الإغماء.. والقلب

15% من حالاته ترتبط باضطراب في إيقاعه

TT

الإغماء، أي فقدان الوعي المؤقت، حالة يطلق عليها الأطباء مصطلح syncope الذي ينطق «سينك - آه - بي SINK - uh - pee». وقد تكون الحالة محرجة للبعض، ومخيفة وخطيرة لآخرين. ووفق التقديرات، فإن الإغماء يحدث لواحد من كل ثلاثة أشخاص في العالم مرة واحدة على الأقل أثناء حياتهم.

ويفقد الإنسان وعيه عندما لا يستطيع الدماغ الحصول على قدر كاف من الدم أي أنه يصبح عاجزا عن الحصول على الوقود اللازم وعلى الأكسجين، . ويحدث هذا عادة نتيجة الهبوط المفاجئ في ضغط الدم hypotension.

خطورة الإغماء

* الحالة الأكثر شيوعا للإغماء - التي يصفها الأطباء بأنها حالة الإغماء «غير المعقد» «uncomplicated syncope» - غالبا ما يسبقها ظهور التعرق، أو الشعور بالدوار. فالوقوف لفترات طويلة يمكنه أن يتسبب في تموضع الدم في الرجلين، الأمر الذي يقلل تدفقه نحو الدماغ. كما أن النهوض من وضعية الانبطاح أو الوقوف منتصبا بسرعة من وضعية الجلوس يمكنهما أن يؤديا أيضا إلى الإغماء.

وقد تتسبب حالات جيشان المشاعر أو المعاناة الشديدة من الآلام إلى إبطاء عمل القلب وحدوث توسع في الشرايين في آن واحد. وهذان الأمران يؤديان عند اجتماعهما إلى هبوط ضغط الدم - وإلى السقوط. وهذا ما يحدث عندما يشاهد بعض المرضى إبرة الطبيب أو بقعا من الدم.

حالات غير طبيعية

* ولكن، وعندما توجد حالات غير طبيعية في القلب تؤدي إلى الإغماء، فإن الأمور تضحى أكثر تعقيدا. وترتبط نسبة تبلغ 15% من حالات الإغماء بمشاكل في إيقاع القلب، ومنها مشاكل نبضات القلب البطيئة bradycardia. كما أن الانسدادات في الشرايين المغذية للقلب والاختلال في وظائف عضلة القلب تؤدي أيضا إلى حدوث اختلال مؤقت في تزويد الدماغ بالدم وتتسبب في حدوث الإغماء. ومن الطريف القول: إن الأشخاص الذين يتعرضون لنوبة قلبية لا يصابون عادة بالإغماء.

وإن كنت تشعر باقتراب وقت وقوعك في حالة الإغماء نتيجة الوقوف الطويل، فعليك أن تضع رجلا أمام أخرى وتشد عضلات الجانب الأسفل من جسمك. ويؤدي ضغط الدم العالي الناجم عن هذين العملين إلى حمايتك من الإغماء ويمنحك الوقت للانتقال نحو مكان آمن.

بعد حدوث الإغماء

* غالبا ما يؤدي الإغماء إلى السقوط الأمر الذي يقود إلى وقوع أضرار جسدية، ولذا عليك استشارة الطبيب إن كنت قد تعرضت للإغماء سابقا.

وتشير أحدث إرشادات التشخيص الصحية إلى ضرورة استشارة الشخص الذي تعرض للإغماء للطبيب لإجراء فحص بدني له ودراسة تاريخه الصحي (مجلة أرشيفات الطب الباطني، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2011). وقد يساعد هنا حضور واحد من شهود على حالة الإغماء.

وقد يؤدي التدقيق في الأدوية المتناولة إلى كشف بعض الأمور، فهناك الكثير من الأدوية التي يمكنها أن تؤدي إلى هبوط ضغط الدم والإغماء. وحتى وإن كانت كل الدلائل تشير إلى حالة الإغماء «غير المعقد»، فإن الإرشادات تنصح بإجراء تخطيط كهربائي للقلب لاستبعاد احتمالات وجود اضطراب في إيقاع القلب.

وإن شك الطبيب في وجود سبب قلبي للإغماء أسباب قلبية

* فإنه سيحيل المريض إلى اختصاصي في الفسلجة الكهربائية electrophysiologist للتدقيق في كهربائية القلب أو إلى اختصاصي في طب القلب للتدقيق في احتمالات وجود علل في وظائف القلب. ووفقا لأحدث الإرشادات فإن على المعرضين لحالات إغماء متكررة ارتداء «جهاز هوتلر» Holter monitor الذي يسجل بيانات لمخططات القلب الكهربائية بصورة متواصلة لمدة بين 24 و48 ساعة. أما للآخرين المعرضين للإغماء بشكل أقل فإنه يتم وضع جهاز خارجي للرصد لهم لرصد مشاكل في إيقاع نبضات القلب.

التعايش مع الإغماء

* إن كنت من الذين يعانون من حالات الإغماء «غير المعقد» فحاول أن تتجنب الأوضاع التي تؤدي إلى الإغماء. وإن كانت الإجراءات الطبية تؤثر عليك فإن عليك إحاطة الأطباء بالأمر. وإن كنت تشعر بقرب حدوث الإغماء، عليك الاستراحة والتمدد ورفع قدميك إلى الأعلى.

أما إن رصدت أسباب قلبية للإغماء، فإن خيارات العلاج تشمل تناول أدوية للتحكم بإيقاع القلب المضطربة، أو وضع جهاز لتنظيم إيقاع القلب إن كان الإغماء عائدا إلى بطء إيقاع القلب، أو جهاز أكثر تطورا إن كانت اضطرابات إيقاع القلب أكثر خطورة.

* رسالة «هارفارد للقلب»، خدمات «تريبيون ميديا»