جراحة إنقاص الوزن.. قد لا تحارب مرض السكري على المدى الطويل

إشارات متناقضة حول ضرورات إجرائها

TT

ربما لا تكون جراحة إنقاص الوزن، التي نظر إليها خلال السنوات الأخيرة بوصفها خيارا جذابا لعلاج النوع الثاني من مرض السكري، فعالة في مقاومة المرض، مثلما اعتقد في البداية، وفقا لواحدة من الدراسات التي ظهرت مؤخرا التي توصلت إلى أن الكثير من أصحاب الوزن الزائد المصابين بالنوع الثاني من مرض السكري ممن يخضعون لجراحة تحويل مجرى المعدة لا يشعرون بخمود حدة المرض الذي يعانون منه، أما من بين أولئك الذين يشعرون بذلك، يصاب نحو الثلث بمرض السكري مجددا خلال خمسة أعوام من إجرائهم الجراحة.

* إشارات متناقضة

* تتناقض هذه النتائج مع الإدراك المتزايد أن الجراحة تعتبر في الأساس علاجا للنوع الثاني من مرض السكري. وكانت دراستان نشرتا العام الماضي قد أشارتا إلى أن الجراحة قد أجدت نفعا بصورة أفضل من الأدوية والنظام الغذائي والتمارين الرياضية في تخفيف حدة النوع الثاني من مرض السكري لدى الأشخاص أصحاب الوزن الزائد الذين يخرج مستوى السكر في الدم لديهم عن نطاق السيطرة، مما أدى ببعض الخبراء للمطالبة بزيادة اللجوء للجراحة في علاج المرض. غير أن الدراسات كانت صغيرة وقصيرة نسبيا، حيث لم تمتد لأكثر من عامين.

* دراسة موسعة

* وقد تعقبت أحدث الدراسات، التي نشرت نهاية العام الماضي في دورية جراحة السمنة Obesity Surgery، حالة آلاف المصابين بمرض السكري ممن خضعوا لجراحة تحويل مجرى المعدة لأكثر من عشر سنوات. وتوصلت إلى أن كثيرا ممن تم شفاؤهم من مرض السكري في البداية زاد احتمال عودة إصابتهم به مجددا. وفيما يعتبر اكتساب وزن زائد مشكلة شائعة بين الذين يخضعون لجراحة إنقاص الوزن، فإنه لم يتضح أن العودة لاكتساب الوزن المفقود هي سبب انتكاس المرض. غير أن الدراسة كشفت أن المرضى الذين يعانون من أشد حالات مرض السكري أو مراحله المتقدمة، حينما أجريت لهم الجراحة، زاد احتمال معاناتهم من انتكاس، بصرف النظر عما إذا كانوا قد اكتسبوا وزنا زائدا أم لا.

وقالت الدكتورة فيفيان فونسيكا، رئيسة قسم الطب والعلوم بجمعية السكري الأميركية: «إن بعض الناس لديهم انطباع بأنك تخضع لجراحة وتشفى. لقد كانت هناك الكثير من الادعاءات حول مدى فائدة جراحة إنقاص الوزن في علاج السكري».

تشير النتائج إلى أن جراحة إنقاص الوزن ربما تكون أكثر فعالية في علاج السكري لدى الأشخاص الذين لا يعانون من حالة متقدمة منه. ويقول الدكتور ديفيد أرتربرن، المؤلف الأساسي للدراسة والباحث المساعد في معهد أبحاث صحة المجموعات في سياتل: «ما نتعلمه هو أنه لا تكون الاستجابة واحدة لدى جميع مرضى السكري. فمن هم في المراحل المبكرة من مرض السكري تبدو استجابتهم هي الأفضل، مما يمنح مبررات لإمكانية التدخل المبكر».

تمثل أحد مواطن قوة الدراسة الجديدة في أنها شملت آلاف المرضى المسجلين في ثلاثة برامج صحية ضخمة في كاليفورنيا ومينيسوتا، مما يسمح بمتابعة مفصلة لحالاتهم على مدار عدة أعوام. في المجمل، تمت متابعة حالة 4434 بالغا مصابا بمرض السكري في الفترة ما بين عامي 1995 و2008. كان جميعهم مصابين بالبدانة وجميعهم خضعوا لجراحات تحويل مجرى الطعام «رو إن واي» Roux - en - Y operations، وهي أكثر أنواع جراحات تحويل مجرى المعدة، شيوعا.

بعد الجراحة، خفت حدة المرض لدى نسبة تقدر بنحو 68% من مرضى السكري. لكن في خلال خمس سنوات، عاد المرض للظهور مرة أخرى لدى 35% من هؤلاء المرضى. وبجمع النسبتين معا، يتضح أن غالبية من شملتهم الدراسة، نحو 56% – نسبة تضم هؤلاء الذين لم تخف مطلقا حدة المرض لديهم – لم تخف حدة مرض السكري لديهم لفترة طويلة من بعد إجرائهم الجراحة.

* عوامل ما بعد العملية

* اكتشف الباحثون أن هناك ثلاثة عوامل يمكنها أن تنبئ عن أي من الأشخاص من المرجح أن يعانوا من عودة مرض السكري. إذا ما كان المرضى، قبل إجراء الجراحة، قد عانوا من مرض السكري لفترة طويلة نسبيا ولم يتحكموا بشكل جيد في مستوى سكر الدم لديهم أو كانوا يأخذون حقن الأنسولين، لقل احتمال استفادتهم من جراحة تحويل مجرى المعدة. لم يرتبط وزن المريض، سواء قبل أو بعد الجراحة، باحتمالية انخفاض حدة المرض أو حدوث انتكاسة.

في النوع الثاني من مرض السكري، تتجه خلايا البيتا التي تفرز الأنسولين في البنكرياس إلى الاهتراء مع تقدم المرض، الأمر الذي قد يفسر عدم استفادة البعض بدرجة كبيرة من إجراء الجراحة. «إذا كان شخص ما في مرحلة متقدمة جدا من مرض السكري، حيث يتجه البنكرياس إلى المراحل المتأخرة من التمتع بالقدرة على إفراز الأنسولين، حينها حتى بعد فقدان الوزن بقدر كبير، ربما لا يتمكن الجسم من إفراز الأنسولين الكافي لضبط مستوى السكر في الدم لديهم»، حسب الدكتور أرتربرن.

ورغم ذلك، قال: إن مرضى السكري المصابين بالبدانة، حتى الذين يعانون من حالة متقدمة من المرض، ربما لا يزال بإمكانهم الاستفادة من جراحة تحويل مجرى المعدة، على الأقل فيما يتعلق بنوعية حياتهم وعوامل خطر الإصابة بمرض القلب وغيره من المضاعفات الأخرى.

ويضيف «إنها (الجراحة) ليست علاجا ناجعا لكل شخص. لكن على مستوى العالم، يفقد المرضى جزءا من وزنهم بعد إجرائهم جراحة إنقاص الوزن، وهذا في حد ذاته ربما يكون له عدد هائل من الفوائد الصحية».

* خدمة «نيويورك تايمز»