«البيوميكانيكا».. علم يضبط حركة الإنسان ويجنبه مشكلات العظام

حقق نجاحات باهرة في عالم الرياضة

TT

يعد علم «البيوميكانيكا» (الميكانيك الحيوي) فرعا من العلوم الطبية الحديثة، ويقدم علماؤه إرشادات صريحة لكيفية تحرك الإنسان بصورة سليمة لتجنب مشاكل العظام وآلامها. وعلى الرغم من أن هذا العلم لم يدخل مناهج الجامعات فإنه منذ فترة قصيرة وكعلم مساعد وبعد الاعتراف بأهميته واكتشاف قدراته أصبح يدرس اليوم في أي مجال يتعامل مع الإنسان كالطب والهندسة والتربية الرياضية.

علم قديم حديث

* يقول الدكتور إسماعيل أبو زيد، أستاذ «البيوميكانيكا» بجامعة حلوان بالقاهرة: «(البيوميكانيكا) علم حديث وقديم في آن معا، وظيفته البحث في آلية حركة الإنسان. وقد أجريت الكثير من الأبحاث في جامعات دولية مختلفة عن هذا العلم لأهميته، فهو من العلوم المهمة، حيث يتخصص في كيفية دراسة حركة جسم الإنسان، فلا يوجد أي نشاط أنساني إلا ويصاحبه حركة من أصغر عمل نقوم إلى أكبر عمل. و(البيوميكانيكا) يعطي التفسير المنطقي لكل فعل ومردوده على جسم الإنسان».

لكن، كيف تقوم بالحركة بشكل صحيح لتعيش بصحة جيدة؟ يقول أبو زيد: «هذا سؤال دائما يطرح نفسه وبقوة، حيث تتمثل فوائد (البيوميكانيكا) على البشرية، فلو أننا تحركنا بصورة صحيحة أثناء العمل فإن الإصابات سوف تقل والإنتاج سوف يزيد. وعلى سبيل المثال فإن المصنع الذي ينتج ألف قطعة يمكن أن ينتج أضعاف ذلك بطاقة أقل يبذلها العاملون، فالبيوميكانيكا تجعلك تبذل الطاقة المناسبة للعمل الذي تود القيام به فلا يكون هناك فائض أو إهدار في الطاقة البشرية، وأيضا التعرف على العلاج المناسب وبالتالي ننفق على الخدمات الصحي بشكل أقل، وقد أدرك ذلك الكثير من الدول مثل أميركا، اليابان، روسيا فنجد عيادة للبيوميكانيكا في كل مصنع لإرشاد العمال على أسلوب الحركة الصحيحة».

تشخيص المشاكل الحركية

* يضيف الدكتور أبو زيد «إن دور العلاج بواسطة جلسات (البيوميكانيكا) يكون لكل حالة من الإصابة ولها مواصفات خاصة في العلاج، فعن طريق (البيوميكانيكا) نستطيع تشخيص الحالة ومدى تقدمها في العلاج وهل ستعود لحالتها الطبيعية أم لا. ولهذا يجب اتباع تعليمات المتخصصين وإرشاداتهم، فمثلا ربة المنزل التي تعاني من الإرهاق الدائم عند القيام بأعمال المنزل يجب أن تستمع إلى المتخصصين في كيفية القيام بالأعمال المنزلية وكيفية تحريك قطع الأثاث من أماكنها».

ويوضح أنه «لا توجد عيادات تقدم العلاج بواسطة (البيوميكانيكا) بشكل مستقل؛ ولكنه يدخل في عمل أكثر من تخصص طبي بمعنى أنه لو حدث لشخص إصابة معينة فهو يذهب للطبيب لكي يعالجه ومن ثم يرسله إلى اختصاصي علاج طبيعي لكي يستطيع أن يتحرك بصورة طبيعية وهنا يبدأ استخدام نصائح وإرشادات (البيوميكانيكا)».

كيف يستطيع المتخصص الإرشاد إلى كيفية التحرك بصورة سليمة؟ يجيب الدكتور أبو زيد قائلا «يقوم المتخصصون من وقت لآخر بإصدار إرشادات لكل حركة ولكل مهنة، فهناك إرشادات للعامل في المصنع، الموظف في المكتب، ربة المنزل، أطفال المدارس، والرياضيين في الملاعب، الجنود في الميدان، فكل حركة لها إرشادات معينة وهذه الإرشادات تقوم على كثير من العلوم. واليوم (البيوميكانيكا) تدخل في مجال التصنيع، فكل ما هو متعلق بجسم الإنسان يدخل تحت مظلة هذا العلم بشكل أو بآخر، فنجده داخل مصانع السيارات، والكراسي، الأسرة، الأحذية، والكثير من الأجهزة الأخرى التي تحيط بنا، حيث تستخدم هذا العلم في كيفية تصنيع ما هو يصلح لحركة جسم الإنسان ويتفاعل معه ومع البيئة من دون حدوث مشاكل أو إصابات، ولو نظرنا على جهاز الأمن الموجود على بوابة أغلب الأماكن نجد مواصفاته معتمدة على (البيوميكانيكا) لأنها مصنوعة بالارتفاع المناسب لمتوسط طول الإنسان (مترين) حيث لا يوجد أطول من هذا في الوضع الطبيعي».

ويختم أستاذ «البيوميكانيكا» حديثه مؤكدا أن «هذا العلم حقق طفرة كبيرة في عدد من المجالات كان آخرها عالم الرياضة والأولمبياد، حيث شهد بهذا الكثير من اللاعبين والرياضيين في مجالات مختلفة، فقد وفرت عليهم نصائح اختصاصيي (البيوميكانيكا) وتجنب الكثير من المشاكل التي تتعلق بإصابات الملاعب وهناك حالات تجنبت من خلاله تعرضها للإصابة».