أستشارات طبية

TT

* السكري وسن اليأس

* أنا مُصابة بالسكري. وبدت عليّ أعراض بلوغ سن اليأس. هل من علاقة بينهما؟

زينب. ع - القاهرة ـ هذا ملخص سؤالك، الذي لم يتضح لي منه ما هي وسيلة معالجة السكري لديك، أي هل هي الحمية الغذائية فقط، أم الحبوب الدوائية مع أو من دون الأنسولين. كما لم يتضح لي من السؤال هل لديك مضاعفات للسكري أو أي أمراض مزمنة أخرى؟. ومع ذلك، فإن بلوغ سن اليأس هو وصول المرأة إلى مرحلة من العمر ينقطع فيها حصول الدورة الشهرية. واجتماع مرض السكري مع بلوغ سن اليأس، يُمثل حالة خاصة تتميز باحتمالات حصول اضطرابات في الجسم، عليك إدراك ماهيتها، كي يُمكنك القيام بالتصرف السليم حال ظهور أي منها، بمعنى أن بلوغ المرأة الطبيعية لسن اليأس ليس كمثل بلوغها تلك المرحلة عندما تكون مُصابة بالسكري. وعليك التنبه من خمسة جوانب لها. الأول، يتعلق بتأثيرات التغيرات في نسبة هرمونات الأنوثة، التي تترك أثراً على ضبط نسبة سكر الدم، في جانبي الارتفاع أو الانخفاض، ما يتطلب متابعة ومعالجة لمنع حصول أي مضاعفات. والثاني، تلك الملاحظة لارتفاع وزن جسم المرأة، وكمية الشحم فيه، عند بلوغ سن اليأس، ما يُؤثر في ضبط مرض السكري وكمية الأدوية اللازمة لمعالجته. والثالث، تأثيرات التغيرات الهرمونية على سلامة المهبل أو الجهاز البولي من الالتهابات، وهو ما بالأصل يتأثر سلباً بمرض السكري. لذا ترتفع احتمالات مشاكل الالتهابات النسائية بفعل عاملي السكري وبلوغ سن اليأس. والرابع، اضطرابات النوم التي تصاحب مرحلة بلوغ سن اليأس، وتأثيراتها السلبية المحتملة في ضبط نسبة سكر الدم. والخامس، اجتماع تأثير السكري وبلوغ سن اليأس على الإحساس والرغبة الجنسية للمرأة.

وهذه أهم الجوانب التي تُمثل نوعاً من التحدي حال اجتماع السكري وبلوغ سن اليأس. وهو ما يتطلب أولاً وقبل كل شيء تعاوناً أوثق مع الطبيب المُعالج لمرض السكري لديك، في جوانب اتباع إرشادات التغذية الصحية وممارسة النشاط البدني، وتكرار قياس نسبة سكر الدم، وتناول كميات الأدوية التي يصفها لك. والتعاون معه في الفحوصات المتبعة لمضاعفات السكري، مثل تحاليل للكوليسترول ووظائف الكلى وسلامة شرايين القلب وشبكية العين. هذا بالإضافة إلى معالجة تأثيرات التغيرات المصاحبة لبلوغ سن اليأس.

وأكرر أن اجتماع الحالتين يتطلب تعاوناً أكبر مع الطبيب، كي يُمكن تخطي المرحلة تلك وعيش ما بعدها بصحة وراحة.

* تغيرات ضغط الدم اليومية

* أتناول علاجا لخفض ضغط الدم، وتختلف لدي قراءات قياسه حينما أُجري ذلك في أوقات مختلفة من اليوم أو الأسبوع، هل يعني هذا أن لدي مشكلة؟

