استشارات طبية

بإشراف د. حسن محمد صندقجي *

TT

«المُحليات الصناعية» والسرطان

* ما هو الصحيح في تسبب مواد «المُحليات الصناعية» لمشروبات «الدايت» بالسرطان؟

فاديه فضل الله ـ لبنان ـ لا تُوجد إجابة واحدة عن صيغة سؤالك الصحي هذا، بل نوعية الإجابة عـ«ما هو الصحيح» في تسببها بالسرطان أو عدم ذلك. والسبب أن الناس أنواع فيما يُقنعهم أو يتصرفون على أساسه، وكذلك الحال في إجابات الأطباء حينما تكون عامة وليست خاصة بأشخاص معينين يعلمون تفاصيل وضعهم الصحي. بمعنى أن ثمة من الناس من يتخذ جانب الحيطة والحذر إذا ما كانت ثمة شكوك علمية، حول أمر ما، من الناحية الصحية. وآخرون يتصرفون وفق «اليقين» و«تأّكد صحيح» فقط في ترك الإقبال على شيء ما أو في الإقبال عليه. وبين هؤلاء، هناك من ينظر إلى أهمية الأمر بالنسبة إليه، ووفقاً لذلك لا يُقبل إلا إذا ثبتت السلامة، وبعضهم لا يُقبل إلا إذا ثبت النفي، وهكذا إذا كان الأمر غير مهم فإنه تصرفه سيختلف. و«المُحليات الصناعية» مواد تُستخدم بدلاً من السكر في تحلية المشروبات أو الأطعمة. ولأنها أكثر حلاوة من السكر، ما بين عشرات إلى مئات المرات، فإن ما يلزم لتلك الغاية منها هو كميات ضئيلة. وما هو مُستخدم عالمياً منها يتم الإشراف على الموافقة ببدء إضافته للأطعمة والمشروبات، في مناطق مختلفة من العالم، من قبل نفس الهيئات التي تضبط الموافقة على الأدوية، مثل إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة مثلاً. وعليه، فإن القول بثبوت تسبب الأنواع الشائعة الاستخدام اليوم منها، بحالات السرطان هو قول لم يثبت ما يدعمه يقيناً حتى اليوم ومما هو متوفر من نتائج الدراسات. ولذا لا يصح القول بصفة جازمة أنها تتسبب في الإصابات السرطانية. وعلى الوجه الآخر من العملة نجد مكتوباً بوضوح أن ثمة شكوكاً علمية قوية حول مدى سلامتها من التسبب بالسرطان، والدليل هو أن ثمة عدداً لا يُستهان به من الدراسات التي تطرح هذه الإشكالية في نتائجها. وهنا يأتي دور الحاجة إليها، في اختيار اللجوء إليها كبديل للسكر، المُحتوي على سعرات حرارية. وإن كانت لدى المرء مشكلة سمنة أو زيادة وزن أو أن لديه اضطرابات في نسبة سكر الدم، فإن الاستفادة منها ربما تكون أفضل من تناول السكر. هذا مع العلم أن هذا الكلام هو حول استخدامها في تحلية الشاي أو القهوة أو المشروبات الغازية وغير الغازية. أما في صنع معجنات، كـ«الدونات» أو الكعك أو غيره، فإن من غير المنطقي الاهتمام ببضع عشرات من السعرات الحرارية (كالوري) في السكر المُضاف إليها ونسيان المئات من السعرات الحرارية في الطحين أو الزبدة أو البيض المُضاف إليها لصنعها. أما إن لم تكن ثمة حاجة إليها بالأصل، ويستطيع المرء الاستغناء عن إضافة السكر، أو الاستغناء عن شرب المشروبات الغازية، كسلوك صحي جيد، فإن من الأفضل تجنيب الأطفال، على أقل تقدير، تناول هذه المُحليات الصناعية.

عفن المنازل والصحة

* هل هناك تأثيرات صحية لعفن المنازل، وما بالإمكان فعله لمعرفة مدى وجوده وللتخلص منه؟

عبد الحي أحمد ـ القاهرة ـ ما هو متوفر من أدلة علمية حول عفن المنازل لا يزال دون المستوى المطلوب، ولذا فإن جوانب منه هي محل اختلاف ومناقشات علمية. وليس المقصود بهذه النواحي جانب حقيقة ضرره بصحة الإنسان، بل هي في جانبي كيفية فحص المنازل لتبين مستوى العفن فيها، وما هي النسبة الطبيعية وغير الطبيعية لذلك.

ومما هو أكيد جانبان، الأول أن ثمة مشكلة تتمثل في تشبع بعض المنازل أو أجزاء منها بكميات من العفن، نتيجة أسباب عدة. والثاني أن مواد العفن ضارة بالصحة، وبشكل عميق أحياناً، خاصة على كبار السن ومرضى السكري والأطفال الرُضع والحوامل ومنْ تمت لهم عمليات زراعة أعضاء ومنْ يتناولون أدوية لخفض المناعة ومرضى الربو والحساسية وغيرهم. وعلينا ملاحظة أن العفن بالأصل هو فطريات، قد تنمو طوال العام، داخل المنازل وخارجها. وثمة أنواع كثيرة منها. وما يُشجع نموها بالدرجة الأولى هما الرطوبة ودفء درجة حرارة الجو، إلا أن تلك الفطريات قد تنمو وتتكاثر، في أجزاء من المنازل، حتى في الأجواء الباردة أو الأجواء الجافة.

وغالباً ما يوجد العفن على هيئة بؤر، تمثل نمو وتكاثر مستعمرات للفطريات، في أجزاء المنزل الباردة والرطبة، كالحمامات والمطابخ والشقوق وخلف ورق الجدران والستائر وتمديدات المياه والمكيفات وغيرها.

وصحيح أن الأشخاص الأصحاء قد لا يتأثرون غالباً بدخول فطريات العفن إلى أجسامهم، إلا أن البعض، ممن تقدم وصفهم، عرضة لذلك التأثر العميق نتيجة لضعف جهاز مناعة الجسم. ومع ذلك، فإن المهم في العفن، هو احتمالات حصول تفاعلات من الحساسية جراء التعرض لما يتطاير منه. وتفاعلات الحساسية هذه تتراوح ما بين حساسية الجلد إلى ظهور أعراض أشبه بنزلات البرد، وربما ارتفاع في حرارة الجسم، جراء ذلك وليس جراء وجود التهاب ميكروبي في الجهاز التنفسي. كما أن بعض مرضى الربو قد تثور لديهم نوباته جراء التعرض لأجزاء متطايرة من العفن. وهو ما يُملي ضرورة ألا تُترك أي فرصة للعفن كي يُوجد في أي جزء من المنزل.

وبالرغم من الإشكالية المتمثلة في عدم وجود وسيلة دقيقة متفق على الاحتكام إليها في تقييم مستوى عفن المنازل، وعدم وجود معايير ذات أرقام واضحة لتبيين ما هو آمن صحياً وغير آمن من المنازل الملوثة بالعفن، إلا أنه يُمكنك فعل الكثير لحماية نفسك وسكاني المنزل معك من العفن، كما يُمكنك التنبه إلى وجودها متى ما شممت رائحتها المميزة. وأهم خطوة لمنع نمو وتكاثر فطريات العفن داخل المنزل، هي وضع حد لوجود أماكن رطبة ومبللة فيه، مثل التي تحصل نتيجة تسريب الأنابيب المحتوية على مياه، نظيفة أو غير نظيفة. والاهتمام بتهوية أجزاء المنزل، خاصة الحمامات والمطابخ، من خلال المراوح القوية. وما تجدر الإشارة إليه أن تلك المراوح ليست من الناحية الصحية موجهة بالدرجة الأولى نحو طرد الروائح، بل للتهوية والقضاء على الرطوبة. وكذلك الحرص على تجفيف أي تجمعات للمياه أو الرطوبة في الحمامات والمطابخ والغرف، والاهتمام بالكشف على الأسقف وتمديدات التكييف، وتنظيف أي بؤر عفن بالمنظفات الصناعية الفاعلة في إزالتها ومنه تكرار وجودها.

تشحم الكبد

* أجريت أشعة صوتية للبطن لفحص المرارة، وأخبرني الطبيب أن لدي شحوما في الكبد. وأنا لا أشكو من شيء، كيف أُصبت بهذا، وما أعمل؟ خاصة أن الطبيب لم يُطمئني حول هذا.

محمد المدني ـ السعودية ـ من الطبيعي أن يحتوي الكبد كعضو على كمية من الشحم، لأسباب عدة أهمها يتعلق بدور الكبد في إنتاج الكولسترول والدهون الثلاثية واستقباله للمواد التي يتم امتصاصها من الأمعاء، والدهون منها. لكن حينما تزداد كمية الشحوم في الكبد بما يتجاوز نسبة 10% من كتلته، ويبدو ذلك واضحاً في بعض أنواع الأشعة للكبد أو في عينة أنسجة الكبد، فإن حالة تشحم الكبد يتم تشخيص وجودها. والأمر باختصار شديد يحتاج إلى اهتمام لتفادي عواقب محتملة، وإن كانت بنسبة متفاوتة بين المُصابين، على حسب سبب نشوء ذلك.

وجود شحوم في أنسجة الكبد، بحد ذاته لا يتسبب بشكل مباشر في تلف خلايا الكبد أو في تلف التركيب الفريد لأنسجته، وأيضاً لا يتسبب في ظهور أعراض مرضية قد يشكو المريض منها، كالألم أو غيره. ولكنه قد يُثير نشوء عمليات التهابية، تحصل بوتيرة بطيئة وعبر سنوات، بكل تداعيات ذلك على الكبد وتركيب أنسجته. بمعنى أن وجود الشحوم في داخل خلايا الكبد قد يُثير عمليات التهابية تُؤدي إلى تلف الخلايا وتلف تراكيب أنسجة الكبد، ما يُؤدي إلى تليف أو تشمع الكبد.

ومن المهم أن يكون سليماً تشخيص الإصابة بتشحم فقط في الكبد، بمعنى ألا يكون تشحم الكبد مصاحباً لأمراض أخرى في الكبد أو غيره.

وهناك نوعان من تشحم الكبد، أحدهما مرتبط بتناول الكحول، بأي كميات. والآخر لا علاقة له بالكحول بل قد يكون إما مصاحباً لزيادة كمية الطاقة في الطعام اليومي، أو للسمنة أو لمرض السكري. أو من دون وجود أي من هذه الحالات. وعلى الرغم من عدم وجود دواء يُمكن للمرء تناوله لإزالة الشحوم المتراكمة في الكبد، إلا أن الكثير يُمكن فعله للتغلب على المشكلة وإزالة الشحوم عن الكبد، مثل إنقاص الوزن، وخفض تناول الشحوم، وخفض نسبة الدهون الثلاثية في الدم، والامتناع عن الكحول، وضبط سكر الدم والحرص على تناول وجبات تحتوي الخضار والفواكه، وممارسة الرياضة، والمتابعة لدى الطبيب بانتظام.

وما أنصحك به أن تستفهم من طبيبك عن السبب، ومدى تأثر أنسجة ووظائف الكبد، إضافة إلى ما ينصحك به، بما يناسب وضعك، من وسائل علاجية.

* استشاري باطنية وقلب ـ مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض ص.ب. 7897، الرمز البريدي 11159 [email protected]