مسكنات الألم.. وأضرارها على القلب

تحذيرات من أخطار مضادات الالتهاب الإستيرويدية

TT

ينبغي على مرضى القلب عدم استخدام بعض العقاقير المضادة للالتهاب لفترة طويلة، إلا أن دواء «نابروكسين» يعد أكثرها أمانا. لقد تم سحب بعض مسكنات الألم «الصديقة للمعدة» وهي «فيوكس» (روفيكوكسيب) و«بيكسترا» (فالديكوكسيب) من السوق عندما تبين أنها تزيد من احتمالات الإصابة بالنوبة القلبية. وترك الاثنان وراءهما عقارين آخرين شبيهين هما «إيبوبروفين» (أدفل ومورتين) ونابروكسين (أليف). ورغم اختلاف الطريقة التي تعمل بها تلك العقاقير، فإنها تنتمي جميعها إلى عائلة يطلق عليها اسم «مضادات الالتهاب الإستيرويدية» nonsteroidal anti-inflammatory drugs (NSAIDs).

* مخاطر مضادات الالتهاب

* تخفف مضادات الالتهاب الإستيرويدية الألم والالتهابات والحمى. ويعد وصفها بأنها شائعة الاستخدام تقليلا من قدرها، حيث يتناول 40 في المائة من الأشخاص الذين وصلوا إلى سن الخامسة والستين فما فوقها هذه المضادات يوميا. مع ذلك، يتزايد قلق أطباء القلب بعد ظهور دليل على أنها تعرض من أصيب بنوبة قلبية للمرة الأولى لخطر الإصابة بها لمرة ثانية أو ربما لخطر الوفاة.

إذن، إن كنت من مرضى القلب، فماذا عليك أن تفعل كي تواجه الألم؟

من الآمن تناول هذه المضادات بجرعات تتراوح بين الصغيرة والمتوسطة ولفترات زمنية محدودة، إلا إذا كنت مصابا بمرض في الكلى أو أصبت في الماضي بنزف معوي أو قرحة. مع ذلك، ربما تعرض هذه المضادات مرضى القلب للخطر، أو ربما تؤدي للإصابة بأحد أمراض القلب. ونشرت أحدث دراسة حول هذا الأمر في 16 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012 في دورية «سيركوليشين».

وحلل العلماء السجلات الصحية لنحو 100 ألف دنماركي أصيبوا بنوبة قلبية لمرة واحدة. وارتفع خطر الإصابة من تناول مضادات التهاب الإستيرويدية من أي نوع خلال الأعوام الخمسة التالية بنوبة قلبية للمرة الثانية إلى 41 في المائة، وتزايد احتمال وفاتهم لأي سبب بنسبة 63 في المائة مقارنة بمن لم يتناولوا هذه المضادات.

هل هناك مسكنات آلام خطيرة؟ لم تثبت الدراسة أن تناول مضادات الالتهاب الإستيرويدية يؤدي إلى الإصابة بنوبات قلبية، لكن إذا أضيفت إلى النتائج السابقة، فسنجد أنها تزيد القلق بين صفوف أطباء القلب.

ويقول الدكتور بول هوانغ، الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد ومدير «برنامج متلازمة التمثيل الغذائي» في مستشفى ماساتشوستس العام: «إن الصورة التي بدأت تتضح هي أن المعرضين للإصابة بنوبة قلبية، يواجهون خطرا متزايدا في حال تناولهم أي نوع من مضادات الالتهاب الإستيرويدية. والرسالة، التي تحملها أن أكثر الدراسات التي أجريت حديثا، تتسق مع التقارير الأخرى».

وأصدر الاتحاد الأميركي للقلب عام 2007 تعليمات محافظة نسبيا بشأن مضادات الالتهاب الإستيرويدية، حيث حذر الأطباء من وصف هذا النوع من المضادات أو أي نوع من العقاقير الأخرى التي تستخدم في تخفيف آلام العظام والعضلات إلا بعد تجربة العلاج بالحرارة والبرودة والعلاج الطبيعي والتدريبات الرياضية وفقدان الوزن. ونصح الاتحاد بأن يكون اللجوء إلى هذه المضادات هو الخيار الأخير.

