بين الخطأ والصواب

TT

* فوائد الحبل السري بعد الولادة

* يتسرع بعض المشرفين على الولادات من الأطباء والمولدات (القابلات) في قطع الحبل السري للمولود فور ولادته، وهو إجراء قديم على الرغم من أنهم يقومون بالضغط على الحبل السري باتجاه المولود بهدف دفع الدم إليه.

تعتبر عملية ربط وقطع الحبل السري واحدة من التدخلات الجراحية الأكثر شيوعا التي تمارس عند البشر منذ قرون مضت، يتم بواسطتها فصل الطفل المولود عن أمه. وقد ظل، لفترة طويلة، موضوع اختيار التوقيت المناسب لربط الحبل السري cord clamping ثم قطعه، محل نقاش بين الأطباء على نطاق واسع، فمنهم من يميل إلى ربط الحبل وقطعه بعد خروج المولود مباشرة، ومنهم من يميل إلى الانتظار لدقائق معدودة.

وحيث إنه لم تكن هناك آلية واضحة بشأن التوقيت الأمثل لقطع الحبل السري بعد ولادة الطفل، فقد دعا الكونغرس الأميركي لأطباء النساء والتوليد (ACOG) مطالبا بتحديد التوقيت المثالي لربط الحبل السري بعد الولادة وتحديد إيجابيات ذلك. وعليه أجريت دراسة مرجعية على نحو 4000 امرأة مع أطفالهن، نشرت نتائجها في مجلة « لانست » (Lancet 11) يوليو (تموز) 2013 الماضي، أجراها فريق من مركز الأبحاث الأسترالي لصحة المرأة والطفل بجامعة أديليد Adelaide.

دراسة حديثة أخرى، أجراها علماء من جامعة غرناطة ومستشفى سان سيسيليو السريرية في إسبانيا، بقيادة البروفسور خوليو خوسيه هيريرا أوتشوا Prof. Julio José Ochoa Herrera، ونشرت نتائجها في مجلة طب الأطفال، المجلة الرسمية للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP). وجرى هذه الدراسة تقييم لـ64 طفلا من حديثي الولادة لأمهات سليمات صحيا وكان حملهن طبيعيا وولادتهن مهبلية تلقائية (دون تدخل). تم قطع الحبل السري بعد 10 ثوان من الولادة لنصف عدد الأطفال، وبعد دقيقتين للنصف الآخر.

وبناء على نتائج هاتين الدراستين وعدد آخر غيرهما، جاءت توصيات منظمة الصحة العالمية (WHO) بتأييد التوقيت المتأخر لربط الحبل السري وحدد بأن يكون (ما بين 1 - 3 دقائق بعد الولادة)، وذلك للنتائج الإيجابية التي أثبتتها الدراسات والأبحاث ومنها ما يلي:

* التوقيت المتأخر لربط الحبل السري يسمح باستمرار تدفق الدم من مشيمة الأم إلى الوليد لإكمال حجم الدم لديه.

* الربط المتأخر للحبل السري يساعد على تركيز الهيموغلوبين وتخزين الحديد في دم الطفل الرضيع لمدة تصل إلى 6 أشهر بعد الولادة، وبالتالي تقليل فرص الإصابة بالأنيميا.

* كان هناك تأثير مفيد على زيادة القدرة المضادة للأكسدة لدى المواليد الذين قطع الحبل السري لهم بعد دقيقتين.

* كان هناك تأثير إيجابي لتقليل آثار الالتهابات التي يتعرض لها عادة الأطفال حديثي الولادة الناجمة أثناء المخاض، مما يحافظ على صحة وسلامة المولود في أيامه الأولى من الولادة.

* المساعدة على زيادة الوزن عند الأطفال.

* لم يلاحظ تعرض الأمهات لخطر النزف وفقدان الدم أو هبوط مستوى الهيموغلوبين نتيجة تأخر ربط الحبل السري.

* أمراض لا تزال تحصد الأرواح

* تشير الدراسات الإحصائية المرجعية إلى زيادة متوسط عمر الإنسان المتوقع العالمي بنسبة 5.8 سنة في الرجال و6.6 سنة لدى النساء بين عامي 1990 و2013، وفقا للتحليل الإحصائي لدراسة العبء العالمي للأمراض 2013، 2013 Global Burden of Disease Study GBD 2013، وذلك على الرغم من استمرار ارتفاع معدلات الوفاة الناجمة عن بعض الأسباب خلال نفس الفترة، وفقا لمجلة لانسيت في عددها الصادر في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2014، بما في ذلك سرطان الكبد الناجم عن التهاب الكبد «سي» (بنسبة 125 في المائة)، الرجفان الأذيني والرفرفة (اضطرابات خطيرة من إيقاع القلب، بنسبة (100 في المائة)، واضطرابات تعاطي المخدرات بنسبة (63 في المائة)، وأمراض الكلى المزمنة بنسبة (37 في المائة)، واضطرابات الخلايا المنجلية بنسبة (29 في المائة)، ومرض السكري بنسبة (9 في المائة)، وسرطان البنكرياس بنسبة (7 في المائة).

ويعزا ذلك إلى ارتفاع مستويات الوعي الصحي عند معظم طبقات المجتمع، فلقد وجد في المناطق ذات الدخل المرتفع، انخفاض معدلات الوفاة عند الإصابة بمعظم أنواع السرطان بنسبة (15 في المائة)، وأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة (22 في المائة)، فزاد متوسط العمر المتوقع. كما وجد تراجع سريع في معدلات الوفيات للإسهال، عدوى الجهاز التنفسي السفلي، اضطرابات الأطفال حديثي الولادة فساعد في تمديد متوسط العمر المتوقع في البلدان ذات الدخل المنخفض.

نتائج دراسة العبء العالمي للأمراض (GBD 2013) اشتملت على أهم المؤشرات: عالمي، إقليمي، وطني، العمر، الجنس، تحديد أسباب الوفيات من بين 240 سبب للوفاة للفترة 1990 - 2013 (نحو ربع قرن)، في 188 بلدا.

ومع زيادة متوسط العمر المتوقع في جميع أنحاء العالم، نجد هناك منطقة مستثناة وهي منطقة جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، حيث تمحى الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز أكثر من 5 سنوات من متوسط العمر المتوقع. لقد أظهرت هذه الدراسة أن بعض الأمراض المزمنة الرئيسية قد أهملت إلى حد كبير خاصة اضطرابات المخدرات، تليف الكبد، السكري، وأمراض الكلى المزمنة، وهي من الأمراض المنهكة للصحة والمؤثرة على حياة الإنسان.

يشيد قائد فريق الدراسة (GBD 2013) البروفسور كريستوفر موراي Christopher Murray، أستاذ الصحة العالمية في جامعة واشنطن بالتقدم الملحوظ الذي نشهده ضد مجموعة متنوعة من الأمراض والإصابات، والتأثير الحقيقي للزيادة الكبيرة في العمل الجماعي والتمويل الممنوح للأمراض المعدية الرئيسية مثل الإسهال والحصبة والسل وفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، والملاريا، إلا أننا نحتاج للمزيد للتغلب عليها نهائيا.

كان من أهم النتائج لهذه الدراسة العالمية ما يلي:

* لا يزال هناك 3 من أعلى 5 أمراض مستمرة تحصد أرواح ما يقرب من مليوني طفل تتراوح أعمارهم بين 1 و59 شهرا في كل عام، منها: التهابات الجهاز التنفسي السفلي - الملاريا - أمراض الإسهال.

* على الرغم من الانخفاض المستمر للوفيات في أنحاء العالم بسبب فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز منذ ذروته في عام 2005، إلا أنه لا يزال أكبر سبب للوفاة المبكرة في 20 من 48 بلدا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

* إن أعلى 10 أسباب رئيسية للوفاة المبكرة في جميع أنحاء العالم لم تتغير منذ عام 1990، وما زالت تقضي على سنوات العمر.

* الحرب هي السبب الرئيسي للوفاة المبكرة في سوريا، حيث أسفر الصراع عن قتل عدد هائل من الناس.

* في أوروبا الشرقية، كان نصف عدد جميع الوفيات المبكرة في عام 2013 بسبب مرض نقص تروية القلب، السكتة الدماغية، إيذاء النفس، تليف الكبد، وإصابات الطرق.

* في الهند، ارتفع متوسط العمر المتوقع عند الولادة من 57.3 سنة إلى 64.2 سنة للرجال بين عامي 1990 و2013 و58.2 سنة إلى 68.5 سنة للنساء خلال الفترة الزمنية نفسها، حيث حققت الهند تقدما ملحوظا في الحد من وفيات الأطفال والكبار. الانتحار هو مشكلة صحية عامة كبرى في الهند، فنصف الوفيات الناجمة عن الانتحار تحدث في الهند والصين وحدهما.

* إصابات الطرق والعنف بين الأشخاص، هي من أهم مسببات الوفيات المبكرة في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، لتحتل المرتبة الأعلى بين 5 أسباب رائدة لـ17 دولة من أصل 29 بلدا في المنطقة.

استشاري في طب المجتمع مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة [email protected]