هل يمكننا التغلب على مرض ألزهايمر؟

أساليب علاجية واعدة يطورها باحثو جامعة هارفارد

TT

تعتبر الأساليب الجديدة لعلاج المرض المقدمة من قبل جامعة هارفارد بمثابة بارقة أمل للمصابين بمرض ألزهايمر.

إن إيجاد وسيلة لمنع الإصابة بمرض ألزهايمر أو القضاء على الضرر الذي يسببه، يعتبر أحد أكبر التحديات الطبية مع دخولنا عام 2013. وعلى مدار العشرين عاما الماضية، تحقق تقدم كبير في فهم التغيرات في كيمياء المخ التي تؤدي إلى الإصابة بمرض ألزهايمر. غير أن ترجمة هذه المعلومات في صورة أنواع من العلاج كان أمرا صعبا. وقد فشلت تجربتان رئيستان تهدفان لإيجاد علاج لمرض ألزهايمر في الخريف الماضي (لدوائي «سولينزوماب» و«بابنيوزوماب»). غير أن طبيبين بجامعة هارفارد يطرحان أساليب جديدة تماما تمنح بارقة أمل في إيجاد علاج ناجع في المستقبل القريب.

معلومات عن المرض

* يعتبر ألزهايمر واحدا من أكثر أنواع الخرف شيوعا. وقد ارتبط موت خلايا المخ بنوعين من البروتين يحملان اسمي «بيتا أميلويد» و«تاو». يشكل بروتين البيتا أميلويد اللويحات ويشكل التاو العقد العصبية التي ترى تحت الميكروسكوب في أمخاخ المرضى المصابين بألزهايمر. تميز اللويحات والعقد العصبية مرض ألزهايمر عن الأنواع الأخرى من أمراض عته الشيخوخة.

وتتضمن أعراض مرض ألزهايمر التشوش الموهن للقوى وفقدان الذاكرة والتهيج المفرط والقلق. ويكون المرض مميتا في نهاية المطاف.

أدوية جديدة

* يأتي الأسلوب الجديد الأول لمحاربة ألزهايمر من الطبيبين رودي تانزي وجوزيف بي وروز كنيدي، أستاذ الأعصاب بكلية الطب بجامعة هارفارد. وكان من بين العلماء الذين اكتشفوا أول جينات ألزهايمر في ثمانينات القرن العشرين. والآن، يساعد في رسم خريطة لبقية الجينات المرتبطة بالإصابة بمرض ألزهايمر.

وقد ساعد تانزي في ابتكار دواء PBT2، وهو دواء يعتبر الآن في المرحلة الثانية من التجارب الإكلينيكية في أستراليا. وعلى عكس الأدوية التي باءت تجربتها بالفشل مؤخرا، وهي تلك التي تستخدم الأجسام المضادة في مهاجمة بيتا أميلويد، يتخذ PBT2 منحى آخر.

وتساعد معادن معينة في المخ (النحاس والزنك) في تحفيز إنتاج اللويحات والعقد العصبية، ويمنع دواء PBT2 هذا من الحدوث. ويقول الدكتور تانزي: «يقوم الدواء بأنتزاع المعادن من بروتين الأميلويد، بحيث لا يمكن تكون اللويحات. وهو يقوم بإزالة المعادن التي تم التقاطها، وتوفير نفس هذه المعادن مجددا لتمكين المخ من القيام بعشرات من وظائفه، مثل نشاط الجينات وسلامة مضادات الأكسدة. علاوة على ذلك، يحول دواء PBT2 دون تكون العقد. وفي النهاية، يحفز خلايا عصبية جديدة على النمو في منطقة الحصين في الدماغ، الأمر الذي يجب أن يحسن الوظيفة التنفيذية».

