هوس الجمال.. حالة نفسية يمكن علاجها

«اضطراب التشوه الجسدي» لا يعبر عن مشكلة جمالية حقيقية

TT

لكل منا سلاح يستخدمه في حياته، فالبعض يستخدم جماله سلاحا لمواجهة الحياة، والبعض الآخر يستخدم علمه! والمتفق عليه أن الجميع يسعى للحصول على جمال لا مثيل له من حيث الأنف والشفتين وملامح الوجه وقوام الجسم.. إلخ، بالطريقة المعقولة، ولكن المشكلة تكمن في فئة من الناس الذين يصبح موضوع الجمال هوسا في حياتهم.

عرضت «صحتك» هذا الموضوع الشيق والمهم بأبعاده الجسدية والنفسية على أحد أبرز المتخصصين في التجميل، الدكتور ممدوح عبد العزيز عشي استشاري جراحة التجميل والحروق والليزر، ليحدثنا بشكل أوضح عن مرض «اضطراب التشوه الجسدي»، بصيغة أسئلة تدور في خلد القراء.

* اضطراب التشوه الجسدي

* بداية ما مرض «اضطراب التشوه الجسدي»؟

- مرض نفسي صعب جدا، ويظهر على عدة أشكال، وتكون لدى المصابين به أفكار وتصورات خاطئة مستمرة، تتعلق بمظهرهم.

* كيف نفرق بين من يعاني من هوس الجمال المرضي ومن يعاني فعلا من مشكلة جمالية؟

- الفرق بين الحالتين بسيط للغاية، فنحن هنا في موضوع هوس الجمال نتحدث عن مرض مختلف، ولا نتحدث عن أشخاص مصابين بمشكلة جمالية مثل الحروق أو أي تشوه آخر يمكن أن يؤدى إلى مشكلات نفسية، بل نتحدث عن أشخاص سليمين جسديا ولا توجد لديهم أي مشكلة جمالية كبيرة، بل يميلون في معظم الحالات إلى الجمال بصوره عالية.

* من يستطيع تحديد الشخص المصاب؟

- هذه من مهام وواجبات جراح التجميل عادة، فهو من يستطيع التفريق بين الحالتين وتحديد الشخص المصاب بالمرض منهما.

* في أي عمر يمكن أن يصاب الشخص بالمرض؟

- أثبتت الدراسات العلمية بأن أعراض المرض يمكن أن تظهر على الإنسان في أي سن أو مرحلة عمرية، فقد يشكو من الأعراض طفل في سن الخامسة أو شاب أو شابة في مرحلة المراهقة أو مرحلة النضج، وقد يكون المريض في سن الكهولة في الثمانينات.

* هل هناك دراسة تبين نسبة الإصابة بالمرض؟

- إذا نظرنا إلى المجتمع العربي فلا نجد، مع الأسف، أي دراسة دقيقة لهذا المرض، لكن نسبة الإصابة بالمرض عالميا حسب الدراسات هي في حدود 1% من أفراد المجتمع ككل، كما وجد أن 10% من مراجعي عيادات التجميل مصابون بمرض اضطراب التشوه الجسدي.

* كم نسبة إصابة المرض بين الرجال والنساء؟

- يصيب المرض الإناث والذكور على حد سواء، لكنه ينتشر بين الرجال أكثر من النساء ويكون لديهم أكثر حدة وشدة.

* أعراض وأسباب

* ما أعراض المرض؟

- تتفاوت الأعراض وشدتها من شخص لآخر، ومن أكثرها شيوعا: انغماس المصاب وانشغاله بشدة بمظهره الجسدي، وتكرار تفحصه لمظهره في المرآة، مقارنا مظهره بالآخرين بصورة مستمرة مما يجعل لدى المصابين درجة مرتفعة من الغيرة، والإفراط في العناية الشخصية، ورفض الزواج، وطلب إجراء عمليات التجميل بإلحاح، والتعرض المتكرر للإجراءات الطبية والعمليات التجميلية دون الحصول على رضا كاف.