مايا خوري- لبنان ـ هذا ملخص سؤالك. والمشكلة هي حينما لا تتحقق الغاية من العلاج، وهي ضبط الارتفاعات غير الطبيعية فيه، كي تكون ضمن ما هو طبيعي. وعبارة «طبيعي» تعني القراءات التي ثبت علمياً أنها لا ترفع من احتمالات الإصابة بمضاعفة ارتفاع ضغط الدم، وتحديداً على القلب والدماغ والكلى والعينين. وضغط الدم الطبيعي هو ما كان 120/80 ملم زئبق وأقل. أما القراءات ما بين 120-139/80-89 فهي وإن كانت لا تُعتبر ارتفاعاً مرضياً، إلا أنها تُصنف «مرحلة ما قبل ارتفاع ضغط الدم». ويجب خفضها إلى ما هو «طبيعي»، لان لها تأثيرات سلبية محتملة. أما ما كان 140/90 وما فوق، فهو بكل الأحوال، ولكل الأعمار، أمر غير طبيعي. وبالنسبة لاختلاف قراءات قياس الضغط من وقت لآخر، فإن علينا أن نتنبه إلى أن ضغط الدم شيء متغير. ولذا فإن من الطبيعي أن يختلف من دقيقة إلى دقيقة خلال الساعة الواحدة، ويختلف في ساعات الليل عن ساعات النهار، وخلال أوقات الراحة عن أوقات العمل أو التفاعل النفسي والبدني. بل ويختلف فيما بين الصيف وبين الشتاء. وبالعموم، فإن ضغط الدم أعلى في الشتاء مقارنة بالصيف. والاختلاف ليس سببه الوحيد هو برودة الطقس في الشتاء وارتفاع الحرارة في الصيف، بل ثمة أسباب غير مفهومة حتى اليوم. وهذه الملاحظة الطبية، وإن كانت في ظاهرها أكاديمية، إلا أن لها تطبيقات عملية مهمة، أهمها ضرورة ضبط كمية جرعات الأدوية حال ظهور اختلافات واضحة في مقدار قراءات قياس ضغط الدم عند تغير الفصول.

وخلال اليوم الواحد للأصحاء من الناس، عند عيشهم نمطاً طبيعياً في أوقات النوم والاستيقاظ، يكون ضغط الدم أقل في ساعات الليل، أي خلال مراحل النوم. وما أن يستيقظ المرء ويتحرك، حتى يبدأ ضغط الدم بالارتفاع المتقلب، وفق مقدار الجهد البدني والتفاعل النفسي مع ما يُحيط به في المنزل أو العمل أو الشارع. ويبلغ أعلى معدل للارتفاع خلال اليوم الواحد، في مرحلة منتصف ما بعد الظهر، أي أوقات العصر. ثم بدءا من أواخر ما بعد الظهر، وبعد مغيب الشمس، ينخفض تدريجياً مقدار ضغط الدم. لكن هذا الإيقاع اليومي والطبيعي قد يختلف لدى المُصابين باضطرابات في الغدد الصماء أو وظائف الكلى، أو من يتناولون أدوية من الكورتيزون أو مشتقاته. وكذا لدى الإكثار من تناول مادة الكافيين أو التدخين أو عيش حالات من التوتر النفسي والعاطفي.

وبالنسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم، ممن يتناولون علاجات لخفضه، فقد يختلف أيضاً لديهم هذا الإيقاع اليومي للأسباب المتقدمة، ولأسباب أخرى تتعلق بعلاجات ضغط الدم، أي حينما لا تُفلح كمية العلاج المُتناولة في ضبط مقدار قراءات قياسه لجعلها طبيعية، أو حينما يتم تناول العلاج في أوقات مختلفة من الليل أو النهار. ولذا ينصح الطبيب عادة، حين وجود تباين واضح في قراءات ضغط الدم خلال اليوم الواحد، بطلب إجراء فحص قياس ضغط الدم خلال كامل الـ 24 ساعة. وهو ما سيُمكن الطبيب من ضبط كمية جرعة الدواء، وضبط أيضاً وقت تناوله. والسبب أن أدوية معالجة ضغط الدم ليس صحيحاً انها يجب تناولها فقط في الصباح. بل الصحيح أن يتم تناولها قبل الأوقات التي يلحظ الطبيب أن القراءات أكثر ارتفاعاً فيها. خاصة تلك الأنواع التي يتم تناولها مرة واحدة في اليوم. وما أنصحك به، بعد هذا، أن تتم المتابعة مباشرة مع طبيبك حول هذه الاختلافات التي تبينت لك ملاحظتها.