كانت نتائج التجربة الأولية التي أجريت على حيوانات والتجربتين الإكلينيكيتين الأوليين مشجعة، من دون آثار جانبية مهمة. ويضيف تانزي: «كانت مجرد تجارب صغيرة، عدد المشاركين فيها أقل من 100 شخص، لكننا قد شهدنا تحسنا ملحوظا في الوظيفة خلال 12 أسبوعا. ولم يتحدد بعد مدى تأثيرها على الذاكرة بشكل عام».

يجري العلماء الآن اختبارا لدواء PBT2 مع أساليب تصوير لأخذ صورة مرئية لمدى فاعلية العقار في إزالة لويحات الأميلويد. إذا سار كل شيء على ما يرام، فسوف يدخل الدواء في إطار تجارب إكلينيكية كبرى. إذا ما أثبت دواء PBT2 فاعليته في دراسات أكبر، يأمل تانزي احتمال أن يكون متاحا للأفراد المصابين بألزهايمر خلال نحو خمس سنوات.

علاج عصبي

* يتمثل الأسلوب الجديد الثاني في «نيرو إيه دي» Neuro AD treatment، (العلاج العصبي لألزهايمر)، وهو علاج تم ابتكاره في إسرائيل للتعامل مع أعراض مرض ألزهايمر والسيطرة عليها.

يطرح «العلاج العصبي لألزهايمر» تحديات أمام المريض لحل مشكلات على جهاز كومبيوتر مباشرة بعد تعريضه لطاقة كهرومغناطيسية من أجل تحفيز منطقة المخ المطلوبة لإعطاء الإجابة. ومن أمثلة المشكلات المعتادة التوفيق بين الأشكال وتذكر الكلمات وإكمال جملة. ويستمر العلاج لمدة نحو ساعة يوميا، كل يوم على مدى ستة أسابيع.

وما هي النتائج؟ يقول الباحث الرئيسي في الدراسة، الدكتور ألفارو باسكوال ليون، أستاذ علم الأعصاب بكلية الطب بجامعة هارفارد: «(هذا الأسلوب) لا يقوم بعلاج المرض، لكنه يجعل دوائر المخ تعمل بشكل أفضل، ويؤدي هذا إلى تحسن مذهل في القدرات المعرفية المطلوبة للقيام بالمهام اليومية»، ويضيف: «بوسع المرضى تذكر أسماء الأشخاص الذين يشاهدونهم وتذكر ما يقولونه لهم والمضي في طريقهم داخل المتاجر الكبرى وتذكر أسماء الأشياء التي يرغبون في شرائها».

وفي أسلوب العلاج العصبي لألزهايمر، عندما يرد الشخص على السؤال «أ» يستطيع الطبيب التعرف على نشاط المخ عندما يستجيب المريض بالرد «باء».

حتى الآن، تم إجراء تجربتين صغيرتين كاملتين، وما زالت هناك تجربة أخرى أكبر جارية بجامعة هارفارد، إضافة إلى مواقع عبر أنحاء الدولة. وقد تمثلت الآثار الجانبية الوحيدة حتى الآن في صداع خفيف، وفيما تم التصديق على العلاج (الذي تبلغ تكلفته نحو 5 آلاف دولار) في إسرائيل وبعض الدول في أوروبا، يؤكد الدكتور باسكال ليون على الحاجة لإجراء المزيد من الدراسات. ويضيف: «لقد أجرينا فقط تجارب محدودة، ولا نعرف إلى أي مدى ستستمر التأثيرات بعد فترة الثلاثة أشهر. أفهم الرغبة في الوصول إلى أنواع العلاج الحديثة، لكن من المهم جمع أدلة علمية سليمة».

غير أنه يظل في حالة من التفاؤل الحذر، لا سيما بشأن جمع أسلوب العلاج العصبي لألزهايمر بأساليب أخرى، مثل العلاج الطبي. ويقول الدكتور باسكوال ليون: «في النهاية، ربما لا يتمثل علاج ألزهايمر في إجراء بعينه، بل في مزيج من مجموعة من الإجراءات».

* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».