لقاح جديد يقي من تسمم الدم بميكروب الكليبسيلا

باحث مصري يوظف «صمغ النحل» لتقوية فاعليته

TT

بعد أبحاث وتجارب دولية كثيرة للسيطرة على مرض تسمم الدم توصل د. طارق عدنان الباحث في التكنولوجيا الحيوية بمعهد الدراسات العليا والبحوث بالإسكندرية، إلى لقاح جديد للوقاية من مرض تسمم الدم الناتج عن ميكروب الكليبسيلا Klebsiella بعد أبحاث دامت لمدة 5 سنوات، استطاع بعدها تحقيق إنجاز علمي وطبي كبير للسيطرة على المرض الذي يهاجم مرضى السرطان، ومرضى الفشل الكلوي والأطفال الخدج (المبتسرين) والحوامل ومرضى نقص المناعة بشكل عام، مما يؤدي إلى نسبة وفيات مرتفعة.

وسجل الباحث السكندري اللقاح الجديد كبراءة اختراع مصرية، حيث طوع طريقة حديثة لم تستخدم من قبل في إنتاج اللقاحات بغرض إنتاج لقاح مرتبط بالكليبسيلا، وقد تم تقييم نقاء وفاعلية هذا اللقاح بطرق كيميائية وجزيئية ومناعية، ليثبت فعاليته وقابلية استخدامه فعليا على المستوى البيطري مؤقتا، إلى أن تنتهي التجارب السريرية وتسمح باستخدامه مع البشر.

* تسمم ميكروبي

* استند عدنان إلى مبدأ توصل إليه علماء قبله حول تصنيع اللقاحات التي مفادها ضرورة دراسة المحددات المناعية للميكروب في المرضى المصابين به، واستطاع التوصل لطريقة سهلة للكشف عن الميكروب في ثوان، الأمر الذي يحد من عدد الوفيات. ومن المنتظر أن يتم إنتاج اللقاح قريبا بعد وجود الدعم المادي الكافي لتصديره إلى باقي دول العالم.

ويقول د. طارق لـ«الشرق الأوسط»: «تولدت لدي فكرة البحث بعد ملاحظة تزايد أعداد الوفيات نتيجة مرض تسمم الدم الذي يوجد بكثرة في المستشفيات حيث تصل نسبة الوفيات لدى مرضى نقص المناعة المزمن إلى 100%، ويزيد معدل الإصابة به سنويا بنسبة 13.7%». وتظهر أعراض المرض في صورة ارتفاع شديد في درجة الحرارة وزيادة في ضربات القلب وانخفاض ضغط الدم، وخلال 18 ساعة يستطيع ميكروب الكليبسييلا تدمير أجهزة الجسم. وعادة تبدأ رحلة الكشف عن هذا المرض بعمل مزرعة للدم.

ويضيف الباحث المصري أن التعامل مع مشكلة تسمم الدم أمر معقد، حيث إن الميكروب لا ينمو في مزارع الدم التشخيصية مع 50% من المرضي، وحتى إن ظهر فإن الكثير منها يكون له مقاومة عالية للعلاج بالمضادات الحيوية، كما أن الكثير من تلك المضادات قد يكون غير قابل للاستخدام مع عدد من المرضى، وإن تأخرت نتائج المزارع لأكثر من 48 ساعة تؤدي لحدوث الصدمة السمّية قبل البدء في العلاج الفعال الموصى به من المزارع. هذا بالإضافة إلى أن 26% من المرضي يعاودون الإصابة مرة أخرى بنفس الميكروب خلال السنة الأولى من الإصابة الأصلية. ولأن التحكم في هذا الميكروب الشرس أمر معقد فقد جاءت الفكرة للوقاية بدلا من التشخيص والعلاج».

ويؤكد د. عدنان أن الميكروب المسبب لمرض تسمم الدم قد يعيش في الأمعاء البشرية أو في التربة وبعض المزروعات ولكنه لا يصبح شرسا إلا في حالة وصوله إلى الدم، وهنا تكمن خطورته.

* لقاح مضاد

* وحول تركيب اللقاح الجديد، قال: يتركب اللقاح من أجزاء من جسم الميكروب تم استخلاصها بطرق غير مسبوقة مما أكسبه فاعلية، فضلا عن إضافة صمغ النحل كعامل مساعد لتقوية اللقاح، بعدما ثبت تسبب أكاسيد الألمنيوم كعامل مساعد للقاحات في حدوث مرض ألزهايمر والفشل الكلوي، كما ثبت أن بعض المواد الدهنية مثل «مادة السكوالين» المستخرجة من زعانف سمك القرش تتسبب في أمراض حديثة، ففضلت الاستعانة بصمغ النحل كمادة طبيعية استخدمت بكثرة في الطب الصيني ولها فوائد كثيرة كتقوية المناعة وتقوية مفعول اللقاح وإطالة أمده وتأثيره، كذلك فهي تحمي اللقاح داخل الجسم. ويطالب د. عدنان برعاية الحالات الحرجة لتسمم الدم التي تحتاج لمزيد من الدعم الاجتماعي على المستوى المالي والبشري، وتأسيس مؤسسات خيرية تدعم البحث العلمي وبراءات الاختراع ماديا كما هو الحال في الخارج. وذلك لأن المؤسسات الخيرية تدعم شراء الأدوية لكن لا تهتم بدعم حل المشكلات من جذورها وتملك فكرتها، والاستفادة من تلك الأفكار واستثمارها. وقد اعتبرت العالمة المصرية المسؤولة عن إنتاج لقاح البلهارسيا، أ.د. رشيقة الريدي أن البحث العلمي للدكتور عدنان من أفضل ما قرأت، وهنأت المجموعة البحثية على هذا العمل المتكامل والنتائج المبهرة. وأشارت إلى أن الرسالة يجب أن تنتقل للعالمية لنتباهى بها جميعا.