* الكافيين والصداع وسكر الدم

* هل عدم تناول الكافيين سبب في الصداع، وهل من أضرار للكافيين على نسبة سكر الدم؟

نزار بخاري- جدة ـ الكافيين سلاح ذو حدين بالنسبة للصداع، لأنه يُمكن الاستفادة منه لعلاج الصداع، كما أنه قد يكون سبباً في الإصابة بالصداع. وأساس التعامل السليم والصحي مع المواد والعناصر الغذائية التي نتناولها هو فهم تأثيرها في الجسم، وإدراك أن الاعتدال في التناول هو الأفضل. ويُعتبر الكافيين أحد أكثر وأهم العقاقير المستخدمة طبياً. لأنه، وببساطة شديدة، موجود في أكثر أنواع الأدوية استخداماً، وهي مُسكنات الألم. ودواعي إضافة الكافيين إلى مُسكنات الألم، كالباندول وغيره، تشمل ثلاث فوائد طبية. الأولى، أن هذه المُسكنات تعمل في الجسم بشكل أفضل حين وجود الكافيين معها، وتحديداً يزداد التأثير الإيجابي لها بنسبة قد تصل إلى 40%. والثاني، أن امتصاص الأمعاء لهذه المُسكنات يزداد حال وجود الكافيين معها. والثالث، ونتيجة للعنصرين المتقدمين، فإن كمية الدواء التي يحتاجها الجسم للتخلص من الألم ستكون أقل. ومعلوم أن «دواء أقل» يعني «ضررا أقل».

هذا من جانب العلاج بالكافيين. ومن جانب آخر، قد يتسبب الكافيين في حصول الصداع، وذلك عبر آليتين. الأولى هي الإكثار من الكافيين، مثل عند تناول أدوية مسكنة للألم تحتوي على الكافيين مع الإكثار من تناول مأكولات أو مشروبات تحتوي أيضاً على الكافيين. ويُؤدي هذا التراكم غير المحسوب للكافيين في الجسم إلى الشعور بالصداع. والآلية الثانية ناتجة عن التوقف عن تناوله. ويتسبب الانقطاع المفاجئ عن تناول الكافيين بالشعور بالصداع، أي من نوع أعراض «الانسحاب» عن تناول الكافيين. لكن هذا الصداع الخاص للكافيين لا ينشأ إلا حين استمرار شخص ما في تناول كميات عالية من الكافيين، أي أكثر من 600 ملغم يومياً، وبشكل يومي، ولمدة طويلة، ثم يتوقف فجأة عن تناوله. وبالإشارة إلى الشق الثاني من السؤال، فإن نسبة سكر الدم لا تتأثر لدى الأصحاء من الناس بتناولهم للكافيين، في أي منتج غذائي كان، أي القهوة أو الشاي أو المشروبات الغازية أو الشوكولاته أو غيرها، طالما كانت خالية من السكر والدهون. لكن نسبة سكر الدم قد ترتفع شيئاً قليلاً بفعل تناول الكافيين لدى البعض من مرضى السكري. والسبب هو تلك التفاعلات العكسية بين الأنسولين وبين الكافيين. وكما سبقت الإجابة قبل بضعة أسابيع عن أن تأثير الكافيين في إدرار البول لا يحصل إلا عند تناول كميات عالية من الكافيين، فكذلك تأثير الكافيين على نسبة سكر الدم لا يظهر إلا عند تناول كمية تفوق حوالي 600 ملغم، أي قريباً مما هو في 6 أقداح من القهوة، الخالية من السكر، مثلاً.

ويظل الاعتدال في تناول الكافيين، أي حوالي 300 إلى 400 ملغم هو الأفضل لجسم منْ لا يُعانون من حساسية الكافيين.