* ما أكثر الأعضاء التي يمكن أن يتخيل المريض تشوهها؟

- لقد وجدنا أن هوس الجمال يمكن أن يصيب الشخص في أي عضو من جسمه، لكن عادة يتركز المرض نحو الأعضاء الصغيرة الظاهرة مثل الأنف، والشفتين، والعينين، والأذنين والصدر لدى الرجال.

* ما خطر إجراء عملية تجميلية من هذا النوع لهؤلاء المرضى؟

- في حال لم يجر تشخيص الحالة سريعا لهؤلاء المرضى من قبل جراح التجميل لجهله بحالة المريض، فقد يتسبب ذلك في إقدام الطبيب على إجراء العملية الجراحية التي قد تؤدي، خصوصا في حال عدم وجود مشكلة جمالية، إلى انتكاسة كبيرة للمريض وزيادة حالته المرضية سوءا.

* ما أسباب ظهور المرض؟

- لم يعرف السبب المحدد للإصابة بهذا الاضطراب، ولكن هناك كثير من العوامل التي تساعد على ظهور أعراض المرض، نذكر منها:

- العوامل الوراثية، إذ أظهرت بعض الدراسات أن الشخص يكون أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب إذا كان أحد أفراد عائلته مصابا به أيضا.

- اضطرابات كيميائية، إذ ثبت من الدراسات أن المرض يحدث نتيجة اضطراب في مادة السيروتونين بالمخ.

- أمراض نفسية، حيث أظهرت الدراسات أيضا أن أعراض المرض يمكن أن تكون مصاحبة لأمراض نفسية مزمنة.

- ضغوط اجتماعية وبيئية، فالبيئة والتجارب الشخصية قد تساهم في الإصابة بهذا الاضطراب مثل:

- ضغط العائلة في حال تأخر زواج الفتيات، إذ تشعر الفتاة بأن تشوها ما بسيطا في جسمها هو السبب في ذلك مما يضخم هذا التشوه في نظرها.

- تحكم الأهل في الهيئة الخارجية لشكل الفتاة، مثل شعرها ومظهرها ومكياجها، مما يسبب اضطرابا شديدا وصراعا في الرغبات بين ما تريده الفتاة وما يفرضه عليها أهلها.

- التعرض لضغوط نفسية معينة، كالتعرض للسخرية في مرحلة الطفولة أو الإساءة المتعلقة بالمظهر، خصوصا في سن المراهقة.

- كما لوحظ انتشار المرض في الأوساط الاجتماعية التي لديها تركيز اجتماعي مفرط على الجمال.

* طرق العلاج

* ما طرق العلاج؟

- يجب أولا أن يجري تشخيص الحالة جيدا من قبل طبيب الأمراض النفسية وذلك عن طريق وضع خطة علاج تفي بالغرض.

* ما الذي يمكن حصوله في حال خضع المريض لعملية تجميل؟

- في حال عدم علاج حالة اضطراب التشوه الجسدي لدى المريض مبكرا، وتعرضه لعمليات تجميل دون الحاجة الفعلية لإجرائها، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تشوه كبير للمريض، قد تصل بعض الحالات فيه إلى رفع شكاوى ضد الأطباء من قبل هؤلاء المرضى لعدم قناعتهم بنتيجة العملية، وأحيانا يتعرض أطباء التجميل إلى الاعتداء الجسدي من قبل هؤلاء المرضى.

* ما النصيحة التي تود توجيهها بشكل عام؟

- يجب على أهل المريض المصاب بهذا المرض عدم إهماله، والاعتقاد بأن المشكلة تكمن في عدم الثقة بالنفس، واللجوء إلى المشورة الطبية، كما يجب على أطباء التجميل أن تكون لديهم دراية بهذا المرض، حيث تمكنهم من تشخيص المرض وتحويل المرضى للعيادات النفسية للعلاج مبكرا وقبل الإقدام على أي إجراء جراحي، وعدم إجراء عمليات جراحية للمصاب، حيث إن ذلك يخالف القوانين الطبية والأخلاقية المهنية والدينية.