التحفيز العميق للدماغ.. وسيلة فعالة لعلاج مرض باركنسون

يحسن نوعية حياة المرضى في المراحل الأولى للمرض

TT

جرى في الشهر الماضي الاحتفال باليوم العالمي لمرض باركنسون الذي يقع في الحادي عشر من شهر أبريل (نيسان) من كل عام. وقد شهد هذا العام التركيز على طريقة «التحفيز العميق للدماغ»، الذي يمنح مرضى باركنسون أملا جديدا في المراحل المبكرة للمرض. وأظهرت نتائج دراسة «إيرليستيم» عن هذه الطريقة ونشرت في مجلة «ذي نيو إنغلاند جورنال أوف مديسين» بتاريخ 14 فبراير (شباط) هذا العام (2013)، وجود تحسن ملحوظ في نوعية حياة مرضى باركنسون وفي إعاقتهم الحركية. ورعت الدراسة شركة «مدترونيك (Medtronic) »

* علاج موجه

* تشير نتائج دراسة «إيرليستيم (EARLYSTIM) » الأخيرة إلى تغيير في طريقة معالجة المصابين بمرض باركنسون، كما تثبت بأن التحفيز العميق للدماغ Deep Brain Stimulation - DBS يمكن أن يحسن في نوعية حياة المرضى، مما يتيح للمعالجين أن يشعروا بالثقة عند استخدام التحفيز العميق للدماغ في المراحل المبكرة للمرض في حالات مطابقة المرضى لمعايير الاختيار المناسبة.

في حديثه إلى «صحتك» يقول الدكتور فيصل العتيبي استشاري جراحة المخ والأعصاب والجراحة العصبية الوظيفية، قسم العلوم العصبية في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، - إن التحفيز العميق للدماغ هو علاج ثبت أنه يقوم بتحفيز عميق للدماغ في مناطق مستهدفة بشكل محدد عن طريق جهاز طبي يزرع جراحيا شبيه بجهاز تنظيم ضربات القلب. واستنادا إلى أعراض المريض، تكون الخيارات العلاجية المختلفة متاحة، يمكن تحفيز جانب واحد من الدماغ أو كلا الجانبين. ويؤدي التحفيز المستمر لهذه المناطق إلى منع الإشارات التي تسبب الأعراض المعيقة للحركة ويساعد المرضى على تحقيق قدر أكبر من السيطرة على الأعراض المزعجة. ومنذ تاريخ الموافقة على التحفيز العميق للدماغ، تمت معالجة أكثر من 100 ألف مريض حول العالم بواسطته.

* نتائج الدراسة

* و «إيرليستيم» هي أول دراسة واسعة النطاق ومتعددة المراكز تهدف إلى تقييم حالة مرضى باركنسون في مرحلة المضاعفات الحركية المبكرة. وشملت الدراسة السريرية 251 مصابا بمرض باركنسون في 17 مركزا بألمانيا وفرنسا، تمت متابعتهم على امتداد سنتين. وأظهرت نتائج الدراسة تحسنا بنسبة 26 في المائة في نوعية الحياة لدى المرضى الذين تمت معالجتهم بالتحفيز العميق للدماغ (DBS) بالتوازي مع أفضل العلاجات الطبية الأخرى. كذلك، توصلت «إيرليستيم» (EARLYSTIM) إلى اكتشافات مهمة - منها تحسن بنسبة 53 في المائة في القدرات الحركية لدى المرضى الذين يعالجون بالتحفيز العميق للدماغ (DBS) من «مدترونيك»، بينما لم يحدث أي تغيير لدى المرضى الذين خضعوا فقط لأفضل العلاجات الطبية الأخرى؛ وتحسن بنسبة 30 في المائة في مختلف أنشطة الحياة اليومية - بما فيها النطق، الكتابة، وارتداء الألبسة والمشي لدى المرضى الذين تلقوا التحفيز (DBS)؛ وتحسن بنسبة 61 في المائة في المضاعفات الناتجة عن استخدام عقار ليفودوبا – بما فيها خلل الحركة والتقلبات الحركية لدى المرضى الذين تلقوا التحفيز.

* التحفيز العميق للدماغ

* التحفيز العميق للدماغ، هو تحفيز كهربائي خفيف للدماغ يؤثر على التحكم في الحركة، يتم عبر محفز عصبي يزرع في الجسم، أو «جهاز تنظيم نبضات الدماغ»، ويعيق الإشارات في الدماغ التي من شأنها أن تتسبب بأعراض مثل التصلب وبطء الحركة والرجفان. وباستطاعة الأطباء، في مراكز التحفيز العميق للدماغ المتخصصة، إجراء اختبارات لتقييم فعالية النظام قبل الزرع للتأكد من أن الأعراض لدى المريض ستتجاوب بشكل مناسب. فهذا يحول دون التكاليف غير الضرورية والجراحة والآثار الجانبية المحتملة. ولا يحتاج المرضى إلى مزيد من التدخلات الجراحية متى تم زرع هذه الأجهزة لهم التي تتم برمجتها وصيانتها من الخارج.

* الفوائد / المخاطر: اعتبرت نشرة مستقلة أن التحفيز العميق للدماغ هو العلاج الأكثر فعالية لتحسين نوعية الحياة المرتبطة بالصحة في حالة اعتلال باركنسون ويتميز هذا النظام بأنه متوافق مع الحياة اليومية العادية: فالعناية الروتينية بسيطة، والجهاز يمكن زرعه بالكامل، وهو مريح ومتوافق مع الأنشطة المهنية والاجتماعية والترفيهية.

* من يستفيد من هذا العلاج؟ يتم وصف التحفيز العميق للدماغ المرضى الذين يعانون من اعتلال باركنسون والرجفان وخلل التوتر عندما تفشل المعالجة الدوائية في تحقيق نتائج مرضية. ويعاني نحو 1.2 مليون شخص في أوروبا وحدها مثلا من اعتلال باركنسون، يقدر أن 10 - 20 في المائة من هؤلاء المرضى يمكن أن يستفيدوا من التحفيز العميق للدماغ.

* مزايا تحفيز الدماغ

* أظهرت الدراسات أن المرضى الذين تمت معالجتهم بالتحفيز العميق للدماغ أظهروا تحسنا في الوظيفة الحركية، مما يسمح للمرضى أن يكونوا أكثر قدرة على إنجاز الأنشطة اليومية أو حتى العودة إلى العمل.

* يمكن أن يقوم التحفيز العميق للدماغ أيضا بتحسين نوعية النوم لدى المرضى.

* يقلل التحفيز العميق للدماغ بشكل كبير من مدة وشدة الحركات اللاإرادية (وتسمى خلل الحركة) بنحو 70 في المائة، وتحسنا في الوظيفة الحركية يصل إلى 56 في المائة.

* بعد 12 شهرا، شهد المرضى الذين يعانون من اعتلال باركنسون معدل زيادة في فترات الوظيفة الحركية الجيدة وتخفيف حدة الأعراض بلغ 6.1 ساعات في اليوم الواحد.

* شهد المرضى الذين تمت معالجتهم بالتحفيز العميق للدماغ إلى جانب الأدوية عن طريق الفم تحسنا كبيرا في نوعية حياتهم مقارنة مع المرضى الذين تمت معالجتهم بأفضل إدارة طبية والذين لم يشهدوا أي تحسن.

* أظهرت الدراسات أن التحفيز العميق للدماغ يسمح بخفض كبير في جرعة دواء ليفودوبا اليومية المكافئة، وهذا قد يساعد على التقليل من الآثار الجانبية للأدوية عن طريق الفم.