عدم تقبل الطعام.. مشكلة قد تزداد صعوبة مع تقدم العمر

هناك فروق بينه وبين الحساسية من الغذاء

TT

عندما كنت طفلا، فإنك كنت تحب تناول الأيس كريم واللبن البارد اللذيذ، أما اليوم فأصبحت تلك الأشياء هي نفسها ما تصيبك بالانتفاخ وتجعلك في حالة بائسة، فهل أنت مصاب بمرض عدم تحمل اللاكتوز؟

عدم تقبل الحليب

* ربما تكون بالفعل مصابا بذلك المرض. يذكر أن نحو 20 في المائة من الأميركيين يعانون من «عدم تقبل» intolerance المكونات الموجودة في الأطعمة، وأكثرها شيوعا اللاكتوز الموجود في اللبن الحليب، والغلوتين الموجود في القمح والحبوب الأخرى. وحتى الأطعمة التي كنت تتناولها بسهولة وأنت صغير قد تسبب لك المشكلات والمتاعب في الجهاز الهضمي عندما تكبر.

يقول ميشال هاوزر، وهو طاه معتمد ومدرس تغذية وزميل في الطب السريري بجامعة هارفارد: «تتغير أجسامنا بمرور الوقت، ويمكن للناس أن يظلوا لسنوات طويلة من دون أي حساسية للأطعمة، ثم يتغير الأمر بعد ذلك».

ويتحول عدم تحمل اللاكتوز إلى مشكلة حقيقة مع تقدم السن. ويقول ستانلي روزينبيرغ، وهو مدرس مساعد بكلية الطب بجامعة هارفارد: «إنه أمر يتطور مع تقدم السن، وما يحدث هو أن القناة الهضمية تفقد إنزيم اللاكتوز الطبيعي عندما نكبر».

يذكر أن اللاكتوز lactose هو عبارة عن السكر الموجود في الحليب وغيره من منتجات الألبان الأخرى. وعندما يتناول الشخص الحليب، فإن إنزيم اللاكتيز lactase enzyme، الذي يتم إفرازه في الأمعاء الدقيقة، يقوم بتحليل اللاكتوز إلى أنواع أبسط من السكر؛ الغلوكوز والغلاكتوز glucose and galactose – حتى يستطيع الجسم هضمها، أما عندما تكون مصابا بمرض عدم تحمل اللاكتوز، فإن الجسم لا يستطيع إفراز الكمية الكافية من الإنزيم، مما يسبب مشكلات في هضم منتجات الألبان. وتتغذى البكتريا الموجودة في الأمعاء الدقيقة على اللاكتوز الذي لم يتم هضمه، وهو ما يتسبب في حدوث الأعراض التي تصاحب مرض عدم تحمل اللاكتوز، وهي الانتفاخ والغثيان والإسهال.

وما يتعين علينا القيام به في هذه الحالة هو تناول منتجات الألبان التي تكون أكثر سهولة في الهضم، مثل الحليب الخالي من اللاكتوز والجبن الصلب والزبادي، ويمكنك أيضا تناول حبوب مكملة تحتوي على اللاكتوز أو قطرات (لاكتيد Lactaid أو لاكتريس Lactrase) قبل تناول منتجات الألبان حتى يتمكن الجسم من هضم اللاكتوز. ويمكن تعويض عدم تناول الألبان من خلال تناول منتجات أخرى غنية بالكالسيوم، مثل السبانخ وسمك السلمون والسردين، أو عن طريق تناول مكملات غذائية تحتوي على الكالسيوم وفيتامين «دي».

عدم تقبل الحبوب

* أما المرض الجوفي celiac disease، فهو عبارة عن رد فعل للمناعة ناجم عن الغلوتين، وهو بروتين يوجد في القمح والجاودار والشوفان والشعير. وإذا كنت تعاني من اضطرابات هضمية وتتناول قطعة من الخبز المصنوع من القمح، فإن النظام المناعي يقوم بالهجوم على النتوءات الصغيرة التي تشبه شكل الإصبع، التي تسمى «فيلي Villi» والموجودة في الأمعاء الدقيقة التي تساعد على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام. ويمكن أن يؤدي هذا إلى بعض المشكلات المعوية مثل الإسهال وآلام في البطن، فضلا عن نقص الحديد والكالسيوم في الجسم.