ولم يتضح بعد كيف تزيد مضادات الالتهاب الإستيرويدية خطر الإصابة بمرض القلب. ويتناول كثير من مرضى القلب الأسبرين، وربما تتفاعل مضادات الالتهاب الإستيرويدية مع تأثير الأسبرين الإيجابي. كذلك من المحتمل أن تتسبب كل أنواع مضادات الالتهاب الإستيرويدية في تصلب شرايين القلب وتجلط الدم فيها.

* بدائل علاجية

* يعتقد الدكتور هوانغ الآن أنه على الأطباء أن يلتزموا بالحرص عند وصف هذه المضادات. ويقول: «ينبغي أن نشجع الناس على عدم تناول هذه المضادات، حتى الأنواع التي تباع دون وصفة طبيب، إذا كانوا أصيبوا بنوبة قلبية في السابق».

أكثر الناس عرضة للخطر هم من يتناولون الجرعة القصوى من مضادات الالتهاب الإستيرويدية يوميا لفترة زمنية طويلة. وينصح الدكتور ويليام كورموز، رئيس تحرير «رسالة هارفارد - مراقبة صحة الرجل» وطبيب رعاية أولية في مستشفى ماساتشوستس العام التابعة لجامعة هارفارد قائلا: «تناول أقل جرعة ممكنة. إن استخدام مضادات الالتهاب الإستيرويدية لفترة قصيرة من الزمن، مثل تناول الإيبوبروفين لتخفيف آلام الكتف لمدة أسبوعين، يعد خيارا أكثر أمنا بالنسبة للمرضى الذين يواجهون خطر الإصابة بمرض في القلب».

- خلاصة القول هي أن مخاطر تناول مضادات الالتهاب الإستيرويدية تزداد لدى مرضى القلب أو المعرضين للإصابة بأحد أمراض القلب. ويعد عقار «نابروكسين» هو الخيار الذي يتضمن أقل قدر من المخاطرة. إذا كنت في حيرة من أمرك، يمكنك استشارة طبيبك الخاص.

- يمكن استخدام بدائل مضادات الالتهاب الإستيرويدية مثل الأسيتامينوفين (تيلينول وأسماء تجارية أخرى) إلا إذا كنت تعاني من مشكلات في الكبد أو بعض الحالات التي تحتم عليك استخدامه بشكل محدود. إذا كنت في شك من مدى أمان الدواء، فاسأل طبيبك. ويخفف الأسيتامينوفين الآلام والحمى، لكنه غير مضاد للالتهاب. ويعد الحد من الالتهاب في حالة مرضى التهاب المفاصل مهما، لذا لا يصلح هذا الخيار للجميع.

- يمكن استخدام أكثر مضادات الالتهاب الإستيرويدية أمانا، فربما يكون هناك بعض مضادات الالتهاب الإستيرويدية أقل خطرا من أنواع أخرى. وتربط الدراسة الدنماركية بين وصف عقار «الديكلوفيناك» (الفولتارين)، وتزايد احتمال الإصابة بنوبة قلبية ثانية. وتنخفض حالات الإصابة بنوبة قلبية ثانية في حال استخدام عقار «نابروكسين» (أليف أو أسماء تجارية أخرى). أما بالنسبة للمرضى الذين لا يستطيعون تناول الأسيتامينوفين بسبب مشكلات صحية في الكبد أو أسباب أخرى، فيمكنهم تناول «نابروكسين» بوصفه بديلا معقولا، بحسب هوانغ.

- ينبغي تناول الأسبرين أولا، حيث يمنع تجلط الدم الذي قد يؤدي إلى نوبة قلبية. وتشير بعض الدراسات إلى احتمال تفاعل مضادات الالتهاب الإستيرويدية مع التأثير الإيجابي للأسبرين. لذا إذا كنت من مرضى القلب وعليك تناول مضادات التهاب الإستيرويدية، فينبغي عليك تناول الأسبرين أولا والانتظار لمدة ساعة، ثم تناول الجرعة المطلوبة من العقار المضاد للالتهاب، كما يشير هوانغ.

- لا تلجأ إلى هذه المضادات إلا عند الحاجة. وينبغي تناولها لفترة زمنية قصيرة ومن آن إلى آخر؛ مثلا عند الشعور بصداع عادي ناتج عن توتر؛ فهذا يقلل من مخاطره مقارنة بتناوله بانتظام وبجرعات كبيرة لفترة طويلة.

* «رسالة هارفارد - مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا»