا عن التوتر والإجهاد النفسي، مما يدفع بصيلات الشعر إلى عدم النمو والتوقف عن عملية تكوين الشعر، ولذا يسقط الشعر فجأة عند التمشيط البسيط أو الغسل. والفرق بين النوع الأول والثاني أن النوع الأول يصيب منطقة محددة، والثاني عام.

وهناك كذلك حالة نتف الشعر بطريقة تحكمها رغبة لدى المرء بشكل لا يقاوم لسحب الشعر من فروة الرأس والحاجبين أو في مناطق أخرى من الجسم. ويعتقد طبيا أن اللجوء إلى نتف الشعر بهذه الطريقة من قبل المرء الذي يواجه توترا نفسيا، وسيلة للتعامل مع المشاعر السلبية أو الأحاسيس غير المريحة، مثل الإجهاد والقلق، والتوتر، والتعب، والشعور بالوحدة أو الإحباط. وهذه الحالات كلها تحتاج إلى مراجعة للطبيب المختص بالجلدية أولا، والطبيب النفسي أيضا.

أما بالنسبة لشهية الأكل، فإنه عندما يكون أحدنا تحت ضغط التوتر والإجهاد النفسي، فإنه ابتداء قد يواجه صعوبة في انتقاء واختيار الطعام الصحي. كما أنه أثناء أوقات التوتر، يمكن حصول حالة من الأكل غير المنضبط في محاولة لتلبية الاحتياجات العاطفية التي تسمى أحيانا «أكل الإجهاد» أو «التناول العاطفي للطعام». وهي الحالة التي يحصل فيها تناول أطعمة ذات سعرات الحرارية عالية، وحتى عندما لا يشعر المرء بالجوع أصلا. ولذا من المهم العمل على منع زيادة الوزن خلال فترات التوتر والإجهاد النفسي، والحد من مخاطر السمنة، والأهم هو الحصول على المساعدة الطبية للتعامل مع الإجهاد بشكل سليم ومنع تأثيراته على الجسم وصحته.