عزز «احتياطي الإدراك».. في مخك

التعلم وشحذ الذهن والرياضة تقلل تأثيرات مرض ألزهايمر وأمراض المخ الأخرى

TT

«احتياطي الإدراك» بمقدوره تعزيز صحة المخ ودرء التأثيرات السيئة لمرض ألزهايمر والأمراض الأخرى التي يتعرض لها.

تأمل لوهلة، نوعين من الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: الأول شخص يفقد بعضا من جوانب ذاكرته بين حين وآخر، إلا أنه يحيا حياة طبيعية. أما الشخص الثاني فيعاني من فقدان حاد في الذاكرة إضافة إلى فقدانه لأمور أخرى نتيجة إصابته بمرض ألزهايمر.

احتياطي الإدراك

* يمكن تصور احتياطي الإدراك cognitive reserve بأنه يتألف من جزأين: جزء المعدات، وجزء البرمجيات. الجزء الأول، أي المعدات، يتكون من خلايا المخ وكذلك الروابط (نقاط التشابك أو التقاطع العصبي) synapses بين خلايا المخ تلك.

ووفقا للنظرية السائدة في هذا الشأن، فإن الأشخاص الذين يمتلكون أعدادا أكثر من خلايا المخ ومن نقاط التشابك العصبي، يكونون أكثر قدرة على الحفاظ على وظائف الإدراك (الوظائف المعرفية) حتى بعد أن تتعرض خلايا المخ المهمة لديهم للأضرار.

وعلى الرغم من أن «سعة – أو حجم - احتياطي المخ» brain reserve capacity - وهو المصطلح الذي يستخدم أحيانا لتعريف تلك المعدات المذكورة أعلاه - يتحدد وبدرجة كبيرة بالجينات، فإن المخ البشري قادر أيضا على خلق نقاط تشابك عصبي جديدة وخلايا المخ طيلة حياته، كما أن بمقدار عمليات إدخال خبرات محفزة إلى المخ تغير بنيته.

مهارات المخ

* وهنا يمكن إدراج عدد من الدراسات. فقد أظهرت مسوح تصوير للدماغ للأشخاص الذين يتعلمون مهارة اللعب يدويا برمي الكرات في الهواء، ازدياد حجم أجزاء الدماغ المرتبطة بمعالجة الحركات المرئية، مقارنة بمسوح تصوير أشخاص آخرين كانوا في مجموعة مراقبة. كما أظهرت مسوح التصوير بجهاز الرنين المغناطيسي لأدمغة سواق سيارات الأجرة السوداء الشهيرة في لندن وجود حجم أكبر من المعتاد لديهم من قرين آمون الخلفي posterior hippocampi في الدماغ، وهو منطقة في الدماغ تشارك في عملية الذاكرة والتذكر المرئي الفضائي.

ويعتبر التأهيل التعليمي الرسمي عاملا مهما إيجابيا في وجود احتياطي الإدراك، ويعتبر كذلك أيضا في الواقع، أي نشاط عقلي مليء بالتحديات، أو أي نشاط فكري.

وقد وجدت بعض الأبحاث أن الكلمات المتقاطعة وفوازير السودوكو، و«التمارين الذهنية» الأخرى لم تقد سوى إلى تأثيرات ضيقة: فإن كنت من محبي السودوكو فإنك ستحسن نفسك في حل السودوكو لا أكثر ولا اقل. إلا أن دراسة أظهرت أن قيام كبار السن بحل السودوكو والفوازير الأخرى فتح لهم الطريق لتجربة أشياء جديدة، ولذا فإن أمام الباحثين حاليا أمورا كثيرة لتعلمها.

لعل النشاط البدني يتمتع بالقدر نفسه من الأهمية لصحة المخ ولبناء احتياطي الإدراك، مثل النشاط الذهني. وقد أظهرت العشرات من الدراسات أن للرياضة دورها المرموق في ذلك، وأن رياضة الآيروبيك التي تزيد من معدل ضربات القلب مهمة بشكل خاص.

ويبدو أن الرياضة تؤثر على المخ مباشرة بزيادتها عدد نقاط التشابك العصبي وبتعزيزها عمل النواقل العصبية، المواد الكيميائية التي تؤمن الاتصال بين خلايا المخ. كما أن الرياضة تزيد أيضا من إنتاج «عامل مشتق من المخ لتغذية الأنسجة بإشراف الأعصاب» brain - derived neurotrophic factor (BDNF) المسمى «عصير المخ» brain juice، وهو بروتين يشجع على إنتاج خلايا مخ جديدة وديمومة حياة الخلايا الموجودة.

كما أن للنشاط البدني تأثيرات غير مباشرة. فإن كان قلبك قويا ورئتاك سليمتين فإن الجسم سيضخ كميات أكبر من الدم الغني بالأكسجين نحو المخ. كما أن التمارين الرياضية تتحكم وتخفض من الأخطار الناجمة عن أمراض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم اللذين يمكنهما إلحاق الضرر بخلايا المخ.

* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا»