دراسة حديثة تستعرض التجربة السعودية في مجال تشغيل المستشفيات وأسباب التحول إلى نظام التشغيل الذاتي

TT

كشفت التجربة السعودية في تشغيل المستشفيات الحكومية حتمية التحول من نظام تشغيل الشركات إلى نظام التشغيل الذاتي، حيث قامت وزارة الصحة السعودية خلال السنوات الثلاث الماضية بدراسة متأنية لتجربة التشغيل بنظام الشركات راجعت خلالها أوجه القصور والسلبيات التي واكبت مراحل التشغيل المختلفة بهدف تلافي المعوقات ورفع كفاءة الأداء وترشيد الإنفاق.

وتمخض عن ذلك قيام وزارة الصحة بإعداد برنامج للتحول التدريجي من نظام تشغيل الشركات إلى نظام التشغيل الذاتي عن طريق البرامج، بحيث تتولى الوزارة مهام التشغيل الطبي والإشراف على أعمال التشغيل غير الطبي والتغذية والصيانة الطبية، التي يتم اسنادها جميعاً إلى متعهدين متخصصين في تلك المجالات.

وبالفعل صدرت الموافقة على هذه المقترحات بالتدرج في تشغيل 31 مستشفى حكوميا في مختلف مناطق السعودية تشغيلاً ذاتياً، تم التشغيل الفعلي لسبعة منها ويجري حاليا البدء في تشغيل مستشفيات أخرى على مستوى السعودية.

وأكدت دراسة حديثة عن «تجربة المملكة العربية السعودية في تشغيل المستشفيات الحكومية»، تمت مناقشتها في مؤتمر الاتجاهات الحديثة في إدارة المستشفيات الخاصة والحكومية في الوطن العربي، الذي انعقد بالقاهرة أخيراً بمشاركة 250 من الخبراء وأصحاب المستشفيات بالوطن العربي، ان تجربة السعودية في تشغيل المستشفيات تعتبر من التجارب الفريدة التي شهدتها النهضة الصحية الشاملة في السعودية خلال الخمس والعشرين سنة الماضية، مشيرة إلى أن وزارة الصحة استطاعت أن تحقق خلال خطط التنمية الخمسية تقدماً مطرداً في توفير الخدمات العلاجية.

وقد لعبت عدة عوامل دوراً في إعادة النظر في هذا الأسلوب والتفكير في بدائل أخرى لتشغيل المستشفيات الحكومية ومنها التوسع في تشييد المستشفيات الكبيرة والنقص الحاد في أعداد القوى العاملة الوطنية المتخصصة في المجالات الصحية وتبني الحكومة لمفهوم الرعاية الصحية الأولية كوسيلة لبلوغ هدف الصحة للجميع، ورغبة الوزارة في التفرغ لمهام التخطيط والتنظيم والإشراف والرقابة ورغبة الحكومة بزيادة فرص القطاع الخاص لإدارة وتشغيل وصيانة المشاريع التي تقيمها الدولة ونجاح التجارب الأولى في نظام التشغيل من قبل الشركات، بالاضافة إلى رغبة الوزارة في مواكبة الأساليب العصرية المعمول بها في كثير من دول العالم.

وأشارت الدراسة التي أعدها الدكتور فهد بن عتيق العتيق، منسق قطاع البرامج الصحية بمعهد الإدارة العامة بالرياض، الى أن هذه العوامل دفعت الحكومة السعودية إلى المضي في التحول إلى التشغيل الذاتي وبشكل متدرج مرحلياً وكانت مراحل التحول من خلال أربع مراحل رئيسية الأولى مرحلة التشغيل عن طريق اتفاقيات التعاون الثنائي بين الحكومة والدول الأخرى، والثانية مرحلة التشغيل الجزئي، والثالثة التشغيل الشامل، وأخيراً التشغيل الكامل.

وأسفرت تجربة التشغيل عن العديد من الإيجابيات على رأسها استقطاب الكوادر المتميزة في المجالات التخصصية الطبية والنهوض السريع بمستوى الخدمات الصحية الحكومية لتواكب التطور التقني والفني في مجال الرعاية الصحية وتوفيرها بأفضل جودة ونوعية ممكنة، وتوفير الظروف الملائمة لقيام شركات وطنية مؤهلة في تشغيل المستشفيات وجذب رؤوس الأموال الوطنية إلى القطاع الصحي وإدخال أساليب إدارية حديثة في إدارة المستشفيات الحكومية ومواكبة التطور السريع في مجال التقنية الطبية لضمان توفير المعدات والأجهزة وفقاً لأحدث المستجدات الصناعية وتخفيف العبء الإداري عن القطاع الحكومي.

وعلى الرغم من ذلك، أكدت الدراسة أن تجربة قيام مؤسسات وشركات القطاع الخاص في تشغيل وإدارة وصيانة المستشفيات تعتبر ناجحة وساهمت في إعطاء القطاع الخاص الخبرة اللازمة لتطوير المستشفيات بالتعاون مع القطاع العام بما يتماشى مع ترشيد النفقات وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد. وكشفت الدراسة أن العودة مرة أخرى لنظام التشغيل الذاتي سيحقق العديد من الإيجابيات التي تسعى وزارة الصحة لتحقيقها ومنها رفع كفاءة الأداء في المجال الطبي والإداري وتفعيل برامج الإحلال والسعودة وتحقيق المرونة المالية والإدارية من خلال اعتماد أسلوب البرامج في التشغيل وتفعيل برامج الجودة والنوعية في المستشفيات وتحقيق فكرة إيجاد ميزانية مستقلة لكل مستشفى بغرض الوصول إلى التحليل الأمثل لتكلفة التشغيل ومعرفة أساليب ضبط التكاليف.

=