الانسداد الرئوي المزمن.. يهدد المدخنين

أول دراسة إقليمية: أكثر من 13 مليون شخص مصابون به في الشرق الأوسط وأفريقيا

TT

أعلنت في مدينة جدة يوم الاثنين الماضي نتائج دراسة «بريث BREATHE» الاستدلالية المرتكزة على السكان، التي تعد أول دراسة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا عن مرض الانسداد الرئوي المزمن، وذلك أثناء انعقاد مؤتمر علمي لمناقشة مرض الانسداد (أو السدة) الرئوي المزمن، وذلك بالتعاون بين الجمعية العلمية السعودية للطب الباطني، والجمعية السعودية لطب وجراحة الصدر. وكانت الدراسة بإشراف شركة «غلاسكو سميث كلاين» العالمية للأدوية.

* الانسداد الرئوي المزمن

* الانسداد الرئوي المزمن مرض تم اختصار كلماته في أربعة حروف هي «سي، أو، بي، دي» أو مرض «Chronic Obstructive Pulmonary Disease، COPD»، وهو اسم عام يطلق على عدد من الحالات منها الالتهاب المزمن للشعب الهوائية وانتفاخ الرئة. ويسبب الانسداد الرئوي ضيقا في ممرات الهواء بالرئتين، مما يزيد صعوبة تحرك الهواء من وإلى الرئتين.

تبدأ أعراض مرض الانسداد الرئوي عادة بالكحة، التي لا تلبث أن تصبح تدريجيا مستديمة أكثر وأكثر، ومع الوقت قد يعاني المريض من صعوبة أو ضيق بالتنفس، حتى من دون بذل مجهود، كما أن المصابين بالسدة الرئوية يكونون عرضة للإصابة بعدوى صدرية أكثر من غيرهم، مما قد يجعل الأعراض تتفاقم على المدى القصير.

وتشير دراسة «بريث BREATHE» إلى أن أكثر من 13 مليون شخص في الشرق الأوسط وأفريقيا يعانون من هذا المرض الناجم عن تدخين السجائر، وأن أقل من ثلثهم تم تشخيصه، أو بدأ بالعلاج اللازم. ويبدو هذا الرقم تحفظيا نظرا لأن مخاطر الإصابة الأخرى مثل تدخين الشيشة أو التعرض للمخلفات حرق الوقود الحيوي، لم تؤخذ بعين الاعتبار، في حساب الأعداد. وبالمثل فإن تقديرات تفشي المرض تبدو بمثابة قمة جبل الثلج فقط، حيث إن نسبة الأفراد المعرضين للإصابة بالمرض تفوق 30% وهم يمثلون حالات في قائمة الانتظار للمرض.

* نتائج الدراسة

* أظهرت دراسة «بريث BREATHE» أن معدل تفشي المرض في السعودية يصل إلى 2.4% في السكان من عمر 40 عاما فما فوق، وأن إجمالي تفشي المرض في الإحدى عشرة دولة، التي أجريت فيها هذه الدراسة، يصل إلى 3.6%، ما يعادل تقريبا نسبة تعداد السكان المصابين بالربو أو الفشل المزمن في عضلة القلب، وأعلى بعشر مرات من نسبة المصابين بالصرع في نفس الفئة العمرية. وإلى الآن تظل المعلومات المتوفرة عن تفشي مرض الانسداد الرئوي المزمن في الشرق الأوسط وأفريقيا محدودة، وأيضا نجد أن حجم العبء المرضي الفعلي في هذه المنطقة لا يزال محدودا إلى حد بعيد.

كما كشفت نتائج هذه الدراسة أن التدخين ما زال يشكل أزمة صحية عامة ومتزايدة في المنطقة بمعدلات تصل إلى 30%. كما أظهرت الدراسة أن نسبة الحالات التي تخضع للعلاج وفقا للخطوط التوجيهية العلاجية الحالية (مثل توجيهات «GOLD2») تقل عن 10%. كما أن العبء الصحي الاقتصادي لمواجهة هذا المرض ضخم بحق، إذ أظهرت الدراسة أن مرض الانسداد الرئوي لمزمن يتسبب في إجمالي 1000 استشارة طبية، و190 ترددا على استقبال الطوارئ، و175 حالة دخول بالمستشفى كل ساعة، في الإحدى عشرة دولة التي أجريت فيها.

ومما خرجت به دراسة «بريث» أيضا أن الكثير من المرضى على دراية ضعيفة بمرض الانسداد الرئوي المزمن وكيفية مواجهته، ويمكن تكثيف الجهود لرفع الوعي بالمرض، فـ30% في المائة من المرضى لم يكونوا متأكدين من السبب الكامن وراء إصابتهم بالمرض، بينما أنكر 50% معرفتهم بأن التدخين سبب محتمل، وما يبعث على القلق أكثر وأكثر أن 65% من هؤلاء المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بهذا المرض ما زالوا يدخنون بصفة مستمرة.

* نجاحات وتوقعات

* يرى الطبيبان السعوديان الدكتور سراج عمر ولي استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم بكلية الطب جامعة الملك عبد العزيز بجدة، والدكتور مجدي بن محمد إدريس استشاري الأمراض الصدرية والباطنية ورئيس قسم الأمراض الصدرية بمستشفى القوات المسلحة بالرياض، وهما من اللجنة التوجيهية في دراسة «بريث BREATHE»، أن هذه الدراسة نجحت لأول مرة في قياس العبء الفعلي للمرض المزمن من حيث تكلفته المجتمعية وتأثير المرض على المرضى وأسرهم في المنطقة. وأشارا أيضا إلى أن هذه الدراسة الاستدلالية تعتبر بمثابة دعوة للعمل لكل الأطباء لتكثيف طرق الوقاية والتشخيص والعلاج وتحسين أسلوب معيشة الـ2.4% مريض من الذين يتعايشون مع هذا المرض المزمن في المملكة العربية السعودية.

ويرى الدكتور محمد هاني سليمان المدير الطبي أن من المتوقع أن تزيد حالات العجز والوفيات بسبب السدة الرئوية المزمنة في الدول النامية خلال العقود القادمة، والسبب في ذلك يرجع في المقام الأول إلى تزايد معدلات التدخين الذي يعد أحد أشهر مخاطر الإصابة بالمرض. ويتطلع إلى أن تمثل هذه الدراسة حجر الزاوية في تأسيس التزام طويل الأثر بتحسين الرعاية التنفسية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

نتائج دراسة «بريث BREATHE» سوف تنشر في مجلة الطب التنفسي قبل نهاية هذا العام، وسيكون لها دور فعال في عملية التخطيط للصحة العامة وتحسين معيشة المرضى المصابين بهذا المرض المزمن من خلال مديري الخدمات الطبية في حكومات الدول بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.