ويعاني نحو مليوني أميركي من داء البطن، ولكن الباحثون قد وجدوا أن مثل هذا العدد تقريبا يعاني من أعراض الحساسية ضد الغلوتين ولكن لا يتم تشخيصهم على أنهم يعانون من اضطرابات هضمية. ويقول روزنبيرغ: «اتفق المجتمع الطبي في الآونة الأخيرة على أن الغلوتين يؤدي إلى ظهور أعراض لدى الأشخاص الذين لا يعانون من أمراض الجهاز الهضمي، على الرغم من عدم وضوح تلك الآلية».

وإذا كنت تعاني من المرض الجوفي، فإن التخلص من الغلوتين يمكن أن يخلصك من تلك الأعراض، ولكن يعد هذا أسهل من الناحية النظرية عنه من التطبيق، حيث يتعين عليك تجنب تناول منتجات الألبان التي تحتوي على الغلوتين مثل المعكرونة والحبوب والخبز. ويمكن أن يختفي الغلوتين أيضا في أماكن لا تتوقعها، بما في ذلك صلصة الصويا والبن وتوابل السلطة، وحتى بعض الأدوية التي تشتريها من الصيدليات.

وتخصص المحلات التجارية الآن جزاء أكبر لعرض المخبوزات والنباتات وغيرها من المنتجات الخالية من الغلوتين، التي تجعل التسوق أسهل بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من داء البطن. ومع ذلك، فإنك لست بحاجة إلى تناول الأطعمة الخالية من الغلوتين، إذا لم تكن تعاني من حساسية لهذا البروتين. وفي الحقيقة، من الممكن في هذه الحالة أن تحرم جسمك من العناصر الغذائية الأساسية في حال قيامك بذلك.

ويقول هاوزر: «معظم المنتجات الخالية من الغلوتين معرضة لدرجة عالية من المعالجة. إنها لا تستخدم الحبوب الكاملة، ولا تحتوي على ألياف من الأساس، ولا تحتوي على فيتامين (بي) والمغنسيوم الذي يوجد في دقيق القمح». وإذا ما كان يتعين عليك تقليص كمية الغلوتين لأنك تعاني من عدم تقبله، فيجب عليك أن تقوم بذلك بطريقة صحية من خلال تناول حبوبا غذائية خالية من الغلوتين مثل الأرز البني والكينوا.

مواد مثيرة للحساسية

* وهناك بعض المواد الحافظة التي يمكن أن تسبب بعض الأعراض إذا كنت تعاني من حساسية أو عدم تقبل تجاهها، حيث يمكن أن يتسبب الكبريتيت، الذي يوجد في النبيذ والفواكه المجففة وبعض أنواع الأدوية، في حدوث أعراض تتراوح بين جفاف الجلد وحتى حدوث صفير أثناء عملية التنفس. وإذا كنت تحاول تجنب الكبريتيت، فعليك بتوخي الحذر والتأكد من أن الملصقات الغذائية لا تحمل أسماء مثل ثاني أكسيد الكبريت وبيسلفات الصوديوم وبيسلفيت البوتاسيوم.

وتعد الغلوتامات أحادية الصوديوم (MSG)، التي يتم إضافتها في بعض الأحيان لتحسين نكهة بعض الوجبات الآسيوية، كما تستخدم كمادة مضافة في أطعمة أخرى، عنصرا آخر من العناصر التي يدعي كثير من الأشخاص أنها تسبب لهم أعراضا تتراوح بين خفقان القلب والتنميل والصداع.

وثمة جدل كبير حول ما يسمى بـ«متلازمة المطعم الصيني»، لأن الدراسات لم تنجح في إثبات وجودها. ولكن إذا كانت الغلوتامات أحادية الصوديوم تسبب لك إزعاجا، فيتعين عليك تجنب تناول الأطعمة التي تحتوي علي الغلوتامات أحادية الصوديوم وحمض الغلوتاميك وأملاحه، والتي يمكن أن تشمل البروتينات النباتية المحللة والخميرة المحللة ومستخلصات الصويا. ويعد الدجاج ولحم الأبقار والحساء والأرز الممزوج بالنكهات من المواد الغذائية التي تحتوي على الغلوتامات أحادية الصوديوم.

وهناك بعض المواد الغذائية التي تجعلنا لا نشعر بالراحة، مثل الحبوب على سبيل المثال. ويقول ستانلي روزينبيرغ، وهو مدرس مساعد بكلية الطب بجامعة هارفارد: «تلك المواد الغذائية تفرز الغازات بصورة طبيعية». عليك بتناول منتج مثل (بينو Beano) قبل تناول الحبوب المطبوخة أو غيرها من المواد الغذائية الغنية بالألياف، التي تساعدك على هضم الكربوهيدرات المعقدة وتجعلها أقل سهولة في الهضم والامتصاص.

محليات صناعية

* وتتسبب بعض المحليات الصناعية مثل السوربيتول والمانيتول في الإصابة بالإسهال، يتم استخدامها في واقع الأمر كمسهلات وملينات للأمعاء. وإذا ما كان يزعجك ذلك، فإن الحل البسيط يكمن في تقليص أو تجنب العلك الخالي من السكر وغيره من الأطعمة التي تحتوي على تلك المحليات الاصطناعية.

وهذه بعض الأعراض التي يمكن أن تساعدك على معرفة ما إذا كان لديك حساسية أو عدم تحمل ضد نوع عين من الطعام. عليك باستخدام هذه الأعراض كدليل، ولكن لا تحاول تشخيص حالتك بنفسك. وإذا انتابك شك في أنك تعاني من حساسية أو عدم تحمل نوع معين من الطعام، عليك بزيارة الطبيب.

بين الحساسية وعدم التقبل

* لو حدث لك أي أعراض بعد تناول طعام معين، يمكنك وصف ذلك بأنه «حساسية ضد هذا الغذاء». ومع ذلك، يمكن أن يكون ما حدث عبارة عن «عدم تقبل» ذلك الطعام، ويكون من الصعب في بعض الأحيان التفرقة بين الحساسية وعدم تحمل الطعام. ويقول الدكتور هاوزر: «تكمن المشكلة في التداخل بين الكثير من أعراض الحساسية وعدم تحمل الطعام».

ويمكن التفرقة بين الحساسية وعدم تحمل الطعام من خلال النقاط التالية:

* تشير حساسية الطعام إلى استجابة جهاز المناعة لنوع معين من أنواع البروتين الموجود في الطعام. وبناء على مدى الحساسية، فإن تناول كمية ولو صغيرة من الطعام يمكن أن يؤدي إلى أعراض شديدة وربما يهدد حياة الشخص، فيما يسمى بالحساسية المفرطة والتي تتطلب عناية طبية فورية. ويمكن للطبيب أو اختصاصي الحساسية أن يقوم باستخدام فحص الدم أو اختبار الجلد للتأكد من هذه الاستجابة المناعية.

* عدم تقبل الغذاء هو عبارة عن حساسية ضد طعام معين أو صعوبة هضم طعام معين، وتكون الأعراض غير مريحة ولكنها لا تهدد حياة المريض. وهناك أمثلة كثيرة على عدم تحمل المواد الغذائية مثل عدم تحمل اللاكتوز، والحساسية للإضافات الغذائية مثل الكبريتيت أو الغلوتامات أحادية الصوديوم والتسمم الغذائي.

وفي بعض الأحيان يكون سبب عدم التحمل الغذائي واضحا، مثل أن تتناول كوبا من الحليب، ثم تهرع للحمام بعد مرور نصف ساعة فقط، أو أن تشعر بألم في معدتك بمجرد تناول قطعة من الخبز. ولكن إذا كنت غير متأكد من السبب وراء تلك الأعراض، فربما يكون من المفيد تغيير نظامك الغذائي.

عليك بتسجيل الأشياء التي تناولتها في كل يوم من أيام الأسبوع وكتابة المواد الغذائية التي تناولتها وفي أي وقت من أوقات اليوم. ويقول الدكتور هاوزر: «بجانب كل وجبة أو وجبة خفيفة عليك بتسجيل ما إذا كنت تعاني من أعراض أم لا، وما هي تلك الأعراض».

وبمجرد أن تكون لديك فكرة عن أنواع الطعام التي تسبب لك تلك الأعراض، عليك تجنب تناولها لمدة أسبوعين. وبعد ذلك، يمكنك استعادة نوع واحد فقط من أنواع ذلك الطعام كل يومين. وإذا ما عادت إليك الأعراض مرة أخرى، إذن فقد تأكدت من الطعام الذي يسبب لك تلك المشكلة.

ولا يجب عليك أن تقوم بهذه العملية بمفردك، حيث يتعين عليك استشارة الطبيب، وربما اختصاصي أغذية، قبل القيام بذلك حتى تتأكد من أنك لم تحرم جسمك من العناصر الغذائية الأساسية في الوقت الذي تتجنب فيه تناول بعض الأغذية.

للاطلاع على مزيد من المعلومات عن حساسية الطعام وكيفية التعامل معها، عليك زيارة الموقع الإلكتروني www.livingwithout.com.

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»، خدمات «تريبيون ميديا»